قائد الطوفان قائد الطوفان

لتكدسها وضعف الترحيل

النفايات تنفجر في غزة !

أكوام من النفايات في غزة (أرشيف)
أكوام من النفايات في غزة (أرشيف)

الرسالة نت - أحمد الكومي

في حي الصبرة شرق مدينة غزة يجوب ياسر (36 عامًا) الشوارع بعربة كارو يجرها حمار، يجمع أكياس القمامة لترحيلها لاحقًا إلى محطات نفايات أوجدتها بلدية غزة كبديل مؤقت عن المكب الرئيسي بجُحر الديك (شرقًا).

حيث أحالت أزمة الوقود سيارات جمع النفايات إلى راحة بمدى زمني مجهول، ودفعت بلدية غزة إلى الاستعاضة بعربات كارو تجرها الحيوانات، مع دخول أزمة الكهرباء في غزّة أسبوعها الخامس.

ويدور حديث عن تفاؤل كبير لحل "وشيك" للأزمة منبعه قطر التي تحتفظ بعلاقات جيدة مع حركة حماس، حيث تبحث الدولة الصغيرة مع مبعوث رئيس السلطة محمود عباس، رامي الحمدالله، آلية لإنهاء الأزمة سواء بالاتفاق معه أو بالاتفاق مع (إسرائيل).

يبدأ عمل ياسر، حاله حال 220 عاملًا يملكون عربات كارو لدى بلدية مدينة غزة، الساعة 5:30 فجرًا، وينتهي الساعة 11:30 ظهرًا، ومهمتهم جمع 700 طن نفايات تنتجها غزة يوميًا، المدينة التي يقطنها 700 ألف نسمة، ويزورها من المدن والمحافظات المجاورة ما يزيد عن 100 ألف آخرين.

ولاحظت "الرسالة نت" خلال جولة قصيرة لشوارع المدنية، انتشار عربات الكارو بكثرة، وغيابًا واضحًا لسيارات جمع وترحيل النفايات، التي تملك بلدية غزة 65 مركبة منها فقط، تحتاج شهريًا إلى 65 ألف لتر وقود !

وبالأمس القريب كان محمد الفرا وزير الحكم المحلي بغزة قد أعلن توقف آليات نقل النفايات الصلبة عن العمل. ومعنى ذلك، وقف ترحيل النفايات إلى المكب الرئيسي (جُحر الديك) وإبقائها جاثمة في أمكان تجمعها القريبة من المواطنين، وهو ما يعني كارثة حقيقية على المدى القريب !

بيد أن المهندس عبد الرحيم أبو القمبز مدير عام الصحة والبيئة في بلدية غزة، استبق الحدث، وقال "نحن نعيش الكارثة الآن". وذكر "أن الـ220 عربة كارو، لا تستطيع الوصول إلى المكب الرئيسي، وعليه نضطر إلى تجميع النفايات في المحطات البديلة، كمحطة اليرموك، والشيخ رضوان، ومحطة الشجاعية، والزيتون، وساحات عديدة"، مستدركًا: "وهنا تكمن المشكلة".

وشرح لـ"الرسالة نت" أنه عندما تخزّن النفايات داخل المدينة وبالقرب من السكان، تكون بذلك مواطن للأمراض والأوبئة، ما قد يجلب الخطر للسكان، فضلًا عن أن الراشح من النفايات يتلف التربة !

وأضاف أبو القمبز: "نحن اليوم نعيش الأزمة والكارثة، ولو تجولتم لشاهدتم تكدس النفايات". ويعزو ذلك إلى ضعف الترحيل في المحطات البديلة.

ومن الطبيعي أن تتحول الأزمة إلى كارثة في قطاع غزة على وجه التحديد، بصفته أكثر بقاع الأرض اكتظاظًا بالسكان، حيث يقطنه ما يزيد عن مليون و800 ألف نسمة في بقعة جغرافية تبلغ مساحتها 360 كليومتر.

وينظر اختصاصيو البيئة إلى النفايات الصلبة وانتشارها على أنها "من أخطر المشكلات"؛ نظرًا لآثارها الضارة على السكان، فضًلا عن شح الأماكن المخصصة للتخلص منها، وهو ما دفع المسؤولين سابقًا للبحث عن حلول، وكانت بإقامة مصانع فرز وتدوير، وكان أول مصنع أقيم في رفح (جنوبًا) لكن أزمتي الوقود والكهرباء كانتا حاضرتين أيضًا.

حيث تسببتا بتوقف 3900 مصنع في غزة عن العمل، وفق إحصائيات اتحاد الصناعات الغذائية، فضلًا عن الخسائر التي تكبدها القطاع بفعل الحصار، التي بلغت حتى اللحظة مائتي مليون دولار، مما اعترى السوق الركود، وارتفعت معدلات البطالة وسُرِّح آلاف العمال.

وكان لبلدية غزة حصة من الخسائر الناجمة عن أزمة الوقود، حيث "انخفض دخلها بشكل رهيب، وهي بالكاد تسعى جاهدة لتوفير رواتب موظفيها"، وفق أبو القمبز، مع الإشارة هنا إلى أن معظم أصحاب عربات الكارو على بند البطالة، وياسر واحد منهم، ويتقاضى مبلغ 800-100 شيكل، أي بمعدل 250 دولار.

وعزا أبو القمز ذلك إلى أمرين، أولهما توقف قطاع التنظيم والانشاءات "الذي أفقد البلدية دخلًا من رسوم الأبنية"، وكذلك انخفاض نسبة "مسددي الفواتير".

وقال: "توقف عجلة الاقتصاد، رفع معدلات البطالة في غزة، ما يعني إحجام المواطنين عن دفع الفواتير، لتنخفض نسبة المسددين إلى 10-15% بعدما كانت في حدود 30-35%" !

تجدر الإشارة هنا إلى أن معدل البطالة في قطاع غزة وصل إلى 50% مع الحصار والإغلاقات وأزمات الكهرباء والوقود.

ويتحرى الفلسطينيون في غزة ببالغ الشوق نتائج التفاؤل الذي أبداه وأفصح عنه فتحي الشيخ خليل رئيس سلطة الطاقة في القطاع بحل "وشيك" لأزمة الكهرباء ويتبعها الوقود، في الفترة المقبلة، وهو ما يحدوهم إلى مقارعة الدقائق والساعات، والأيام "إن تبخّرت الوعود".

البث المباشر