قائد الطوفان قائد الطوفان

"خطّاب" يحرر "إسلام" من سجن أريحا!

(صورة أرشيفية)
(صورة أرشيفية)

غزة-محمد بلّور

يوزع "خطّاب" الابن الصغير "أربعة شهور" الأمل بسخاء على وجدان الزوجين "إسلام حامد" و"ريمان الصالحي" بعد أن فرقهما السجن بعيد زواجهما بأسابيع.

الآن انضم ضيف جديد للحافلة المسافرة من بلدة "سلواد" قضاء رام الله إلى سجن أريحا ليشارك في زيارة أبيه المعتقل هناك فيبكي أحياناً ويبتسم مرات أخرى طوال الطريق.

وكانت أجهزة السلطة برام الله قد حكمت على الشاب إسلام حامد 28 سنة بالسجن ثلاث سنوات بتهمة مناهضة السلطة رغم حصوله على قرار بالإفراج من المحكمة العليا برام الله في وقت سابق.

أمضى حامد كامل المدة في عدة سجون معظمها في سجن أريحا حبيساً في حجرة انفرادية تعرض فيها للعزل ومنع من الفورة والاجتماع بالآخرين طوال فترة السجن .

مسجون بعد الإفراج

منذ أن حلّ "خطّاب" ضيفاً على الأسرة الصغيرة أخذ براحة والده واخترق جدار الصمت متخطياً كافة القضبان الباردة في سجن أريحا فلاحت الحرية أمام عيني إسلام.

تطول سلسلة الحديث عن قصة حامد الذي اعتقل خمس مرات رغم صغر سنه الأولى لدى الاحتلال حين كان في السابعة عشرة من عمره وعندما نال حريته اعتقل سنة 2008 سنتين أخريين.

كما اعتقل قبل ثلاث سنوات بتهمة تنفيذ عملية إطلاق نار على الاحتلال أدت لإصابة اثنين من مستوطنيه وفي إبريل سجن في سجن أريحا وقد أضرب عدة مرات مع كثير من المعتقلين مطالباً بتحسين ظروف حياته.

تقول ريمان زوجة إسلام إنها زارته الأسبوع الماضي وأنه أنهى حكمه بالسجن لكن أجهزة السلطة تصرّ على بقائه في السجن ليصبح مصير حريته مجهولا-كما تقول.

وتضيف: "مشكلته الكبرى أنهم في سجن أريحا يحرمونه الخروج من حجرته الانفرادية مدة طويلة ويمنعون عنه كثيرا من الاحتياجات وبعد كل ذلك يقولون له أنت لدينا ضيف ! ".

لا يحصل إسلام على حصته من فترة الاستراحة "الفورة" كبقية السجناء فنصيبه من "الفورة" فقط ساعتين وكثيراً ما يحرموه منها ويبقوه في حجرته الانفرادية لأتفه الأسباب وقد مكث قبل فترة شهر ونصف دون أن يخرج.

نصيبه من الهاتف كل يوم ساعة ونصف لكن السجانين يقتحمون عليه حجرته بين لحظة وأخرى محتجين بوجود أعمال لهم وانشغالهم بأمور تدفعهم لاقتحام الحجرة.

وتؤكد زوجته أن أوقات الزيارة تخترقها كثير من المنغصات التي لا تترك إسلام ليجتمع بزوجته وأهله، والأهم مؤخراً رؤية طفله الصغير بعيداً عن أجواء السجن.

 الأسوأ من ذلك أنه يخضع لانتقام جماعي في مناسبات عدة فكلما حدث حادث أو صدر موقف من حركة حماس لا يعجب إدارة سجن أريحا يتعرّض إسلام من جديد للمنع من الخروج فترة طويلة.

عن ذلك تضيف زوجته: "إذا صار تطور بالخليل أو نابلس ينزلوه جولة تحقيق من جديد وإذا صرّح أحد قادة حماس بشيء أغلقوا عليه حجرته ومنعوه من الفورة".

