لا تكاد الطائرات "الإسرائيلية" تفارق أجواء قطاع غزة في مشهد يثير الجدل حول نوايا الاحتلال العسكرية في المرحلة القادمة, وتأثير عملية "بوابة المجهول" على توجهات صناع القرار في "إسرائيل".
لا شك أن نفق "بوابة المجهول" الذي حفرته كتائب الشهيد عز الدين القسام الذراع المسلحة لحركة حماس شرق خانيونس وكذلك العروض العسكرية لفصائل المقاومة الفلسطينية ستغير قواعد الإشتباك مستقبلا .
يقول محللون ومختصون لـ"الرسالة نت" إن عقدة أسر الجنود ترعب الاحتلال, ويسعى حاليا إلى إستدراج المقاومة لمواجهة واستنزافها بعد تجفيف مواردها العسكرية.
محمد مصلح المختص في الشؤون "الإسرائيلية", أكد أن الاحتلال يراهن على عنصر جديد دخل على المعركة مع المقاومة الفلسطينية يتمثل باستنزاف مخزونها الاستراتيجي بعد تشديد الحصار البحري والبري وغلق الأنفاق بين مصر وغزة كليا.
ويوضح مصلح أنه لم يعد من السهل تعويض مخزون المقاومة في الوقت الراهن إلا بالإمكانات الداخلية مثل صاروخ M75 الذي صنعته القسام وضربت به "تل أبيب" قبل عام في معركة "حجارة السجيل".
واستدرك بالقول: "المقاومة استفادت من المواجهات العسكرية مع الاحتلال وتعلم أن الإمكانات الداخلية لا تكفي لحرب طويلة المدى".
ويتفق الكاتب والمحلل السياسي عدنان أبو عامر مع مصلح على أن المقاومة استفادت من معركة "حجارة السجيل" وأعدت العدة المناسبة لأي عدوان قادم.
ولم يستبعد أبو عامر أن يفيق الفلسطينيون على نبأ يفيد بعملية إستراتيجية للمقاومة الفلسطينية مثل أسر جندي "إسرائيلي" لمبادلته مستقبلا بأسرى فلسطينيين على غرار صفقة "وفاء الأحرار".
ويرى أن التحليق المكثف للطائرات "الاسرائيلية" في أجواء غزة, والعروض العسكرية لفصائل المقاومة رسائل متبادلة بين الطرفين, محذرا من رسائل الاحتلال للقطاع.
بينما يرى مصلح أن الضربات الجوية في غزة مسألة تكتيكية يسعى الاحتلال من خلالها لإرهاق المقاومة عبر إبقائها في استعداد مستمر, ومن ناحية أخرى يراهن على تأليب الرأي العام ضد المقاومة لخلط الأوراق.
في الوقت نفسه, وصف ضابط كبير في قوات الاحتلال, الجيش بأنه يعيش حالة تخبط في كيفية التعامل مع حركة حماس في غزة، قائلا "كمن يدفن نفسه في قبر، خاصة في ظل النشاط المتسارع للحركة وحفر مزيدًا من الأنفاق على الحدود مع القطاع".
ويؤكد أبو عامر أنه لا يستبعد إنزلاق الأوضاع نحو مواجهة عسكرية جراء القلق الذي أصاب الاحتلال بعد تعاظم قوة حركة حماس وما ظهر جليا في عملية "بوابة المجهول" شرق خانيونس.
ونصب القسام كمينا عسكريا للقوات "الاسرائيلية" الخاصة مطلع الشهر الحالي, أسماه "بوابة المجهول" أصيب فيه عدد من جنود الاحتلال بجراح خطرة وفقد أحدهم البصر, واستشهد أيضا ثلاثة من قادة القسام هم:خالد أبو بكرة, ومحمد داود, ومحمد القصاص.
وألمح أبو عامر, أن شكل أي حرب قادمة سيكون مختلفا عما جرى في السابق لأن "إسرائيل" غيرت تكتيكها العسكري لتعرفها أكثر على قدرات المقاومة.
وكانت كتائب القسام وعلى لسان القيادي فيها رائد سعد، حذرت الاحتلال من إشعال حرب ضروس إذا استمر في انتهاكاته ضد الشعب الفلسطيني ومقدساته.
ولم يخف أبو عامر في حديثه لـ"الرسالة نت" أن نفق القسام له تداعياته على ما يجري من حالة تسخين لأجواء القطاع لأن المستويين السياسي والعسكري يريان أن حفر النفق تطور نوعي وخطير.
ويضيف مصلح على ما أكده أبو عامر بالقول أن الأوضاع قد تتجه نحو مواجهة, خاصة بعد فشل وحدة "يهلوم" المتخصصة بالكشف المبكر عن أنفاق المقاومة الفلسطينية وتدميرها.
وازداد اهتمام الاحتلال "الاسرائيلي" بمسألة الأنفاق الأرضية عام 2005 بعدما فجرت المقاومة الفلسطينية نفقا في عدد من الجنود على محور صلاح الدين ما أدى لمقتل خمسة جنود.
ويرتكز عمل وحدة "يهلوم" في السماح للقوات بالحركة ميدانيا-لاسيما سلاح المدرعات-، حيث تساعد الدبابات على اقتحام العقبات وحقول الألغام التي تنصبها المقاومة.
ويشير مصلح إلى أن الوحدة تجري تدريبات منذ عام للقتال تحت الأرض لكن فشلت في التعامل مع هذا الخطر الاستراتيجي المتمثل بالأنفاق.
ويقول مصلح إن الاحتلال يعاني من عقدة أسر الجنود كما أنها تشكل هاجسا له, وهذا الوضع لم يعد مريحا ويضغط على القيادة العسكرية والسياسية التي تحاول أن تكون صاحبة زمام المبادرة في ضرب غزة.
ويضيف: "الاحتلال يخشى أن تكون المقاومة الفلسطينية هي من تبادر بالمعركة القادمة ويكون هو في موضع لا يحسد عليه, قائلا: "من الصعب أن تسلم إسرائيل بهذا الواقع غير أن التهدئة الحالية تخدم المقاومة أكثر مما تخدم العدو".
وكانت سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الاسلامي قد حذرت من انهيار اتفاق التهدئة في أي لحظة في ظل استمرار الخروقات "الاسرائيلية", كما جاء على لسان أبو أحمد المتحدث باسمها قبل أيام.
ويؤكد عامر ومصلح أنه لا بد من التعامل بجدية مع رسائل الاحتلال والحذر من الوصول لقيادات بارزة في المقاومة الفلسطينية تكون مقدمة لعدوان جديد.
وأشار مصلح إلى أن "إسرائيل" تحب خوض حروب مؤقتة بأهداف مؤقتة, موضحا أن الحرب المؤقتة في غزة تنتهي دون أن تستطيع الحفاظ على أي انجاز عسكري كما جرى في "الفرقان" و"حجارة السجيل".
وتسود أجواء القطاع حالة من القلق والترقب جراء التلويح بعدوان "إسرائيلي" خاصة بعد تشديد الحصار وما نتج عنه من شح في الوقود ونقص الدواء والغذاء ومواد الإعمار وغيرها.