قائمة الموقع

جغرافية الضفة تتيح للمقاومة المشاغبة عسكريًا

2013-09-26T07:02:13+03:00
شاب فلسطيني يلقي الحجارة على الاحتلال(ارشيف)
غزة- أحمد الكومي

اكتسبت عمليتا قلقيلية والخليل اللتين قُتل فيهما جنديان (إسرائيليان) أهمية مضاعفة مع الحديث عن احتمالية اندلاع انتفاضة ثالثة في الضفة المحتلة، وهذه الانتفاضة تُتيح لها جغرافية الضفة "المشاغبة" عسكريًا بخلاف غزة التي فرضت بساطة جغرافيتها تكتيكات قتالية صعبة للغاية.

وبينما شكلت العمليتان ضربة لمنظومة الأمن (الإسرائيلي) وأحدثتا إرباكًا كبيرًا في أوساط قيادة جيش الاحتلال، تنفس الفلسطينيون الصعداء وصار لسان حال بعضهم يقول: "إن كان لا بد من ربيع عربي فليس أجمل من ربيع فلسطيني مسلح".

ويأمل الفلسطينيون في اندلاع انتفاضة ثالثة حقيقية على غرار الأولى والثانية، بل أشد، رغم أن عمليتي قلقيلية والخليل جاءتا "فردية نوعية" تحت دافع الغضب مع الاحتلال.

الواقع الميداني في الضفة يطلعنا على صورة مغايرة تمامًا، فالتنسيق الأمني وتقطيع أوصال الضفة ضيّقا الخناق على المقاومة هناك ما أفضى إلى كبح جماح العمليات المسلحة.

ولكن خبراء أمنيين وعسكريين رأوا أن جغرافية الضفة رغم الملاحقة المزدوجة للمجاهدين تتيح للمقاومة "المشاغبة" عسكريًا كتلك الفترة التي كانت فيها حركة حماس في قطاع غزة -المعارِضة آنذاك- تناور قوات الاحتلال عسكريًا بعمليات كر وفر.

أهداف إستراتيجية

القائد القسامي الأسير المحرر حسام بدران قال في تصريح نقله الموقع الإلكتروني للقسام: "إن للمخيمات في الضفة ظرفها الخاص وتركيبتها المميزة التي تؤهلها لتكون وقود المعركة ومشعلة الانتفاضة من جديد".

أما الخبير الأمني هشام المغاري فقال لـ"الرسالة نت": "يسهل على رجال المقاومة في الضفة ممارسة عملهم نظرًا إلى طبيعتها الجبلية المرتفعة"، وذكر أن في الضفة "جوانب ذات بُعد إستراتيجي" أهمها قرب حدودها من المدن والمناطق الحيوية لـ(إسرائيل).

وأشار المغاري إلى أن الضفة تطل على 67% من المجتمع (الإسرائيلي)، "بمعنى أن (الإسرائيليين) في مرمى نار المقاومة، كما تطل أيضًا على 80% من المرافق الحيوية".

واستشهد بمطار (بن غوريون) (الإسرائيلي) بصفته هدفا إستراتيجيا، مضيفا: "يبعد المطار حوالي 6 كم عن حدود الضفة".

وتبلغ مساحة الضفة 5661 كم2 أي ما يقارب 21% من المساحة الإجمالية لفلسطين، ومنذ احتلال (إسرائيل) لها وقطاع غزة عام 1967 شرعت في إصدار الأوامر العسكرية بإعلان مساحات شاسعة فيها مناطق عسكرية مغلقة.

ويظهر التقرير الشهري الصادر عن جهاز الأمن العام (الإسرائيلي) (الشاباك) عجز منظومة أمن الاحتلال في الضفة، إذ أبرز التقرير ارتفاعًا ملحوظًا في عدد العمليات المعادية التي نفذها فلسطينيون ضد أهداف (إسرائيلية).

وسجل التقرير وقوع 68 عملية في الضفة في شهر آب/أغسطس الماضي مقابل 50 في يوليو!

ويشير الدكتور عدنان أبو عامر المحلل والكاتب السياسي في مقالة له نشرها (المونيتور) إلى أن المظهر الغالب على العمليات المسلحة السائدة في الضفة يكمن في عمليات إطلاق النار التي تطال قوات الاحتلال ومواقعه العسكرية والمستوطنين ووسائل نقلهم ومواصلاتهم.

وقال أبو عامر إنه أسلوب قد لا يحتاج عناء أو تخطيط كثيرا مقارنة بأنواع العمل الأخرى التي تتطلب الدقة والتخطيط السليم لضمان نجاح التنفيذ كالعمليات الاستشهادية واقتحام المستوطنات ووضع العبوات الناسفة.

حالة احتقان

ويتنوع الاستهداف الفلسطيني للأهداف (الإسرائيلية) في الضفة ليأخذ شكل إطلاق النار على مستوطنة حينا أو موقع عسكري حينا آخر، وعلى قافلة أو سيارة عسكرية أو استيطانية حينا ثالثا، أو أي هدف يتاح للفصائل الفلسطينية المسلحة.

ويؤكد الخبير المغاري أن أي أي تطوير لنشاط المقاومة وتكتيكاتها في الضفة سيكون له الأثر الكبير على الاحتلال "بدليل أن معظم العمليات الاستشهادية التي جرت في انتفاضة الأقصى انطلقت من الضفة وحققت نجاحات كبيرة".

وقال: "لو افترضنا أن المقاومة هناك امتلكت ما تمتلكه نظيرتها في غزة (سلاح المدفعية على وجه الخصوص) فإن ذلك سيشكل خطورة عالية على مواقع كثيرة للاحتلال".

أما الخبير العسكري واصف عريقات فرأى أن الوضع في الضفة المحتلة مختلف تمامًا عن قطاع غزة، وقال: "هناك قيود على المقاومة المسلحة في الضفة".

وأضاف عريقات لـ"الرسالة نت": "يمكن في غزة أن يكون هنالك مجال للعمل العسكري".

وبالحديث عن غزة، فقد أبدع المقاومون الفلسطينيون وفق خبراء تكتيكات قتالية عالية المستوى في مواجهة العدوان (الإسرائيلي) على القطاع علما أن الجغرافيا في غزة فرضت على المقاومة نوعا صعبا من التكتيك العسكري.

كما إن مجال المناورة في غزة ضيق جدًا، وفرض خيار الصمود في بقعة ضيقة جدًا بخلاف الضفة ذات المساحات الشاسعة والجبلية.

ورغم الفارق الهائل في العتاد بين رابع أقوى جيش في العالم والمقاومة الفلسطينية، فإن الأخيرة تمتلك العنصر المهم في النصر وهو الإرادة، كما تحدث القائد القسامي حسام بدران.

وبشأن احتمالية اندلاع انتفاضة ثالثة في الضفة، قال الخبير عريقات: "الشعب هو صاحب الإرادة في هذا الموضوع".

وغالبية الشعب وفق استطلاع رأي أجراه مركز "بيو" للبحوث في أمريكا تريد انتفاضة مسلحة.

وأظهر هذا الاستطلاع أن نحو نصف الفلسطينيين (45%) الذي يقطنون في أراضي السلطة يرون أن المقاومة المسلحة تمثل أفضل السبل للوصول إلى دولة للفلسطينيين.

ويرى المغاري أخيرا أن العامل الأساسي لاندلاع انتفاضة "حالة الاحتقان عند الشعب"، وقال: "اليوم حالة الاحتقان موجودة، لذلك فإن عوامل بروز الانتفاضة وتفجرها متوافرة أيضًا (...) المهم الآن ساعة الصفر".

اخبار ذات صلة