دعوة طيبة وكريمة من الدكتور محمد المسفر أستاذ العلوم السياسية في الجامعات القطرية تلك التي وجهها إلى الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز مذكرا إياه أن هناك قضية اسمها فلسطين لازالت قائمة وبحاجة إلى جهد كبير من أجل تحقيق حل يعيد الحقوق ويرد الأرض إلى أهلها، مشيرا كنوع من تلميع الذاكرة إلى موقف والده الملك بن عبد العزيز آل سعود على مواقفه تجاه فلسطين التي تمنى فيها أن يقتل شهيدا على ارض فلسطين وكذلك مواقف من سبقه من الملوك السعوديين.
ثم يستطرد المسفر في الحديث عن حصار غزة الذي شدده في الأيام الفائتة العدو الصهيوني والحكام الجدد في مصر تحديدا لأن اليهود أعداء، فالحصار متوقع منهم ولكن أن يكون الحصار من الأشقاء في مصر فهذا الذي يحتاج إلى تدخل الملك عبد الله من أجل الضغط على حكام مصر أن يرفعوا عن غزة الحصار الذي يؤدي إلى ضحايا كثر لا ذنب لهم ولا مبرر لهذا الحصار من الجانب المصري.
الدكتور المسفر قدم بعض ما يتعرض له قطاع غزة من تهديدات سياسية وعسكرية وإعلامية مصرية بلا أي سبب وتهدف فقط إلى تكريه الشعب المصري بفلسطين وأهلها من خلال بث الأكاذيب لخلق حالة عداء وتشويه لنضال الشعب الفلسطيني ومقاومته للاحتلال الصهيوني واصفا الحملة الإعلامية المصرية بالباغية والمتوحشة.
ويقسم المسفر بالله ثلاثا بأن ما يسرب للملك عبد الله من معلومات -بأن حماس والجهات والمنظمات التي لا علاقة لها بحلف أوسلو يتآمرون على مصر- محض كذب وان هذه الجهات لا علاقة لها بأي موقف معاد لمصر وأن عدوها الوحيد هو العدو الصهيوني، ويقسم المسفر مرة أخرى في رسالته الموجهة للملك عبد الله وبعض تقصي الحقائق منه شخصيا بأن كل ما يروج عن أهل غزة بأنهم خلايا إرهابية وأنهم يعبثون بأمن مصر لا صحة له على الإطلاق مشيرا إلى نوع من التعاون بين قوى المقاومة حماس والجهاد وأجهزة المخابرات المصرية منذ عهد مبارك وحتى اليوم.
وحمل المسفر في رسالته مسئولية قطاع غزة على عاتق الملك السعودي واعتبرها أمانة في عنقه وأن المطلوب من الملك عبد الله الضغط بكل قوة على الحكام الجدد في مصر من أجل رفع الحصار عن قطاع غزة وإلى الأبد وأن التاريخ لن ينسى لهذا الملك تلك الجهود المفترض بذلها من أجل رفع هذا الحصار عن الشعب الفلسطيني وتحديدا قطاع غزة.
رسالة المسفر تحمل معاني كبيرة من أحد المفكرين العرب ويقظة ضمير تحترم من احد المثقفين العرب والتي يجب أن تكون هذه اليقظة لدى المفكرين العرب ومثقفيه كافة الذين لا زالوا يؤمنون بأن قضية فلسطين هي قضية الأمة وأن هذه القضية لم تنل الاهتمام الذي يجب أن يكون من الجميع وعلى المستويات كافة وخاصة أصحاب الفكر والقلم الحر المؤمن بحقوق الشعب الفلسطيني.
ربما اشار المسفر في رسالته الى نقطة مهمة وهي بطانة الملك السعودي العبد لله ممن يسربون له المعلومات المغلوطة والكاذبة تجاه ما يروج ضد غزة وضد الشعب الفلسطيني وهذا أمر في غاية الخطورة لأن هذه المعلومات المسربة والكاذبة تبنى عليها القرارات والسياسات فتكون ظالمة بحق الشعب الفلسطيني كما يجري الآن بحق قطاع غزة والشعب الفلسطيني ومقاومته من حصار وتهديدات وعمليات تشويه إعلامية وسياسية وعسكرية بهدف تشديد الحصار والنيل من مقاومة الشعب الفلسطيني.
والسؤال الآن: هل ستجد هذه الرسالة طريقها إلى مسامع الملك السعودي الذي يفترض المسفر انه يضلل من قبل من يسرب له الأكاذيب أم أن هذه الرسالة ستحجب كما تحجب الحقيقة عنه ويبقى على موقفه وتبقى سياسة المملكة على ما هي عليه من الحصار دون أن يكون لها دور في رفع هذا الحصار وحماية الشعب الفلسطينية وقضيته وعلى رأسها قضية القدس، لأن هذا الحصار على قطاع غزة لا يخدم إلا العدو الصهيوني الذي يلعب دورا كبيرا في خلق الأكاذيب والدس ومحاولة التخريب التي تجري في عالمنا العربي، أم سيصدق قول الشاعر: (لقد أسمعت لو ناديت حيًّا.. ولكن لا حياة لمن تنادي).
نتمنى أن تصل رسالة المسفر إلى الملك عبد الله وأن تجد آذانا صاغية ومسامع واعية وخطوات دافعة وبقوة نحو رفع الحصار وكسره إلى الأبد، والسعودية لديها القدرة في تحقيق ما دعا إليه المسفر في رسالته وقادرة على إقناع الحكام الجدد بذلك لو أرادت.