مع غلاء المهور.. "الأقربون أولى بالزواج"

 

غزة/ أمينة زيارة   

يؤثر الكثير من الشباب الغزيين المقبلين على الزواج الاقتران بقريباتهم، فقد تشفع صلة القرابة لأحدهم فتكون سببا لتقليل الأعباء المالية المطلوبة من العريس لإتمام المراسم، بدءا بالمهر وانتهاء بصالة الفرح.

الكثيرون ممن خاضوا هذه التجربة يؤكدون أن الزواج من إحدى بنات العائلة فيه شيء من التعاون والتعاطف من قبل العروس وأهلها، مما يخفف من تلك التكاليف المبالغ فيها.

فهل يكون هذا الزواج هو أفضل خيار أمام الشباب لإكمال نصف دينهم؟ "الرسالة" دقت الأبواب واستمعت إلى أصحاب التجارب، خاصة في ظل المحاذير الطبية التي انتشرت بين الناس التي تبعدهم عن زواج الأقارب.

تخفيضات عائلية

"وسام وحسام" شابان من أسرة بسيطة عدد أفرادها يزيد عن التسع، بالكاد يستطيع الوالد مع الأبناء إيفاء متطلباتها الشهرية، فقد استيقظا على كابوس "لا يوجد تحويشة" مع أنهما في سن الزواج، ومع كثرة إلحاح الشابين طلباً للزواج، فكر الوالد في التقدم لطلب ابنتي أخيه أماني وهبة.

علم الأب أن شقيقه لن يرد طلبه وسيخفف من الأعباء المالية على أخيه ولا يطلب منه مهراً كثيراً أو صالة فخمة ووليمة، وبالفعل دق أبو وسام بيت شقيقه الذي رحب بالطلب وعقد القران بمهر قدره "300 دينار للعروستين.

ويقول العريس الأصغر حسام: في ظل الغلاء الفاحش وارتفاع المهور، يقف العريس مكبل اليدين أمام كم المتطلبات، مثمنا اختيار والده وتجاوب عمه في تسهيل ليس فقط في إتمام حفل الزفاف، بل حتى في تحضير مستلزمات العروس والأثاث.

بنشتري رجّال

"إحنا بنشتري رجال" بهذه الجملة عبر "أبو محمود" عن موافقته على تخفيف أعباء الزواج على من يتقدم لبناته خاصة إذا كان أحد الأقارب، وأوضح: من يتقدم لابنتي لا أملي عليه الشروط التعجيزية كالأسر الأخرى، بل أطلب منه أيسر الأمور، فنحن نشتري رجلا يحفظ لابنتنا كرامتها، مشيرا إلى المثل القائل: "حلاوة الثوب تكون رقعته منه وفيه".

الوضع الاقتصادي السيء وانتشار البطالة وغياب فرص العمل تساهم في إحجام الشباب المقبلين على الزواج عن طرق أبواب خارج أسرهم حتى لا تُملى عليهم شروط قاسية، لذا يجد الشاب "عز الدين" نفسه حائراً في كيفية تلبية متطلبات الزواج.

ويقول: اقترح علي والدي خطبة ابنة عمتي؛ لأنه كان يرى عدداً من التسهيلات التي قدمها زوج العمة "من نفس العائلة" عند تزويج بناته الأُخريات، ورحبت من ناحيتي بالفكرة خاصة عندما وجدت الكثير من التعاون بسبب ظروفي المادية.

وأضاف عز الدين: تنازل زوج عمتي عن إقامة حفلة الخطوبة، بل وساعدني في إقامة حفل الزفاف في ساحة بيته، وكانت جميع الأجهزة المنزلية كهدية لابنته، منوهاً إلى أن القرابة كان لها تأثير في هذا الموضوع.

شبح الغلاء

ومن جهتها أكدت الأخصائية النفسية والاجتماعية إيمان زيارة على أن ارتفاع تكاليف الزواج يشكل عائقاً حقيقياً أمام الشباب المقبلين على الزواج؛ مرجعة ذلك لزيادة الاهتمام بالماديات "المهر وحفلة الزفاف"، بالإضافة إلى البطالة الموجودة بين الشباب.

وتضيف أن ذلك جعل فكرة الزواج في حد ذاتها "شبحاً" للشباب، مما أدى إلى عزوف الكثير منهم عن التفكير فيه، خاصة عندما يرون واقع أصدقائهم الغارقين بالديون.

وحول اختيار الشباب للعروس من نفس العائلة توضح أن الزواج من الأقارب في هذه الحالة يقدم مساندات عائلية، تقليل المهر، والاستغناء عن إقامة وليمة أو فرح في قاعة ضخمة، وحتى موافقة العروس على السكن في منزل العائلة، مشيرة إلى إن صلة القرابة تشفع للعريس إذا كان الأهل يعلمون أن إمكاناته محدودة.

ورغم سلبيات زواج الأقارب، ورفض الكثير من العوائل له خوفاً من توارث الأمراض الوراثية، تؤكد زيارة، ان له آثارا ايجابية تتمثل في التعاون والتعاطف على عكس أن يكون العريس من خارج العائلة، مشيرة إلى أن الوعي الطبي خفف من حدة هذه التخوفات بعد تجربة الفحص الطبي قبل الزواج، مطالبة أولياء الأمور بالتخفيف عن الشباب وإعانتهم مصداقاً لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "زوجوهم وأعينوا عليهم"، فكلما كان الزواج أبسط كان أفضل للطرفين.

البث المباشر