كلمة معا في معجم اللغة العربية توحي بالتجمع والوحدة، لكنها في قاموس وكالة أخبار (معا) تعنى عكس ذلك، لاسيما بعد قرارها بفصل 13 صحافيًا يعملون لديها بمكتب غزة.
خطوة لم تكن متوقعة ، وأثارت حفيظة العديد من الأوساط الصحفية، التي نددت بالقرار وطالبت بالتراجع عنه واتخاذ كافة الإجراءات القانونية والنقابية لضمان عودة المفصولين إلى عملهم.
نادي الإعلاميات الفلسطينيات بالتوافق مع الصحافيين العاملين بغزة، دعا فور صدور القرار إلى اجتماع عاجل، كرد فعل أولي على سياسة وكالة (معا).
منى خضر منسقة نادي الاعلاميات الفلسطينيات، أكدت لـ "الرسالة نت" أن الاجتماع خلُص إلى عمل عريضة توقيع للكتاب والمثقفين وأعضاء سياسيين بالمجلس التشريعي؛ لرفض القرار الذي أصدرته وكالة معًا.
وأوضحت أن الدعوة إلى الاجتماع جاءت لمناقشة قرار إدارة معا، وقالت إنه اتخذ خطوات فعلية تتمثل بتشكيل خلية لإدارة الأزمة.
وتتمثل وظيفة الخلية بإدارة المهام التي يجريها الفريق الذي فصلته وكالة معًا، والمتضامنون معهم.
وأضافت خضر أن أولى الخطوات تتمثل بإلغاء الاشتراك الإخباري مع الوكالة، والدعوة إلى تنظيم وقفات احتجاجية أمام مكتب (معا) بغزة وبيت لحم، ومطالبة الحكومة بغزة بفتح مكتبها، وتوقيع عريضة لتنازل الوكالة عن قرارها "التعسفي". وعبرت عن رفضها سياسية وكالة (معا) ضد موظفيها.
وأشارت إلى أن المنتدى طالب "نقابة الصحافيين" بعمل تحقيق جدي مع وكالة معًا لمعرفة الأسباب الحقيقية التي أدت لهذا القرار.
وأكدت ضرورة العمل على اتخاذ خطوات تصعيدية حقيقية لوقف استفزاز العاملين في مجال الاعلام، مشيرةً إلى دعوة كبار الكتاب والصحافيين إلى تصويب قلمهم نحو رفض تلك القرارات.
جريمة
من جانبه، وصف الصحافي زكريا التلمس البيان الذي تُبرر فيه (معًا) قرار فصل ثلاثة عشر صحفيًا من موظفيها عن العمل في مكتب الوكالة بغزة، بأنه " بيان ضعيف".
وكرد فعل على سياسة (معا) ضد صحفييها، أكد التلمس –الذي يعمل مديرًا لمكتب الوكالة الألمانية بغزة- وقف اشتراكه معها؛ احتجاجًا على ما أسماه "جريمة قطع رزق".
وخاطب التلمس الدكتور ناصر اللحام مدير وكالة (معا): "يا دكتور ناصر أنت وإدارة معا مُصرون على ذبح زملائنا".
وعقّب على تذرّع (معا) بحجة أن القرار جاء بناء على إغلاق الحكومة بغزة مكتبها، قائلًا "إغلاق مكتب غزة عذرٌ أقبح من ذنب".
ودعا التلمس الحكومة الفلسطينية بغزة إلى إعادة فتح مكتب (معا)؛ حتى "لا تساهم هي الأخرى في خطئية قطع الرزق". على حد رأيه.
لكن الحكومة بغزة أوضحت في تصريح لـ "الرسالة نت" على لسان المتحدث باسمها المهندس إيهاب الغصين، أن الإغلاق كان لدواعٍ قانونية ولا علاقة له بقمع الحريات.
ودعا التلمس الصحافيين –باختلاف انتماءاتهم- إلى التضامن مع زملائهم المفصولين من العمل بـ (معًا)، كما دعاهم إلى المطالبة بـ "فتح مكتبهم في غزة".
وطالب، العاملين بوكالة معا في الضفة المحتلة، بضرورة إعلان موقفهم تجاه فصل زملائهم.
