غزة/ مها شهوان
لم يخطر ببال الأسير المحرر محمد الأي أن تكون تلك الطفلة التي كانت تزور والداها في زنازين الاحتلال زوجة له، خاصة انه كان يحتفظ بصورة لها و لإخوتها وهم صغار، حصل عليها من والدها حمودة الشرفا الذي كان يرافقه في زنزانته ، فالنصيب لعب دورا بان تكون أماني ضمن قائمة أسماء الفتيات اللواتي عرضن على محمد ليختار عروسته من بينهن.
وبابتسامة توحي بالأمل استقبلتنا زوجته أماني معتزة بنفسها كونها ابنة شهيد وزوجة أسير محرر تمنت أن يكون لها فور خروجه من السجن وبالفعل قد حقق حلمها.
شخص مقرب
تقول أماني للرسالة: "فور خروج محمد من السجن بيومين تقدم لخطبتي وبعد أيام قليلة تم إعلان زواجنا بحضور جميع الأقارب والأصدقاء واصفة عرسها بالمهرجان".
وأضافت أنه عندما تم الإفراج عن محمد تمنت أن يكون من نصيبها معتبرة ذلك حلما بسبب فارق السن الذي بينهما، مشيرة إلى أنها كانت في بالغ السعادة عند خروجه كونه أسيرا محررا لدرجة أنها أرسلت صوره لأقاربها بالخارج قائلة لهم :"نيالها اللي راح تأخذه".
أما عن خطوبة محمد لها قالت: "جاءت أمي لتحدثني بالأمر و قبل أن تتفوه أمي بكلمة واحدة قلت لها: محمد جاء لخطبتي فما كان ردي سوى توكلوا على الله، فردت أمي قائلة: ما خيبتي ظني ولا ظن أعمامك"، خاصة أن محمد كان شخصا مقربا إلي أهلي بشكل كبير".
جميع المحيطين بأماني من أقارب وأصدقاء أقلقوها من الارتباط برجل يكبرها بالسن أمضى حوالي 18عاما داخل سجون الاحتلال، معتبرين انه من الصعب أن يكون هناك جو من التفاهم بينهما.
وتابعت أماني:" لم اكترث كثيرا لكلام الناس وأصررت على قراري فبعد يوم من الخطوبة استغرب الجميع من علاقتي القوية بمحمد فشعرت بأنني اعرفه من قبل وهو كذلك، فرايته شخصا متفتحا ومتفهما للأمور بشكل كبير، فلم اشعر للحظة بفارق السن ".
وحينما ذهبت أماني برفقه أهلها وزوجها إلى المحكمة لعقد القران ظن الجميع بان محمد قد تزوج من قبل بسبب فارق السن ، مستغربين كيف لها أن تتزوج برجل قد يكون لديه بنات في عمرها ، لكن عندما أدرك الجميع أن محمد هو أسير محرر وأماني ابنه شهيد ساد جو من الفرحة والسعادة داخل المحكمة حيث جاء الجميع ليبارك هذا الزواج".
وذكرت أن من الأشياء الذي جعلتها توافق على محمد كزوج لها وجود الشبه بينه وبين والدها الشهيد فهو يحمل نفس حركاته أو كلامه وحتى طريقة لباسه ، مضيفة أنها تشعر بان الله قد عوضها وإخوانها بمحمد كونه أصبح الشخص المقرب لهم فهو يقف معهم بكل شيء منذ لحظة خروجه من الأسر .
وتمنت أماني أن تنجب أطفالا لكي تكمل فرحة محمد خاصة انه يحب الأطفال كثيرا ويتمنى أن يرزق بالأبناء ليعوض فترة حرمانه، موضحة أنها ستفعل كل ما بوسعها لتربية أبنائها على نهج والدهم.
** شخص عاطفي
بدوره تحدث الأسير المحرر محمد الأي للرسالة:" عند خروجي من السجن كان لدي ثلاثة أمنيات الأولى أن يثبتني الله على دينه معتبرا أن الدنيا مفاتن، والثانية أن أرى والدي على قيد الحياة والحمد لله تحقق الحلم خاصة أن أمي الآن قعيدة بسبب حزنها علي، بينما حلمي الأخير أن أتزوج وأكون أسرة".
و أشار إلى أن الجميع كان متعطشا لتزويجه فور خروجه من السجن محضرين له قائمة بأسماء بنات يختار إحداهن ليذهبوا لخطبتها وكان اسم أماني آخر اسم فالجميع كان مترددا لفارق السن.
وأوضح أن والد زوجته هو رفيق دربه بالجهاد، مضيفا ان فترة مطاردته كان يبيت وعدد من أصدقائه في منزل والد أماني فقد كان يعرف أماني وإخوتها وهم أطفال ولم يخطر بباله يوما أن تكون زوجة له .
وشكر الأي ربه بان عوضه السنين التي قضاها بالأسر بفتاة مثل أماني على خلق ودين، ويقول:" أحاول قدر المستطاع أن أعوض أماني وإخوتها حنان الأب الغائب، وفي اغلب الأحيان اعتبر أماني ابنتي وليست زوجتي انصحها وأوجهها".
ولفت انه أثناء فتره اعتقاله كان يرفض أن يخطب له أهله معتبرا أن السجين هو أكثر شخص عاطفي سواء تجاه أهله أو خطيبته.
ووصف محمد لحظة خروجه من السجن بأنه بالجنة فلم يصدق حتى اللحظة أنه تحرر فهناك عادات مازال مواظبا عليها كالاستيقاظ في ساعات معينة.
وعاهد نفسه فور خروجه من السجن أن يزور جميع الأصدقاء والأقارب ، ومن ضمن الأشياء التي تغيرت عليه فور خروجه من السجن أن النقود أصبحت لا قيمة لها واصفا نفسه بالمثل الذي يقول "بدوي ودخل المدينة".
فرغم العذاب والحرمان الذي يعاني منه أسرانا البواسل داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي إلا أنهم يخرجون من الأسر مفعمين بالأمل والإشراق ليمارسوا حياتهم الطبيعة وسط ذويهم.