الضيف المعتقل!

من ناحية قانونية من حق المعتقل حامد أن ينال حريته نظراً لانتهاء مدة الحكم كاملة لكن استمرار اعتقاله يجعل مصيره مجهولاً خاصة أن قوات الاحتلال تتهمه بالضلوع في مقاومتها.

"وعدوه أن يخرج عندما ينتهي الحكم والآن يبقوه معتقلا!"، تضيف زوجته، "وهو يقول إن حياته صعبة ويريد حياة كريمة وأكثر ما يؤرقه أن مصيره مجهول هل سيبقى في سجن أريحا أم لا ! وأحيانا يعدوه أنهم سينقلوه لرام الله".

مرت السنوات الثلاث الماضية صعبة جداً على أسرة إسلام خاصة زوجته حديثة الارتباط به وقد تجشمت أسرته آلام سجنه وعانت كل أسبوع وهي تحاول الوصول لسجنه لزيارته.

عن ذلك تتابع: "نركب سيارة كل أسبوع ونصل حسب ظروف الطريق وأحياناً نصل متأخرين فيمنعونا من الزيارة وهو متعب جداً من ظروف سجن أريحا الحار جداً في الصيف".

 تمكن إسلام بعد رحلة طويلة من المطالبات لقاء زوجته حيث كان قد طالب بذلك مرات كثيرة وأضرب عن الطعام مرات أكثر أملاً في تحسين ظروف حياته.

خطّاب الصغير

حملت ريمان من إسلام وقبل 4 شهور فقط وضعت طفلهما الصغير "خطّاب" الذي غيّر مسار الرحلة وأشعل المصابيح على جانبي طريق المعاناة المظلم .

 مرت شهور الحمل بشدة انتباه ومعاناة كبيرة حتى وصل الضيف الصغير خطّاب الذي ينال الآن مكانةَ خاصة لدى إسلام فلا يكف عن السؤال عنه والتوصية به .

 عن يوم الميلاد تضيف: "كان صعب جداً أن أنجبه وأبوه مسجون وليس بجواري لكن الحمد لله جاء خطاب وملأ الدنيا علينا..! وفي كل زيارة يراه ويكون ملهوفا عليه ويتشوق للخروج ورؤيته أكثر".

يمضي جزء كبير من ساعات الزيارة وإسلام وريمان يتفقان على مستقبل خطّاب يوصيها بالانتباه لصحته وتدريسه القرآن والصلاة عندما يكبر لينشأ على الإسلام.

 أما والدة إسلام فتأمل أن ينال ابنها حريته ويسافر خارج الوطن ليبتعد عن خطر الاحتلال وظلم السلطة ويعيش بكرامة الإنسان -كما تقول.

 وتضيف للرسالة: "أمضى أكثر من عشر سنين بعيداً عني في سجون الاحتلال والسلطة والآن لا أريده أن يعود لمراكز التحقيق أريده أن يحيا حياة طبيعية فهو أمضى مؤخراً 3 سنوات منفرداً لم يجتمع بأحد".

 وتعرب الأم عن سعادتها بحفيدها الجديد "خطّاب" الذي أسعد العائلة كلها خاصة في ظل بقاء إسلام رهن السجن حيث كانت فرحتها كبيرة بمولده.

 وتطالب والدة إسلام المسئولين الفلسطينيين كافة في الحكومة الفلسطينية بإنهاء معاناة ابنها كما تطالب إدارة السجن معاملته كسجين فلسطيني وحمايته من بطش الاحتلال وتحريره من الحبس الانفرادي.

 ولا يجمع إسلام بزوجته ريمان سوى تلك المكالمة الهاتفية المتكررة التي تصل حجرته في سجن أريحا بمنزله الصغير في رام الله والتي تعطرها أنفاس الصغير "خطّاب" الراقد في حضن أمه.

 

البث المباشر