لم تقتصر حجارة السجيل على الأداء الميداني العسكري، ورشقات الصواريخ والتفنن بالكمائن والمعلومات الإستخباراتية، بل اشتعلت معركة موازية دارت رحاها عبر الفضاء المفتوح والمواقع الاجتماعية على الإنترنت، وهذه المعارك لا تقل أهميتها عمّا يدور في الميدان، فلها آثارها المباشرة على معايير النصر والهزيمة، وتحسب في مقادير الفائز والخاسر. الاحتلال (الإسرائيلي) يولي الإعلام الجديد أهمية كبيرة ويقوم بتجييش المختصين في الإعلام وعلم النفس والتقنية الحديثة من الشباب للمشاركة في نقل وجهة نظره العدائية وتجميل قبحه في العقل الغربي، وهو يستهدف بذلك التأثير على الرأي العام الامريكي والأوروبي والآسيوي لكسب مزيد من الجمهور لصالح عدوانه، ليصب لصالحه في المعركة. ويقوم باختيار مجموعات شبابية مدربة إعلاميا تمتلك مهارات التحدث بلغات شتى لتخاطب نوعيات مختلفة من الجمهور وفق منطقه ولغته، مع تغذية هذه المجموعات بالمعلومات والنصائح والتوجيهات، ومدهم بمواد مصورة عبر الفيديو و"الفوتوجرافيك". كشفت حرب السجيل عن ساحة مهمة من المعارك دارت رحاها بين الجيش (الإسرائيلي) من جهة وكتائب القسام من الجهة الاخرى، وقد رصدت قنوات إعلامية كالـ"سي ان ان" و"روسيا اليوم" وغيرهما هذه الحرب ونشروا إحصائيات دقيقة حول مدى تأثير الهاشتاج ومدى قدرة كل طرف على الاقناع والتأثير، وهذا دليل على اهمية هذا العمل ومدى حاجتنا للابداع في هذه الساحة. من المعلوم أن كتائب القسام لها أداء إعلامي لا يقل قوة وحكمة عن أدائها العسكري، وتتميز بالمرونة واغتنام الفرص الاعلامية والتطور وفق الوسائل الجديدة، والناطق باسم القسام متمكن ويقول ما يجب قوله فقط، وقيادته توصل رسائلها الاعلامية بحرفية عالية، وانتقاؤها لعباراتها يتم بشكل دقيق ومتوازن، كما أن الشباب العربي متحمس جدا لمقاومة غزة ويتطوع بتلقائية وحماس لدعم رؤية المقاومة الفلسطينية. ويجب التأكيد على أن حرب الصورة مهمة جدا في المعارك الإعلامية، فصورة واحدة قد تقلب موازين الرأي العام العالمي وتؤثر تأثيرا كبيرا، وقد تشعل حربا وتطفئ أخرى، ولهذا نحتاج كفلسطينيين أن نتعلم ما يُنشر فيخدم وما لا ينشر، فعني لا أنصح الإكثار من نشر صور الشهداء وهم مكشوفو الوجوه والأجساد، فللإنسان حرمته وقدسيته وهذه الصور لا تجلب التعاطف وقد يعتبرها البعض متاجرة بالموت وتدل على الضعف وسهولة قتلنا، فالإنسان الغربي يفضل القصص الانسانية والدرامية والتحدث عن التفاصيل الصغيرة وصورة طفل يدمع يحتضن صورة والده الشهيد قد يكون لها تأثير كبير. كما أننا نحتاج لنشر صور المقاومة والصواريخ بكثرة فالعالم يحترم الشعوب القوية التي تقاتل وتدافع عن نفسها، فصورة عملية واحدة أفضل من تنفيذ عشرين عملية من غير تصوير، ومشهد دبابة مدمرة له تاثير نفسي وميداني يفوق تدمير عشرين دبابة من غير صورة، لهذا أنصح أن تكون أمام كل بندقية كاميرا، وأمام كل مقاتل محترف اعلامي مهني، وان نهتم بالإعلاميين اهتمامنا بالمقاتلين. الفرصة اليوم مواتية فكل فرد منا يستطيع ان يتحول الى إعلامي ينافح عن قضيته ويسد ثغرة، فالمواقع الاجتماعية فتحت المجال واسعا لننشط جميعا ونستثمر هذه الحالة لصالح معركتنا، وعلينا التعلم والتفقه وتحمل مسؤولية نقل قضيتنا وفكرتنا للعالم أجمع، فمن السهولة بمكان أن نتحول جميعنا لجنودٍ في معركتنا ضد الاحتلال قبل وأثناء وبعد أي مواجهة.
مقال: فيسبوك وتويتر ويوتيوب ساحات معارك وقتال
بقلم: إبراهيم المدهون