مصطفى الصواف
قرار الإرهابي نتنياهو باعتبار المسجد الإبراهيمي في الخليل و مسجد بلال بن رياح من الآثار اليهودية يكشف بشكل واصح نوايا الاحتلال الصهيوني تجاه المقدسات الفلسطينية ويجب على سؤال يجب أن نفكر فيه جيدا ، هل بقي هناك مجال للتفاوض بين فريق التفاوض الفلسطيني الذي يقوده محمود عباس وفريق التفاوض مع الكيان الصهيوني الذي يسابق الزمن من أجل فرض حقائق على الأرض، وقطع الطريق على أي مشروع للحل يحقق بعض حقوق الشعب الفلسطيني، لو اعتبرنا أن هذه المفاوضات تجري بحسن نية من قبل المفاوض الفلسطيني من اجل تحقيق الحقوق الفلسطينية.
الإجراءات الصهيونية لم تبق مجالا لحسن النية من قبل المفاوض الفلسطيني لان الهدف الصهيوني من عمليات التهويد للمقدسات الإسلامية هو تهويد كل ما هو إسلامي، ومسيحي، وفلسطيني، وهو أول الخطوات نحو ما يسمى بيهودية الدولة، ثم ينسحب هذا الموقف الصهيوني على مدينة القدس والاستيلاء على المسجد الأقصى، أو تدميره وإقامة الهيكل المزعوم بدلا منه، وأمام هذه الحقائق هل يبقى هناك مجال للعودة إلى طاولة المفاوضات من جديد؟.
ما يجرى على الأرض يستدعي أن يوحد الفلسطينيون أنفسهم على قاعدة واحدة وهي مصلحة الشعب الفلسطيني العليا، وحقوقه الثابتة، وأن يلقوا وراء ظهورهم كل المرحلة الماضية بما حملت أو احتوت من خلافات وانقسامات، وإعادة التفكير في سياسة جديدة وإستراتيجية تتلاءم والإجراءات الصهيونية الهادفة إلى تهويد فلسطين كل فلسطين.
بعد الوحدة وإنهاء الانقسام وتحديد إستراتيجية جديدة تعتمد على مصالح وحقوق الشعب الفلسطيني، يجب أن يعمل الجميع على تعبئة الرأي العام الفلسطيني وحشده من أجل قيادة المرحلة القادمة التي بحاجة إلى تضافر كل الجهود.
قد يرى البعض أن الأمر صعب، وإمكانية إنهاء الانقسام وحل الخلافات ودراسة الخيارات، ولكن بعد فشل خيار التفاوض، وعقب الخطوات الصهيونية المتلاحقة من أجل التهويد لكل المقدسات، وسرقة التاريخ، والتراث، وانتهاك كل القوانين والأعراف والمواثيق، يصبح المستحيل ممكنا، لان إسرائيل تضرب بكل شيء إلا عنصريتها عرض الحائط، فلا مجال إذن من استمرار هذا الانقسام ويجب أن نترك الماضي كما قلنا وراء ظهورنا وإلا سيطالنا جميعا الإرهاب الصهيوني الذي يعد للشعب الفلسطيني والذي لن يضع له حدا إلا إنهاء الانقسام ونبذ الخلاف.
وعلينا الانتباه أن الموقف العربي رغم ما فيه من انهيار وضعف يمكن أن يتحول عكس ذلك بشكل كبير جدا، لان الموقف الفلسطيني هو الذي سيحدد المواقف العربية وعلى الجمهور الفلسطيني أن يتحرك ليدفع كل الأطراف الفلسطينية من أجل إنهاء الحالة المأساوية التي وصلنا إليها، وان يعمل الشارع الفلسطيني على وضع حد والتصدي للطرف الرافض للمصالحة والمرتهن للمواقف الأمريكية والأوروبية التي لن تكون في أحسن أحوالها مساندة للشعب الفلسطيني، دون ذلك ستبقى القضية الفلسطينية في مهب الريح وسيزداد الموقف العربي على حالة من السوء الذي هو عليه طالما بقي موقفنا على ما هو عليه من سوء أيضا.
لم يعد هناك مزيد من الوقت، أو مزيد من الانتظار فقد بلغ السيل الزبى والأمور باتت في مرحلة خطيرة لا تبشر بخير، فإما نكون أو لا نكون، وعندها لا نلوم إلا أنفسنا، وأن لا نحمل لا الموقف العربي أو الإسلامي أو حتى الدولي لان موقفنا هو من يقود تلك المواقف التي نريد.