بين الفينة والأخرى، يلوح قادة الاحتلال الإسرائيلي بمزيد من التسهيلات الاقتصادية للفلسطينيين، لتلميع صورته أمام العالم الغربي، والتي كان آخرها تصريحات وزير الشؤون الاستراتيجية يوفال شتاينتس الذي قال إن حكومته وافقت على إدخال مواد البناء إلى قطاع غزة.
وتأتي هذه التسهيلات المزعومة من قبل الاحتلال في ظل الحملة المصرية على معبر رفح البري وتدمير مئات الأنفاق، الأمر الذي زاد من شدة الحصار المفروض على القطاع منذ سنوات.
وعلى الرغم من أن هذه التسهيلات تعمل على تخفيف حدة الوضع الاقتصادي بغزة ولو قليلا، إلا أنها –وفق محللين- خطوة غير كافية ولا تحل مشكلة الحصار بغزة.
ومنذ شهر ديسمبر/ كانون الثاني 2006 تفرض "إسرائيل" حصارا على غزة، شددته في شهر يونيو/حزيران 2007، وتمنع إدخال غالبية البضائع ومواد البناء إليه.
كما يواصل الجيش المصري حملته الأمنية على الأنفاق الحدودية التي لجأ الفلسطينيون إليه اضطراريا، فيما يفتح معبر رفح بشكل جزئي وعلى فترات متقطعة منذ عزل الرئيس محمد مرسي في 3 يوليو/ تموز الماضي بحجج أمنية.
مزاعم اسرائيلية
بدوره، قلّل النائب جمال الخضري رئيس اللجنة الشعبية لمواجهة الحصار من أهمية المزاعم (الإسرائيلية) حول رفع بعض القيود المفروضة على الأراضي الفلسطينية، والسماح باسيتراد مواد بناء إلى قطاع غزة.
وقال الخضري في بيان وصل لـ"الرسالة نت"، إن إسرائيل تخترق القانون الدولي بحصار غزة باعتباره عقوبة جماعية وانتهاكا فاضحا لمواثيق الأمم المتحدة واتفاقية جنيف والإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
وطالب الخضري المجتمع الدولي بضرورة التنبه لهذه التصريحات واتخاذ الخطوات القانونية لرفع الحصار عن غزة، مشيراً إلى أن إسرائيل ما تزال تحاصر القطاع براً وبحراً وجواً.
وشددّ على أن دخول كميات من مواد البناء للقطاع الخاص في غزة غير كاف، "وأن إسرائيل ما زالت تفتح معبر وحيد بشكل جزئي وتعمل عليه بقوائم الممنوعات، وتحاول استثمار بعض الإجراءات الشكلية لإيهام العالم بتسهيلات لغزة".
وجدد رئيس اللجنة الشعبية لمواجهة الحصار على أن المطلوب رفع كامل للحصار.
تغيير واقعي
وتوقع المحلل الاقتصادي د. محمد مقداد أن يشهد قطاع غزة تغييرا على أرض الواقع بعد هذه التصريحات لأن القضية –من وجهة نظر المحلل- لم تعد اقتادية بل أصبحت سياسية بحتة.
وقال مقداد لـ"الرسالة نت" :" المسألة بكل اختصار هي تنسيق بين مصر وإسرائيل، لأنه في الوقت الذي تغلق السلطات المصرية الأنفاق تفتح إسرائيل المعابر وتعد بتسهيلات".
ووصف المختص في الشئون الاقتصادية ما يجري حاليا بـ "تكامل الأدوار" ، محذرا من استمرار التبعية الاقتصادية للاحتلال في ظل تدمير الأنفاق.
وأضاف مقداد :" التسهيلات الإسرائيلية لن تحل المشاكل الاقتصادية بغزة، بل ستزيد من التبعية للاحتلال، وأعتقد أن حل هذه المشكلة يكمن في أن تكون هناك معابر مستقلة".
مصلحة اسرائيلية
من جهته، أكد المحلل الاقتصادي معين رجب أن التسهيلات الإسرائيلية تحمل مصلحة اقتصادية لإسرائيل، ومصلحة سياسية تتمثل في بث الفرقة بين غزة ومصر.
وقال رجب لـ"الرسالة نت" :" هذه التسهيلات غير كافية، والمطلوب هو فتح المعابر بشكل كامل وإنهاء الحصار عن غزة"، داعيا السياسيين الفلسطينيين إلى العمل الجاد على فتح معابر تجارية مع غزة.
وأضاف : في حال فتح معابر تجارية مع غزة فإنها ستكون في غنى عن الأنفاق التي ظهرت نتيجة لحالة استثنائية مر بها القطاع".
وطالب رجب الجانب الفلسطيني ألا يترك للاحتلال استغلال الموقف وقتما يشاء لإدخال ما يشاء في ظروف ومناسبات هو يقررها ويحددها".
تفنيد حقوقي
من جهة أخرى، فنّد تقرير حقوقي، مزاعم الاحتلال الإسرائيلي بإدخال تسهيلات على الحصار المفروض على قطاع غزة.
وتناول التقرير وهو من سلسلة تقارير حالة المعابر في قطاع غزة، التي يصدرها المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، أوضاع المعابر الحدودية التجارية وتلك المتعلقة بمرور الأفراد خلال الفترة من 1/8/2013 وحتى 30/8/2013.
ورصد التقرير أثر استمرار فرض سلطات الاحتلال الحربي الإسرائيلي حصارها الشامل على حياة سكان القطاع المدنيين وعلى أوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية.
وكشف عن تدهور الأوضاع الإنسانية في القطاع خلال الأسبوع الأخير من شهر يوليو الماضي، ونقص معظم السلع الأساسية، بسبب تقليص السلع الواردة إلى القطاع من خلال الأنفاق على الحدود الفلسطينية المصرية.
ووفق التقرير فقد كشف هذا الوضع مجددا حقيقة الظروف التي يعيشها قطاع غزة، والحصار الذي تفرضه السلطات الإسرائيلية المحتلة على كافة المعابر المحيطة بالقطاع منذ 6 سنوات.
وكان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون قد جدد في تقرير قدم إلى مجلس حقوق الإنسان قبل يومين مطالبته برفع الحصار، وإنهاء حالة العقاب الجماعي التي يفرضها الاحتلال على السكان المدنيين.
ورأى مون أن حقوق سكان غزة في الحركة، والوصول إلى الخدمات الأساسية والإسكان والتعليم والعمل والصحة والمعيشة اللائقة تخضع لقيود شديدة جراء الحصار، فيما معدل البطالة من أعلى المعدلات في العالم.
واعتبر أنه رغم أهمية التدابير المتعلقة بدخول كميات من مواد البناء خلال الفترة الماضية، إلا أنها تظل غير كافية بالنظر إلى أن أحجام الشحنات والمواد المسموح بدخولها عن طريق المعابر "محدودة".