ينطلق طلبة غزة في كل صباح صوب معبر رفح البري حاملين وثائق السفر وأوراق القبول في الجامعات العربية والأجنبية، على أمل النجاة من مقصلة المعبر التي تسلب حق الفلسطينين في التنقل من وإلى القطاع بحرّية وفقًا للقانون.
معاناة الطلبة الفلسطينيين تتلوّن أمام بوابة المعبر بين مصر وغزة, ولكل واحد منهم حكاية يرويها أملًا في تحقيق حلمه بالسفر؛ لاغتنام فرصة التعليم وإكمال المشوار الدراسي.
أمام المعبر
مراسل "الرسالة نت" التقى عددًا من الطلبة الذين يقصدون المعبر كل يوم للسفر والالتحاق بمقاعد الدراسة خارج القطاع.
صراع خفي يدور في صدر الطالب الفلسطيني أنس الناطور (20 عاما) الذي جرى قبوله للدراسة في جامعة الإسكندرية بقسم الطب البشري.
وتمنى الناطور أن يساعده أحد ليسافر إلى مصر ويلتحق بالجامعة, موضحًا أن الدراسة ستبدأ خلال أيام.
وأشار إلى أنه منذ أسبوع يأتي يوميا إلى المعبر على أمل أن يتمكن من السفر وتحقيق حلمه في أن يكون طبيبا لخدمة وطنه وأبناء شعبه.
مستقبل غامض
وأوضح أنه يخشى من مستقبل مجهول حال فشل بالوصول إلى الجامعة المصرية, مستدركا بالقول: " سجلت طب أسنان في جامعة الأزهر بمدينة غزة لتكون الخطوة الأخيرة التي ألجأ إليها إذا تعسر السفر مزيدا من الوقت".
ولم يخفِ الناطور أنه قرر في نفسه عدم العودة للقطاع إلا بعد إتمام دراسته إذا استطاع السفر لجامعة الإسكندرية لدراسة الطب خشية ما وصفها بـ(المطبات) التي تقع فيها غزة.
ويجتهد الطلبة الفلسطينيون بوسائل بسيطة لإيصال معاناتهم إلى العالم من خلال وسائل الإعلام العربية والدولية التي بات المعبر محط أنظارها.
حق السفر
إحدى الطالبات الفلسطينيات وقفت أمام بوابة معبر رفح وقد حملت ورقة كتب عليها "أنا طالبة ومن حقي أن أسافر" لترسل بهذه الكلمات المتواضعة رسالة لمن يعيقون سفر طلبة غزة أن كفى.
وقالت الطالبة أسماء إنها درست 3 أعوام تخصص هندسة وراثية في الأردن ولم يبق لها سوى عام لإنهاء دراستها الجامعية.
وأوضحت في حديث لـ"الرسالة نت" أنها تخشى فقدان الإقامة, وأنها ستضطر لتقديم عدم ممانعة من جديد لدخول الأراضي الأردنية وقد يستغرق الأمر أكثر من شهر.
لا بدائل
وتمنّت أسماء أن تراعي السلطات المصرية حاجة الطلبة للسفر ووقف التلاعب بمستقبل الفلسطينيين, مؤكدة أن تخصص الهندسة الوراثية لا يتوفر في جامعات غزة ما يعني أنها لن تستطيع تعويض ساعات التخصص والحصول على الشهادة الجامعية.
ولفتت إلى أنها سجلت للسفر قبل 10 أيام من بدء الدراسة في الجامعة الأردنية, تفاديا لأزمة المعبر ولتسافر مبكرا إلا أن محاولتها باءت بالفشل.
ماهر أبو صبحة المدير العام لمعبر في غزة, قال في حديث لـمراسل "الرسالة نت" إن نحو 5500 مسافر سجلوا في كشوفات الداخلية على مدار الأسابيع الماضية وجميعهم من الطلبة والمرضى فقط.
وأوضح أنه سافر منهم 1000 مواطن فيما بقي 4500 يحاولون حتى اليوم الإلتحاق بمقاعد الدراسة أو العلاج بالخارج.
وأشار إلى أن المعبر سيعمل حتى يوم الجمعة لسفر الحجاج, مستبعدًا أن تسمح السطات المصرية بسفر فئات أخرى خلال تلك الفترة.
وعلى مسافة غير بعيدة من أسماء وقف عدد من الطلبة يتبادلون أطراف الحديث ويطرحون أفكارا للخروج من المأزق الذي يهدد مستقبلهم.
مفاوضات وحلول
الطالب الفلسطيني أحمد قال لـ"الرسالة نت" أتمنى من الحكومة في غزة أن تشكّل وفدًا من الطبلة بإشرافها للجلوس مع السلطات المصرية وشرح معاناة الطلبة ووضع آلية لسفرهم.
وأضاف الطالب أحمد وقد فاضت عيناه بالدمع : "نحن نفقد مستقبلنا وحياتنا في ظل التعنت المصري والمناكفات في غزة والضفة, يجب على الدول العربية والإسلامية التدخل العاجل لطي هذه الصفحة".
وكان وكيل وزارة الداخلية الفلسطينية كامل أبو ماضي ومدير عام المعابر ماهر أبو صبحة قد التقيا مجموعة من الطلبة العالقين داخل قاعة كبار الزوار وبحثا سبل إنهاء معاناتهم.
وجاء الاجتماع بعد أن تظاهر مجموعة من الطلبة العالقين, صباح الأحد بشكل عفوي مطالبين السلطات المصرية بضرورة تسهيل سفرهم و فتح المعبر أمامهم.
موقف تونس
وأشاد الطالب أحمد بدعوة الرئيس التونسي المنصف المرزوقي أمام الأمم المتحدة لمصر بتسهيل سفر الفلسطينيين وفتح معبر رفح بصورة دائمة.
وكان الرئيس المرزوقي طالب السلطات المصرية يوم الخميس الماضي بفتح الحدود مع غزة, وقال في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة: "أرجو أن ترفع السلطات المصرية كل التضييقات على حركة الأشخاص والبضائع التي تخنق غزة".
وأضاف المرزوقي "يكفي ما تعانيه هذه الجهة المناضلة، ويكفي ما يعانيه الشعب الفلسطيني من الاحتلال والاستيطان الإسرائيلي".
لا تنتهي معاناة غزة بالدعوات لإنهاء الحصار وإنما تحتاج لخطوات عملية تبدد مخطط عزل القطاع وتجويع سكانه الذي بدأه الإحتلال "الاسرائيلي" قبل نحو 6 أعوام.