كفلسطينيين لدينا إيمان راسخ بأن القضية الفلسطينية والتحرير والعودة تحتاج إلى جهد الجميع فلسطينيا وعربيا وإسلاميا وأن الفلسطينيين وحدهم لن يتمكنوا من تحقيق حقوقهم وتحرير أرضهم التي اغتصبت على أيدي العصابات اليهودية، في غفلة وضعف من أطراف كثيرة فلسطينية وعربية وإسلامية، وتآمر غربي للتخلص من العقدة اليهودية في أوروبا، عبر إقامة كيان يهودي لهم في فلسطين على حساب الشعب الفلسطيني وحقوقه.
البعدان العربي والإسلامي مهمان للشعب الفلسطيني من أجل تحقيق الحقوق وإنهاء الاغتصاب الصهيوني للأرض الفلسطينية وإزالة هذا الكيان السرطاني -المزروع في قلب العالمين العربي والإسلامي- الذي يهدف إلى السيطرة على مقدرات المنطقة وتحويلها إلى مرتع للتجسس خدمة للكيان الصهيوني وللمخابرات العالمية لإبقاء المنطقة العربية والإسلامية خاضعة لسيطرتهم وتحويلها لخدمة أهدافها الاستعمارية، بعيدة عن خدمة قضايا الأمة وعلى رأسها القضية الفلسطينية.
ندرك اليوم أن الأحوال العربية لا تسر عدوا ولا حبيبا وهي في حالة من الترهل والخلاف والصراع وتعيش الكثير من البلدان في حالة من الفوضى والاضطراب لأسباب كثيرة ورغم ذلك تبقى القضية الفلسطينية مهمة لهم وان مسئوليتهم تجاهها لا يمكن أن تسقط رغم هذه الأحوال السيئة وهذا الضعف والترهل وسوء الإدارة والتبعية لأمريكا والغرب وسلب الإرادة والارتهان لمصالح ضيقة.
كل ذلك لا يعني أن يتخلى العرب عن واجبهم ومسؤولياتهم تجاه الشعب الفلسطيني وقضيته وان يبحثوا عن حلول أو يوافقوا على مشاريع تصفية للقضية تطرحها أمريكا وأوروبا حفاظا على بقاء هذا الكيان الغاصب على حساب حقوق الشعب الفلسطيني وان يشرعوا للتنازل عن هذه الحقوق، أو يتماهوا ويطرحوا مبادرات تعبر عن ضعفهم وتشجع الاحتلال الصهيوني على العربدة، ومزيد من التصلب طمعا في مزيد من التنازلات من خلال ممارسة الضغط على المفاوض الفلسطيني للقبول بالمعروض، والذي يشكل حلا كارثيا للقضية الفلسطينية، ويمثل ضياع مؤقت للحقوق ويطيل بقاء هذا الكيان الغاصب.
يظن بعض المسؤولين العرب بأن الهروب من تحمل المسؤولية تجاه القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني يرفع عن كاهلهم أعباء كثيرة ويقبلون بوجود الكيان في المنطقة تحت ذريعة الأمر الواقع والضعف وعدم القدرة على تحرير الأرض وعودة المهجرين وإنهاء حالة الاغتصاب، متناسين أن هذا الكيان له أطماع تفوق حدود فلسطين وصولا إلى عمق عالمنا العربي للسيطرة السياسية والاقتصادية عليه من هذا الكيان المدعوم أمريكيا وأوروبيا.
"من لا يستطيع الزواج لا يحل له الزنا" قاعدة يبدو أن الزعماء العرب والمسلمين وعلى رأسهم محمود عباس غابت عنهم، فعدم القدرة على إعادة الحقوق والتحرير لا يعني التنازل لهذا الكيان عن الأرض والاعتراف به وتثبيت كيانه أو التماهي مع السلطة الفلسطينية في رام الله ومع محمود عباس في مشروعه الهادف إلى إسقاط حقوق الشعب الفلسطيني والقبول بحل مؤقت انتقالي يترتب عليه ضياع الحقوق وإدماج هذا الكيان في المنطقة والاعتراف العلني به وإقامة العلاقات الطبيعية معه رغم الجرائم والقتل وإراقة الدماء بحق الشعب الفلسطيني ورغم إعلان هذا الكيان نواياه التهويدية والخبيثة ضد مدينة القدس وهدم المسجد الأقصى لإقامة هيكلهم المزعوم.
ما اقره وزراء الخارجية العرب في اجتماع القاهرة الأخير من تفويض لمحمود عباس للتنازل عن حقوق الشعب الفلسطيني من خلال المشروع الأمريكي لتصفية القضية الفلسطينية والقيام بدور المحلل (التيس المستعار) هو أمر مستهجن ومدان في نفس الوقت، وكان الأولى بهم أن يردوا عباس إلى العقل ورفض التفريط بالحقوق وبالقضية والأرض الفلسطينية لا أن يشجعوه على التنازل عن الحقوق والثوابت.
وهنا نؤكد أن الشعب الفلسطيني الذي اسقط كل مشاريع التصفية للقضية الفلسطينية سواء السياسية أو مشاريع التوطين لقادر على إسقاط أي مشروع حتى لو كانت أمريكا تقف خلفه لأنه صاحب حق وانه لازال متمسكا بحقه غير مفرط به وإن فرط بعض المنتمين إليه، وستبقى المنطقة ليست الفلسطينية فقط بل والعربية في حالة اضطراب وعدم استقرار ما لم يستقر الشعب الفلسطيني على كامل ترابه، فحقوق الشعب الفلسطيني لا تسقط بالتقادم ولا تطويها مشاريع سياسية باطلة تنتقص من حقه في العودة والتحرير.