تشهد أسواق قطاع غزة وخاصة أسواق الملابس تراجعا في حركة البيع والشراء بفعل اقبال المواطنين على شراء الأضاحي لنحرها في عيد الأضحى المبارك الذي يحل على الغزيين غدا.
ويمثل عيد الأضحى أحد شعائر الحج عندما يصعد الحجاج إلى جبل عرفة ويذبحون الأضاحي طاعة لربهم، وهذا ليس لزاماً على غير الحجاج، ولكنهم يقومون بذلك اقتداءً بفداء نبي الله إسماعيل بن إبراهيم بالكبش.
اكتفى بكسوة "الفطر"
وفي هذا السياق ذكر المواطن أنور عوض (25 عامًا) أنه فضّل المشاركة في حصة عجل والنحر صباح أول أيام العيد؛ على كسوة امرأته وطفله كالمعتاد.
وأوضح عوض أنه سيكتفي بكسوة عيد الفطر الذي انتهى قبل شهرين، متذمرًا في الوقت نفسه من ارتفاع أسعار الملابس على الرغم من صعوبة الوضع المادي للغزيين.
ويأمل أن تنتهي الضائقة المالية التي تمر بها الحكومة وأن تستطيع دفع رواتب موظفيها، مؤكدًا أن ذلك من شأنه إنعاش الحركة الاقتصادية وتحسين أوضاع المواطنين المعيشية.
في حين أكد أبو خالد التتري وهو بائع أحذية في سوق الشيخ رضوان ضعف حركة الشراء بفعل انشغال المواطنين في التحضير لذبح الاضحية.
وقال: "كما ترى الحركة ضعيفة، وكل عيد بشغّل أربعة عاملين، العيد الحالي اكتفيت باثنين".
ووفق قوله فإن أسعار الأحذية للعام الحالي أعلى من العام الماضي جراء إغلاق الأنفاق وإدخالها بطرق رسمية.
بدوره ذكر الشرطي عز الدين إياد انه رفض فضل الاستجابة لنداءات اطفاله الثلاثة وشراء كسوه لهم هذا العيد بفعل عدم تلقيه راتبه كاملًا، مشيرًا إلى أن الحكومة اكتفت بتقبيض موظفيها ألف شيقل فقط.
وقال عز الدين لـ"الرسالة": "سددت ديوني البالغة ستمائة شيقل، ولم يتبق بحوزتي سوى أربعمائة، فلك أن تتخيل شراء خضروات وطعام للبيت وحلويات العيد وعيدية للأقارب، مما دفعني للعزوف عن أخذ أطفالي للسوق وشراء كسوة لهم كالمعتاد".
حركة ضعيفة
من جهته قال حمزة عودة وهو بائع ملابس انه اضطر الى تسريح بعض عماله لضعف حركة البيع، مشيرًا إلى أن التجار استوردوا كميات كبيرة من الملابس على امل بيعها خلال عيد الاضحى.
وقال عودة لـ"الرسالة": نعلم جيدًا أن حركة البيع في الأضحى أقل من الفطر، لكن هذا العيد يختلف تمامًا لانشغال الناس بالأضاحي".
ويرى عودة أن الأزمة المالية التي تعاني منها حكومة غزة، واستلام موظفي حكومة رام الله لرواتبهم قبل العيد بعشرة أيام تسببت في ضرب موسم العيد.
وفي السياق قال أبو زكي نوفل - صاحب مزرعة مواشي- أن الحركة الشرائية للأضاحي هذا العام طبيعية.
وأوضح أن سعر حصة العجل يتراوح بين (1500 - 1900) شيقل، مؤكدًا أن سعرها مناسب وفي متناول متوسطي الدخل.
وتتوفر في أسواق غزة حاليا كميات كبيرة من المواشي، إذ وصلت كميات كبيرة من العجول الهولندية والاسترالية عبر معبر كرم أبو سالم (الإسرائيلي)، بينما وصلت كميات محدودة من الأغنام والخراف عبر الأنفاق الأرضية مع مصر بسبب حملة التدمير الهائلة التي تتعرض لها منذ أشهر.
ويذبح الفلسطينيون في غزة من 10 إلى 12 ألف رأس عجل خلال "الأضحى" بالإضافة إلى أربعين ألف رأس من الماعز والخراف وفق ما أفاد السقا.
قلة السيولة
بدوره عزا المختص في الشأن الاقتصادي الدكتور معين رجب الكساد التجاري وضعف الحركة الشرائية في الأسواق إلى قلة السيولة في أيدي المواطنين، وعدم تلقي الموظفين لرواتبهم كاملة.
ووفق رجب فإن الأضحية تمثّل سببا ثانويا في التأثير على حركة شراء الملابس، مؤكدًا أن السبب الأساسي يتمثل في مقدار دخل الفرد وأسعار الملابس التي تشهد ارتفاعًا غير مسبوق.
وتخوف خلال حديثه لـ"الرسالة" من انعكاس حالة الركود التي تشهدها اسواق الملابس بالسلب على الاقتصاد الغزي، داعيًا الحكومة الى ضرورة تأمين رواتب موظفيها وتخفيض أسعار بعض السلع وأهمها المحروقات لإعادة النشاط التجاري للأسواق الغزّية.
وكانت الحكومة الفلسطينية في غزة قد شرعت منذ الخميس الماضي في صرف سلفة نقدية لموظفيها قيمتها 1000 شيكل.
يشار إلى أن الحكومة صرفت نصف راتب لموظفيها الشهر الماضي، بما لا يقل عن 1500 شيكل ولا يزيد عن 4500 شيكل.
اذن وعلى الرغم من الكساد التجاري الذي أصاب أسواق الملابس خلال الأيام الماضية يأمل بائعون بعودة الحركة الشرائية عقب انتهاء العيد، فهل ستُنعش العيدية أسواق القطاع، أم ستستمر على حالها ليبقى التجار يئنون من صعوبة الوضع الاقتصادي؟.