قائمة الموقع

"كانون النار" .. الملاذ الدافئ لأهالي غزة

2013-12-16T18:38:48+02:00
شبان يجتمعون حول كانون نار (بعدسة محمود أبو حصيرة)
الرسالة نت – أحمد طلبة

"كانون النار" في غزة، وحده يمثل خلال فصل الشتاء ماكينة الخياطة التي يمكنها أن تصنع معطف الدفء لتلبسه أجسادًا نخر البرد عظمها، في ظل أزمة الكهرباء وغياب وسائل التدفئة.

البرد القارس وانخفاض درجة الحرارة وانقطاع الكهرباء، كلها أسباب تجمّعت لتُلجئ المواطنين في غزة إلى إشعال النار، فربما تعوضهم دفئًا.

المواطن حازم أحمد ينشغل في مهمة جمع الحطب وبقايا خزانة خشبية من على سطح منزله، ليغذّي بها كانون النار لتستمر في بثّ لهبها.

ويقول حازم لـ "الرسالة نت" إنه يضطر وعائلته إلى استخدام "الدفاية" خلال فصل الشتاء للهرب من برودة الجو، لكن غياب الكهرباء يحول دون ذلك.

ويضيف: "الشتا هادي السنة من أبرد الفصول اللي مرت عليا (..) واللي زاد الاحساس بالسقعة قطع الكهربا دايمًا في الوقت احنا بأمسّ الحاجة إلها".

ويلجأ حازم وكثير مثله إلى إشعال النار إما باستخدام الحطب، أو عن طريق شراء الفحم المخصص للتدفئة وطهو الطعام.

ويستمتع بـ "جو الأُلفة" الذي يخلقه كانون النار، إذ يتجمع وأصدقاؤه حول النار لتجاذب أطراف الحديث وقضاء ساعات في ظل انقطاع الكهرباء، ويقول: "ربّ ضارة نافعة".

وتعتبر النار من أقدم وسائل التدفئة التي استخدمها الإنسان في العصر الحجري، وقد جرى استخدامها أيضًا لأهداف مختلفة مثل: طهي الطعام، والحماية من الحيوانات المفترسة، والإتصال.

ويضيف حازم: "أنا بكره ريحة النار على الأواعي لكن مضطر إلها"، في حين يقاطعه محمد السوافيري: "على الرغم من مساوئها والمخاوف من نتائجها، إلا أنها الملاذ الوحيد".

السوافيري.. يلعب هنا دور نافخ الكير، فتارة يشعلها بنفخ الهواء المنبعث من فمه، وأخرى باستخدام مروحة يدوية.

ويقول السوافيري لـ "الرسالة نت" إن جلسة الأصدقاء تحلو مع صنع براد الشاي على النار، "بدنا نمضّي هالوقت (..) فش حاجة نعملها والكهربا قاطعة".

وبعد أن ينتهي محمد من جمعة الأصدقاء تكون النار قد تحولت إلى جمر، فينقلها إلى داخل منزله لتنعم أسرته بالدفء.

السوافيري لا يحبّذ وضع الكانون داخل بيته، خاصة أن لديه طفلين صغيرين، وحرصًا منه على حياتهما يرفض ذلك، إلا أنه مضطر.

ويضيف: "سمعت خلال الفترة الماضية عن حوادث وفاة لأسر كاملة، سببها اختناق أفراد العائلة من دخان النار، بعد ما وضعوا الكانون داخل غرفة النوم ونسيوه".

أما المواطن أحمد عوكل فيبتكر طرقًا جديدةً لإشعال النار، كونها أصبحت مصدر الدفء الأول في ظل غياب معظم مصادر الطاقة خلال فصل الشتاء.

يبدأ عوكل بإشعال النار على سطح منزله، وينتظر حتى تصبح جمرًا، فيضعها في إناء مصنوع من الفخّار، وينزلها بعد ذلك إلى بيته لتدفئة أولاده الذين "أكلهم البرد". وفق قوله.

وهناك طريقة أخرى يلجأ إليها عوكل، تتمثل في جمع مخلّفات الخشب الناعمة (النجارة) وضغطها في وعاء حديدي، ومن ثم إشعالها من الأسفل.

ويقول: "هادي الطريقة قديمة وضررها قليل، ما بتعطي دخان كتير، وبتعطي حرارة كويسة، وبقدر أحطها في الدار بدون خوف أو قلق".

ويتابع عوكل: "شح الغاز يدفعني في أحيان كثيرة إلى الطبخ على النار، وهيك باضرب عصفورين بحجر واحد، بدفى وبطبخ بنفس الوقت".

ويستخدم المواطنون في غزة النار أيضًا لأغراض طهي الطعام، في ظل شح الغاز الصناعي الذي يدخل إلى القطاع بكميات محدودة جدًا عبر معبر كرم أبو سالم "التجاري".

اخبار ذات صلة