قائد الطوفان قائد الطوفان

الحرب الصليبية الجديدة

الحجاب والمآذن.. عناوين المواجهة في أوروبا

الرسالة.نت –محرر الشئون الدولية  

الجدل الذي ما زال  يسيطر على الشارع الفرنسي بعد  أن أوصت لحنة برلمانية بضرورة منع النساء المسلمات من ارتداء النقاب في الأماكن العامة وهي الفتوى التي انضم الى تأييدها رئيس الوزراء الفرنسي ساركوزي، لا يعكس حالة عابرة أو موقفا شاذا في فرنسا بقدر ما يعبر عن ظاهرة عامة زحفت على معظم العواصم الغربية ضد المظاهر الإسلامية للحيلولة دون ظهورها في الحياة العامة في تلك المجتمعات، ومنع تمتع مواطنيها المسلمين من أية مظاهر خاصة سواء في اللباس أو طقوس العبادة أو المظاهر العامة أو المعالم الدينية.

من فرنسا إلى ألمانيا ، إلى بريطانيا، إلى هولندا، إلى ايطاليا، إلى سويسرا، .. إلى باقي أقطار القارة قضية واحدة عنوانها المظاهر الإسلامية التي تهدد هوية تلك المجتمعات، والوجود الإسلامي الذي ينذر بانقلاب هذه المجتمعات من مجتمعات مسيحية إلى مجتمعات إسلامية.

هذه الأيام تشهد حملة واسعة  ضد النقاب تقودها النائبة الألمانية التركية الأصل اكين دليغوز من اجل إقناع المسلمات المقيمات في ألمانيا بنزع الحجاب وأوضحت اكين دليغوز، نائبة رئيس كتلة الخضر البرلمانية في حديث لوكالة فرانس برس "هدفي توجيه نداء إلى النساء للتحكم في مصيرهن".

وتابعت "الحركة النسائية قامت على هذا المبدأ: انتن النسوة، يجب إن تنهضن دفاعا عن حقوقكن!"، وبحسب زعمها تقول "اعتبر الحجاب رمزا سياسيا، مضيفة ان الحجاب مؤشر على سيطرة الأب والرجل التي تعرف بخضوع المرأة.

 وفي بلجيكا يحتدم الآن النقاش حول "الزي الإسلامي" ويقوم اليمين المتطرف بحملة شعواء ضد المسلمين، بحجة إخفاقهم في الاندماج في المجتمع البلجيكي،  ويسعى سياسيون وأعضاء في البرلمان لاستصدار قانون يمنع النقاب والبرقع في الأماكن العامة.

وفي بريطانيا أعربت أغلبية من البريطانيين عن تأييدها لمنع ارتداء الحجاب في الأماكن العامة والمدارس، حسب ما اظهر استطلاع للرأي أعده معهد "أنجوس ريد". وقال 72% من أصل 2001 بريطاني من الراشدين أيدوا منع البرقع الذي يغطي الجسم كليا من الرأس إلى أخمص القدمين، في الأماكن العامة. وأراد 79% إلغاءه في المدارس والجامعات والمطارات، وفي الدنمارك يجري الإعداد لاستصدار قانون يمنع ارتداء الحجاب والنقاب في المدارس والجامعات والأماكن العامة وأماكن العمل، كما يجري التحضير لقوانين مماثلة في عدد من الدول الأوربية في الآونة الأخيرة من أبرزها النمسا وايطاليا وهولندا وغيرها.

هذه الحملة على الحجاب والنقاب في اوربا هي نوع من الحروب التي تشهدها القارة ضد تنامي مظاهر الاسلمة في أوربا من جهة وتنامي أعداد المسلمين في أوساط السكان المحليين الذين بدأوا يسعون الى المطالبة بحقوقهم الخاصة الدينية التي تكفلها القوانين والدساتير المعمول بها في تلك الأقطار إضافة الى القوانين والأعراف الدولية الضامنة لحقوق الإنسان وحقوق الديانة والطقوس والتعبد، وهو ما اثار حفيظة الجهات والأحزاب اليمينية المتشدد والمسيحية المتعصبة والتي بدورها حرضت الرأي العام ومؤسسات الدولة في تلك الأقطار للوقوف في وجه هذه المظاهر واستخدام سلطة الدولة في منعها ومقاومتها.

واما الجانب الآخر لهذه الظاهرة فقد تمثل في الحملة على المآذن والمراكز الإسلامية التي باتت مصدر اشعاع ثقافي وديني وتربوي في أوربا، وبدأت تغزو كل المدن الأوربية الكبرى وتشكل معالم واضحة في حضارة وهوية تلك المدن.

ما أقدمت عليه سويسرا في شهر نوفمبر الماضي بمنع إقامة المآذن الإسلامية وهو القرار الذي أثار بلبلة وجدلا لم يهدأ حتى الآن في عموم أوربا والعالم اجمع إنما جاء في سياق محاولة تسييس هذه الظاهرة في أوربا ليصار إلى إخراجها عن القوانين المعمول بها في أوربا وبالتالي حظرها ومنعها بعد أن بدأت ان تنتشر في عموم القارة ومدنها الرئيسية وفق الأسس القانونية المعمول بها في تلك الدول خصوصا وان كثير من تلك المؤسسات التي تحولت الى إسلامية سواء كمساجد للصلاة او مراكز تعليمية او ترفيهية إسلامية كانت كنائس مهجورة او مرافق تتبع للكنائس تم إهمالها وهجرها ومن ثم بيعها لمن أراد، لذا لم يكن أمرا عاديا أن تتحول المظاهر الإسلامية إلى قضية وطنية وقومية أمام البرلمانات الأوربية من أجل مناقشتها ووضع القوانين التي من شأنها أن تمنع مواطني هذه الدول من الظهور بالمظاهر الإسلامية أو إقامة أية منشآت أو مرافق إسلامية فيها باعتبارها تتعارض مع هوية القارة العلمانية والمسيحية.

وتشير التقارير إلى أن معظم الدول الأوربية تناقش استصدار مثل هذه القوانين لكن تجد صعوبة في إقرارها لأنها تتعارض مع القيم الديمقراطية من جهة وتمس حقوق الإنسان.

في فرنسا وبعد 200 جلسة للجنة البرلمانية التي شكلت لمناقشة حظر الحجاب لم تستطع سوى من استصدار توصية تدعو لحظر الحجاب لكنها غير ملزمة للدولة ولا لمؤسساتها، برغم ذلك ترك إلى البلديات والهيئات المحلية ان تتخذ من جانبها ما تراه مناسبا من إجراءات لمنع الحجاب او ما شابه ذلك من المظاهر الإسلامية في الحياة العامة، كما ان معظم الدول الأوربية الآن شبه توافقت على منع عمل المرأة المحجبة سواء في القطاع الحكومي أو الخاص، وأيضا منع الرجل الملتحي من العمل إلا بعد التخلي عن مظهره الإسلامي.

 

البث المباشر