تناقلت وسائل إعلام عديدة تابعة للسلطة برام الله وحركة فتح، خبراً مفاده أن حركة حماس أبلغت رئيس السلطة محمود عباس، موافقتها على تشكيل حكومة وحدة وطنية، تمهيداً لإجراء الانتخابات، الأمر الذي نفته قيادات في فتح والسلطة قبل أن تنفيه حركة حماس.
وليس هذا الخبر الوحيد الذي يتم تسريبه أثناء وبعد الكارثة الطبيعية التي حلت على قطاع غزة من جراء المنخفض، فقد كان من جملة هذه "الأخبار الكاذبة" أن رئيس السلطة قد أمر بضخ السولار لتشغيل محطة توليد الكهرباء بغزة دون ضرائب.
و علماً أن حركة حماس أبدت في كل الأوقات استعدادها لانجاز المصالحة وموافقتها على تشكيل حكومة الوحدة تمهيداً للانتخابات.
"تدليس" في الأزمات
وقال صلاح البردويل القيادي في حركة حماس، أن ما نشر في وكالة معاً أو غيرها من وسائل الإعلام مؤخراً حول المصالحة وتشكيل الحكومة "كلام غير صحيح، وفيه نوع من التدليس". وأضاف "حماس جاهزة للمصالحة وتجاوبت مع ملف تشكيل الحكومة ولا يوجد جديد على هذا الصعيد".
"البردويل: حماس جاهزة وتجاوبت مع تشكيل الحكومة ولا جديد
"
وأشار البردويل إلى أن الهدف من نشر هذا الأخبار هو " ترك انطباع بأن حماس كانت ترفض المصالحة وتشكيل الحكومة، وأنها وافقت على ذلك بعد الاتصال الذي جرى بين مشعل وعباس فقط، وتصوير المشهد على أن موافقة حماس جاءت أثناء أزمة المنخفض في قطاع غزة".
وأوضح البردويل لـ"الرسالة نت" حقيقة مبادرة مشعل بالاتصال بعباس ليضعه في المسؤولية حول ما يجري في قطاع غزة من كارثة طبيعية وضرورة أنه يرفع القيود عن دخول البترول إلى محطة الكهرباء في غزة والمشاركة في تخفيف الكارثة عن أبناء القطاع المحاصر.
وذكر البردويل أنه على هامش الاتصال بينهما نصح مشعل عباس بألا يتورط في المفاوضات والتوضيح بأنها باتت خطيرة وطالبه بألا يقترب من الثوابت، وعباس بدوره قال "لن نقترب من الثوابت ولن نتنازل عنها!".
وأشار البردويل إلى أن مشعل أكد لعباس على ضرورة تحقيق وإنجاز المصالحة الوطنية، ولكن -والكلام للبردويل- يبدو أن عباس لا يملك جواباً شافياً في هذا الموضوع لأنه يخشى أن يكون ثمن ذلك أن تناصبه الولايات المتحدة الأمريكية العداء وتعرقل مسيرة المفاوضات التي يتشبثون بها.
الجميع في مأزق
بدوره غسان الشكعة عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير اعتبر ملف الحكومة متفق عليه أصلاً في الحوارات السابقة وخاصة في اتفاق القاهرة.
وذكر الشكعة لـ"الرسالة نت" أن الخلاف كان فقط على مدة بقاء الحكومة، فعباس أصر على ثلاثة أشهر، بينما أرادت حمال وبعض الفصائل ستة أشهر قبل التحضير للانتخابات البرلمانية والرئاسية.
"الشكعة: عباس ومشعل في مأزق ويجب الخروج منه في أسرع وقت
"
ويأمل الشكعة يكون مشعل وعباس قد اتفقا على تشكيل حكومة الوحدة الوطنية للدخول في أولى خطوات تحقيق المصالحة، مشيراً إلى أن الجميع في مأزق ويجب الخروج منه في أسرع وقت ممكن.