منتدى الاعلاميين
أما منتدى الإعلاميين الفلسطينيين استهجن القرار الذي اتخذته (معا) ووصفه بالجائر، وطالبها بالتراجع عنه والاستجابة لنداء "الأسرة الصحافية بتصويب أدائها لتمكينها من استئناف العمل في غزة".
واستغرب المنتدى في بيان وصل "الرسالة نت"، التبريرات التي ساقتها الوكالة لتبرير القرار، لاسميا أنها استخدمت "لغة مأزومة في وصف غزة والصحافيين وتقديمهم كانقلابيين".
وقال المنتدى "إن القرار يأتي في توقيت سيء تتزايد فيه معدلات الفقر والبطالة بغزة التي تتعرض لأبشع حصار اسرائيلي".
وتساءل "هل الاتحاد الأوروبي والمؤسسات الامريكية التي تمول معا بملايين الدولارات وتعيش في مجتمعات ديمقراطية موافقة على القرار الذي يعتبر مشاركة في حصار غزة وقطع أرزاق أبنائها؟!".
ويعمل لدى مكاتب (معا) نحو 250 موظفًا في قطاع غزة والضفة المحتلة، وتقوم على منح وتمويل أجنبي، وكانت انطلاقتها بدعم من الممثلية الدنماركية ونظيرتها الهولندية في السلطة.
الحكومة ستشغلهم
و أبدت الحكومة الفلسطينية في غزة استعدادها لتوظيف المفصولين عن العمل في مكتب وكالة (معا) بالقطاع, ردًا على قرار الفصل .
وكانت (معا) فصلت جميع موظفيها العاملين بغزة، البالغ عددهم ثلاثة عشر صحفيًا؛ بحجة تعذر استمرار العقد الموقَّع معهم.
وقال المهندس إيهاب الغصين المتحدث باسم الحكومة لـ"الرسالة نت"، "إن الصحافيين العاملين جزء من قضية إغلاق مكتب الوكالة".
وجدد تأكيده بأن إغلاق المكتب لا علاقة له بقمع الحريات وتكميم الأفواه، "إنما في إطار تجاوز مهنية العمل الإعلامي".
وكان الغصين كتب عبر صفحته بفيسبوك، يقول: "وكالة معا غير المستقلة وغير المهنية تستمر في أعمالها غير الأخلاقية التي تضر بحياة أبناء الشعب الفلسطيني".
وأضاف: "بدلا من تعاطيها مع مبادرات العديد من الصحافيين والاعلاميين لتصويب طريقها الذي انحرف عن طريق المهنية، تستمر بأعمالها غير الأخلاقية عبر الفصل التعسفي لموظفيها في غزة".
ووصف المتحدث باسم الحكومة سياسة الوكالة بأنها "قائمة على عداء أبناء الشعب الفلسطيني في غزة، لتعزيز سياسة الانقسام التي يتبناها القائمون عليها"، مؤكدًا أن فصل الموظفين ينطلق من تلك السياسة.
بدوره، اكد المركز الفلسطيني للتنمية والحريات الإعلامية "مدى" وقوفه ضد أية إجراءات بحق الصحافيين الذين لا ذنب لهم في قرار الإغلاق، مطالبًا بـ "ضرورة عدم زج الصحافيين ووسائل الإعلام في الخلافات الفلسطينية الداخلية، وعدم عكس تداعيات الأحداث في مصر على الإعلام الفلسطيني".
من جانبه، أدان التجمع الصحافي الديمقراطي قرار وكالة "معا" ،وطالب التجمع الوكالة بالتراجع عن قرارها فورًا، وعدم معاقبة موظفيها الذين قدموا جهدهم وخاطروا بحياتهم من أجل أداء دورهم في نقل ما يحدث في القطاع للمجتمع المحلي والعالم الخارجي.
ودعا التجمع الصحافيين ونقابتهم لتحمل مسؤولياتهم إزاء ما يحدث، مؤكدًا وقوفه مع أي جهد صحافي تعبوي أو نقابي أو قانوني يمكن أن يعيد الأمور الى نصابها سواء على صعيد إعادة فتح مقر الوكالة في غزة، أو لجهة عودة الموظفين لأعمالهم دون أي انتقاص من حقوقهم.