لم يدر بخلد الدكتور غسان أبو عرف عميد كلية التدريب المهني التابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين «الأنروا» أن ملاحظته ستؤدي إلى استفزاز طموح طلابه إلى هذا الحد. فخلال أحد لقاءاته بهم قال لهم إن مسابقة عالمية للسيارات ستقام في بريطانيا هذا العام، متسائلا ما إذا كان بإمكانهم المشاركة في هذه المسابقة عبر تصميم سيارة من نوع جديد.
وقال المهندس أحمد صيدم الذي يشرف على قسم التصنيع في الكلية لـ«الشرق الأوسط» إن الطلاب أخذوا الاقتراح على محمل الجد ووضعوا نصب أعينهم تصميم سيارة إلكترونية، مع أنهم كانوا يدركون القيود الكبيرة التي يفرضها الحصار الذي يتواصل على القطاع منذ ثلاثة أعوام.
و أشار صيدم إلى أن مهندسي الميكانيكا ما زالوا محدودي الخبرة في مجال تصنيع السيارات من هذا النوع، فما بالك عندما يدور الحديث عن طلاب. وأضاف أن طلابه قرروا منذ البداية الانطلاق من افتراض أنه يتوجب الاعتماد على ما هو موجود من أجل تطوير الفكرة وبناء السيارة، موضحا أن المرحلة الأولى كانت تجميع المواد اللازمة، حيث اضطر الطلاب للاستعانة بالسيارات القديمة للحصول على المحرك وبعض المعدات الأساسية.
وتابع صيدم القول إن شهرين مضيا قبل أن يتمكن الطلاب من تجميع المعدات وقطع الغيار المطلوبة. وكانت المرحلة الثانية هي الأهم كما قال صيدم لأنها هدفت إلى تحويل محرك السيارة من النظام التقليدي إلى النظام الإلكتروني وذلك عبر الحقن الإلكتروني للبنزين بواسطة الأنظمة الكهربائية للسيارة، معتبرا أن هذه هي الفكرة الرئيسية لتصميم السيارة الجديدة.
بعد ذلك أضاف صيدم أن طلابه اتجهوا إلى بناء الإطار الخارجي للسيارة بعد أن قاموا بتصميمه، مشيرا إلى أنه تم تصنيعه من مادة الفيبر غلاس، حيث خضعت عملية التصميم للتعديل على امتداد فترة زمنية.
واستغرقت عملية تصميم السيارة، حسب صيدم، ستة أشهر، وبلغت تكلفة إنتاجها 4000 دولار، وتبلغ سرعتها 100 كيلومتر في الساعة. وحول الظروف التي أدت إلى هذا الإنجاز، قال الطالب درويش مطر الذي يقطن مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة، وأحد الذين شاركوا في تصميم وصناعة السيارة لـ«الشرق الأوسط» إنه وزملاءه اضطروا للمبيت داخل الكلية من أجل إنجاز العمل، مشيرا إلى أنهم كانوا يقضون ساعات طويلة بعد انتهاء الدوام الرسمي، من أجل تحويل الفكرة إلى واقع عملي. وأشاد مطر بشكل خاص بالعزيمة والتصميم اللذين أظهرهما زملاؤه مشددا على أن التعاون البناء وتبادل الأفكار وبناء البدائل المختلفة أسفر في النهاية عن هذا الإنجاز الكبير. ويؤكد مطر أنه وزملاءه تمكنوا من تصنيع بعض قطع الغيار التي لم يعثروا عليها في السوق بفعل الحصار.
أما الطالب عبيد زرق فيؤكد أنهم رغم قلة الدعم المالي والنقص في المواد الخام بفعل الحصار والإغلاق فإن الفكرة تحولت إلى واقع عملي يثير الاحترام والتقدير. ولا يخفي صيدم شعوره بالفخر إزاء ما أنجزه الطلاب، مشيرا إلى أنهم حققوا هذا الحلم «رغم أن الظروف كانت جميعها ضدهم». وأضاف «لم يكن لأكثر المتفائلين أن يتوقع هذا الإنجاز في ظل الحصار الخانق الذي نعاني منه هنا»، معتبرا أن العرب والمسلمين بإمكانهم أن يفخروا بما أنتجه طلابه.
المصدر :صحيفة الشرق الأوسط