إرباك للمشهد
ويرى يوسف رزقة المستشار السياسي لرئيس الوزراء أن ما سربته وكالة معاً وغيرها حول تشكيل الحكومة "جاء من مصادر مجهولة يبدو أن لها أغراضاً إعلامية وسياسية لإرباك المشهد".
وذكر رزقة لـ"الرسالة نت" أن المعلومات المتعلقة بالمصالحة يجب أن تخرج من جهات رسمية محددة، منوهاً إلى أن الجهات الرسمية في السلطة نفت الخبر، وبالتالي على المهتمين أن يبحثوا عن أغراض التصريح لوسائل الإعلام.
وأكد رزقة أن ما يتعلق بحوارات المصالحة ومكوناتها في الملفات الخمسة ومنها ملفي الحكومة والانتخابات هي على ما تم الإتفاق عليه في الحوارات التي تمت في مصر أو الدوحة ولم يطرأ جديد على مواقف كل من الحركتين.
وقال "ندرك أنه مادامت المفاوضات بين رئيس السلطة وبين (إسرائيل) برعاية كيري حول المسائل الفلسطينية، فإن المصالحة مع حركة حماس مؤجلة بالضرورة نتيجة للموقف (الإسرائيلي) والأمريكي الرافض لها".
وأضاف "موقف حماس ثابت قبل وبعد العودة إلى المفاوضات، وحذرت السلطة من الأضرار التي تمثلها هذه العودة"، منبهاً إلى أن هناك أحد عشر فصيلاً أجمعوا على أن العودة للمفاوضات سيئة وعبثية.
ضريبة وقت الأزمة
وفيما يخص "الأنباء الكاذبة" حول موافقة رئيس السلطة على إدخال السولار الصناعي لمحطة الكهرباء في غزة وقت الكارثة الأخيرة، فقد أوضح البردويل أن رئيس الوزراء إسماعيل هنية بادر بالاتصال بعباس وطلب منه إدخال السولار بعد إعفائه من الضريبة، ولكن عباس رفض بحجة أنه "محتاج لكل قرش ولا يستطيع أن يتنازل عن الضريبة".
وأضاف أن هذا الرد هنية للاتصال بأمير قطر الشيخ تميم بن حمد، الذي بدوره استعد لتغطية قيمة الضريبة لعباس ودفع 10 مليون دولار مقابل إدخال شحنات السولار لتشغيل مولدات الكهرباء.
أما الشكعة فذكر أنه ليس لديه أدنى فكرة عن الوعودات التي تناقلتها وسائل الإعلام أثناء الكارثة الجوية حول استعداد عباس لإدخال الوقود لمحطة الكهرباء بغزة بدون ضرائب، مضيفا أن عباس لا يمكنه أن يطلب من القطريين ضريبته، لأنه يعرف أن القطريين غير مستعدين للتعامل مع (الإسرائيليين) في إدخال هذه المواد، وبالتالي كانت الطريقة المثلى إدخاله بواسطة السلطة برام الله ، لأن لها صفة الشرعية والعلاقة اليومية والتبادلية مع (إسرائيل).
"رزقة: الخارجية في غزة تواصلت مع رام الله لشهر ونصف دون نتائج
"
وكشف رزقة أن وزارة الخارجية في غزة تواصلت مع رام الله على مدار شهر ونصف من أجل توريد الوقود لغزة بدون ضريبة أو بضريبة مخفضة، مؤكداً أن هذه الجهود لم تُسفر عن أية نتائج ملموسة.
وأشار رزقة أنه سيبقى لعباس وسلطة رام الله دور مهم في تسهيل عملية المساعدة في الحل لأن الجانب (الإسرائيلي) يتعامل معهم في مثل هذه الأمور مباشرة، وبالتالي ينبغي أن يكون للسلطة دور ايجابي وأن يكون ما حدث في المنخفض درساً للجميع، وفق تعبيره.