وكأنه سباق مع الزمن، تتسارع فيه معاول الاستيطان لتلتهم الأراضي الفلسطينية فلا تكاد محركات الجرافات "الإسرائيلية" تهدأ يوما واحدا، وتريح الأرض والحجر والبشر من سطوتها.
ويستيقظ أهالي الضفة مع كل إشراقة شمس، على أخبار مصادرة المزيد من أراضيهم بهدف التوسع الاستيطاني، بينما تمضي "المفاوضات"، دون الاكتراث بسرقة الأرض وقتل البشر.
وارتفعت وتيرة أعمال التوسعة "الاستيطانية" بشكل كبير في الآونة الأخيرة، حيث أُعلن عن البدء في إنشاء عدد من البؤر "الاستيطانية" في عدة مناطق بالضفة المحتلة، لا سيما في المناطق الشمالية، حيث تشهد محافظة سلفيت أعمال حفر وتجريف مستمرة لبناء "مستوطنة" جديدة على أراضي قرية دير بلوط الواقعة إلى الغرب من مدينة سلفيت.
"دغلس: حكومة الاحتلال شرعت بأعمال تجريف لأراضي دير بلوط لإقامة مستوطنة
"
وقال مسئول ملف الاستيطان بالضفة غسان دغلس في حديث لـ"الرسالة نت" إن حكومة الاحتلال شرعت منذ أيام بأعمال تجريف لأراضي قرية دير بلوط وكفر الديك، بهدف إقامة "مستوطنة" جديدة عليها.
وأضاف:" تقام على أراضي دير بلوط مستوطنتين، ويجري العمل على بناء مستوطنة ثالثة".
وأشار دغلس إلى أن حكومة الاحتلال لا تأبه بالحراك الدبلوماسي لوزير الخارجية الأمريكي جون كيري في المنطقة من أجل التسوية، كما أن أعمال التوسعة رسالة له بأن المفاوضات لن توقف الاستيطان.
وفيما يتعلق بالقضايا التي يرفعها أصحاب الأراضي المصادرة بمحكمة العدل العليا "الإسرائيلية" وصفها بأنها تضييع للوقت، حيث أن هناك قرارات صدرت منذ عام 2005 بإخلاء مستوطنة حومش وغيرها لكن لا شيء ينفذ على أرض الواقع.
منع التمدد العمراني
من ناحيته, أشار رئيس بلدية دير بلوط كمال موسى إلى أن هناك عشرات الإنذارات التي وجهت لأهالي القرية لاقتلاع أشجار الزيتون، وعدم التمدد العمراني، وعدم التجديد بالبناء في المناطق المصنفة (c) حسب اتفاقية أوسلو والتي تتبع إدارتها لحكومة الاحتلال، وبذلك تمنع الفلسطينيين من البناء في تلك المناطق وتهددهم بمصادرة أراضيهم وضمها "للمستوطنات".
ويضيف لـ"الرسالة نت" :"هناك منازل مبينة ومرخصة منذ العهد العثماني، وأخرى من السبعينات والثمانيات من القرن الماضي، ومنع أصحابها من تجديدها".
وتصادر قوات الاحتلال 28 ألف دونم من أراضي قرية دير بلوط شرقا وغربا، وتمنع التمدد العمراني على آلاف الدونمات الأخرى.
وفي الجهة الشرقية يمنع المزارعون من فتح طرق زراعية حتى يتمكنوا من الوصول لأراضيهم، وفي الجنوب هناك 35 بناء غير مرخص بحجة أنها مناطق (c)، وفي المنطقة الغربية يوجد إنذار من الاحتلال بعدم توسعة الطريق العام هناك.
وإلى الشمال من قرية دير بلوط أيضا تمنع قوات الاحتلال المواطنين من التوسع العمراني، كما تمنع امتداد خطوط المياه والكهرباء.
منع استصلاح الأراضي
ولا تتوقف معاناة أهالي القرية عند هذا الحد، حيث كان جدار الفصل العنصري يهدد آلاف الدونمات بالمصادرة، إلى أن تمت إزاحته لمسافة كيلو متر، وصودرت 7-8 آلاف دونم خلف الجدار، بينما يمنع أصحاب الأراضي المحاذية للجدار من استغلالها وزراعتها.
ويشير رئيس البلدية إلى أن المنطقة الجنوبية في دير بلوط يعتبرها الاحتلال محميات طبيعية، ويمنع المواطنين من دخولها أو الزراعة بها، على الرغم من أنها منطقة مزروعة بمئات أشجار الزيتون، وهي مهددة بالمصادرة أيضا.
"موسى: هناك عشرات الإنذارات التي وجهت لأهالي القرية لاقتلاع أشجار الزيتون
"
وأوضح أن الاحتلال يسعى لتخريب المحاصيل الزراعية في أراضي القرية، من خلال نشر الخنازير في الحقول ، حيث تأتي على تلك المحاصيل وتتلفها، كما حصل في المرج الواقع على مدخل القرية والذي تبلغ مساحته 2000 دونم، مزروعة بمحاصيل صيفية لعدم توفر الماء الكافي لزراعات أخرى.
ويوجد في قرية دير بلوط عددا من الأماكن الأثرية التي تسيطر عيها قوات الاحتلال، مثل دير سمعان ودير قلعة التي تعود للعصر الصليبي، كما يوجد بالقرية أماكن تاريخية وأثرية مثل بيت زنون، ومقام الشيخ إبراهيم، أم الحمام، خربة مسمار وخربة دير دقلة، وخربة كسفة.