رامي خريس
تتسارع الخطى باتجاه تصعيد ميداني كبير قد يكون مركزه الضفة الغربية المرشحة لاندلاع انتفاضة جديدة فيها ، فمستوى الإجراءات الإسرائيلية باتجاه مصادرة الأراضي وفرض الوقائع على الأرض وصل إلى درجة كبيرة من الخطورة ، فضلاً عن قرارات "السطو" على المقدسات (الحرم الإبراهيمي في الخليل ومسجد بلال في بيت لحم) التي تقول حكومة الاحتلال أنها تنوي اتخاذها قريباً.
تعنت و "لهث"
ويسير هذا كله في ظل تعنت حكومة الاحتلال التي تدير خلفها لرئيس السلطة المنتهية ولايته محمود عباس ومفاوضاته التي "يلهث" وراءها وأصبحت هدفاً له ولرئيس فريقه المفاوض صائب عريقات ، ووصل الأمر إلى أن يتحدث الرئيس الفرنسي نيكولاي ساركوزي عن من أن بديل التفاوض انتفاضة ثالثة .
ساركوزي في تصريحه هذا يحاول إقناع الإسرائيليين بمواصلة التفاوض فقط وليس إعطاء الفلسطينيين حقوقهم أو جزءا منها ، ويرى المراقبون في تصريحات الرئيس الفرنسي أنها بمثابة بيع الوهم للفلسطينيين خوفاً من البديل المخيف الذي يشعر به الغرب وهو تصاعد الأحداث في فلسطين شكل يؤثر على العالم أجمع .
والحديث عن انتفاضة جديدة أو ثالثة أصبح يتردد من أكثر من مسؤول فلسطيني وفي أكثر من مناسبة ، فرئيس الوزراء الفلسطيني إسماعيل هنية إشعال انتفاضة ثالثة في الضفة الغربية ردا على خطوة حكومة الاحتلال المقدسات الإسلامية (المسجد الإبراهيمي ومسجد بلال بن رباح) إلى قائمة المواقع الأثرية اليهودية.
مضيفا : ان ما يجري بمدينة الخليل هو امتداد لسياسة إسرائيلية قديمة متجددة وتنفيذ لمخطط صهيوني ماكر يهدف لطمس الهوية وتغيير معالم تراثنا الإسلامي وسرقة التاريخ".
و يبدو أن القرار الغريب الذي اتخذته حكومة الاحتلال مؤخرًا بضمّ مسجدين لقائمة المواقع التراثية اليهودية سيكون له أبلغ الأثر في الأيام المقبلة؛ فقد شلَّ الإضراب الشامل مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية، والذي جاء في إطار أوسع للاحتجاجات الشعبية على إعلان الاحتلال، على حين قوبل القرار بالتنديد من الفلسطينيين كافة من حماس وسلطة فتح في رام الله .
ويبدو أن تراكم الإجراءات الإسرائيلية وقرارات حكومات الاحتلال وانعدام أفق عملية التسوية سيدفع باتجاه التصعيد لا محالة وهو على ما يبدو ما يتوقعه الإسرائيليون الذين يعدون أنفسهم لمواجهة أي انتفاضة جديدة أو هناك من يحاول منهم بيع المزيد من الأوهام للفلسطينيين اعتقاداً منه أنه قد يتلافى غضبا فلسطينيا جديدا.
احتمالات وخيارات
ويبدو أنهم بدأوا برسم سيناريوهات متوقعة يحاولون العمل عليها لتحقيق ذلك ومنها إمكانية إسقاط إسقاط سلطة "حماس" في القطاع أو انهيارها تلقائيا قبل نضج أي غضب شعبي قد يتحول لانتفاضة : وهذا ما لا يبدو في الأفق الآن.
الاحتمال او السيناريو الثاني يتمثل في تحقيق المصالحة بين "حماس" و"فتح" وإقامة حكم مشترك يعلن صراحة عن استعداده للاعتراف بـ(إسرائيل) وقبول التسوية معها ، وهذا لا يبدو معقولا -بحسب ما يعتقدون هم، الآن.
أما الخيار الثالث بحسب ما يرى الصحفي رون بن يشاي فيتمثل في تنفيذ خطة رئيس الحكومة الفلسطينية ، سلام فياض ، وبناء بنى تحتية ومؤسساتية للدولة الفلسطينية في الضفة ، بصورة تدريجية وبالتعاون مع (إسرائيل) والمجتمع الدولي ، وذلك إلى أن تنضج الظروف التي تسمح بحصول مفاوضات حول التسوية الدائمة التي تقام الدولة الفلسطينية في إطارها.
والتسوية لن تتعدى ميزات اقتصادية سيتم منحها للفلسطينيين ، وهو ما سيثبت غالباً فشله بعد وقت قصير ، هذا كله طبعاً إذا تمت الطبخة التي يطمح رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو لطهيها ، وتحقيق رؤيته للسلام ، فهل تتحقق امنيته قبل اندلاع الانتفاضة المتوقعة أم أن الفلسطينيين أنفسهم لم يعودوا مهيئين لانتفاضات جديدة.