تعتصر جملات أحمد في العقد الرابع من العمر ألما بفعل اشتداد المرض في جسدها الذي يحيا على أرض قطاع غزة المحاصرة.
ونفس الألم يصيب مئات المرضى في غزة في ظل تدمير الأنفاق الأرضية بين غزة وسيناء منذ الانقلاب العسكري على الرئيس المنتخب محمد مرسي في الثالث من يوليو/تموز الماضي.
وفشلت محاولات السيدة أحمد خلال الشهرين الماضيين بمغادرة غزة لتلقي العلاج؛ نظرا لحظها السيئ في اجتياز الحدود من بوابة معبر رفح الذي يعمل جزئيا في أوقات محدودة خلال الشهر.
وكانت أحمد (41 عاما) تجلس على سرير المرض بمستشفى أبو يوسف النجار وكل أملها أن تنهي جلسة غسيل الكلى شبه اليومية.
وقالت "حصلت على تحويلة طبية للعلاج في مصر منذ أكثر من شهرين, لكن كل ما بفتح المعبر لا يصلني الدور."
وأضافت السيدة جملات "كل ما أريده في الوقت الحالي أن أغادر غزة من أجل زراعة كلى جديدة تجنبًا الألم اليومي " متمنيًا أن تعود للحياة من جديد مع أسرتها.
وتشير إلى أن الأطباء نصحوها بسرعة إجراء تلك العملية نظرا لخطورة حالتها وحاجتها لكلى جديدة استعدت شقيقتها منحها إياها.
والسيدة أحمد من مخيم رفح متزوجة ولديها أسره مكونة من ستة أفراد وقد أصيبت بالفشل الكلوي قبل ثلاث سنوات.
ولا تختلف معاناة رائد حلمي في العقد الثالث من العمر المصاب بسرطان الدم عن معاناة السيد أحمد إذ تشاركا الفشل في اجتياز معبر رفح لتلقى العلاج في الخارج.
وفشل حلمي في السفر خلال فتح المعبر هذا الشهر رغم وصوله إلى البوابة المصرية على متن عربة إسعاف بزعم عطل في أجهزة الحواسيب في الجانب المصري ولم يحاول في اليوم الأخير السفر نظراً لشعوره بإعياء شديد.
ويقول حلمي "لقد اكتشف المرض قبل ثلاثة أشهر ومنذ ذلك الوقت وأنا أجهز أوراقي من أجل السفر لتلقي العلاج لكن لا اعرف متى سيحالفني الحظ وأسافر".
ويضيف مترحماً على الماضي القريب "لقد سافرت مرتين في النصف الأول من هذا العام إلى مصر ولم أكن مريضاً ..".
وكان الفلسطينيون يعيشون أزهى أيامهم على معبر رفح إبان تولى مرسي سدة الحكم في مصر كأول رئيس مدني يصل عبر صناديق الانتخابات.
وكثيرون في غزة حتى ممن لا يؤيدون حركة "حماس" وجماعة الأخوان المسلمين يترحمون على أيام مرسي خصوصاً في ظل حالة الحصار الخانق التي يعيشها القطاع في هذه الأثناء.
ومعبر رفح مغلق منذ عشرة أيام بعد تشغيله لخمسة أيام بشكل جزئي مطلع هذا الشهر.
وحتى ماهر أبو صبحه مدير هيئة المعابر في غزة ليس لدية إجابة بشأن إعادة تشغيل المعبر رغم أنه يتواصل بشكل يومي مع نظرائه المصريين ويحثهم على إعادة تشغيله بأسرع وقت ممكن لحاجة المئات في غزة للسفر.
وما يحدث على المعبر خلال الأشهر الستة الماضية هو نسخة من السياسة التي كان يتبعها نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك.
وتقول وزارة الصحة إن 600 مريض كانوا يتلقون العلاج شهرياً في المشافي المصرية.
ويوضح الناطق باسم الصحة الطبيب أشرف القدرة لـ"الرسالة نت" أن استمرار إغلاق معبر رفح فاقم الوضع الصحي لـ 300 مريض ممن يعانون من السرطان وأمراض الدم والكلى.
ويبين القدرة أن 30 بالمئة من الأدوية "كانت تصل من معبر رفح بموافقة حكومة هشام قنديل لكنها لا تصل الآن إضافة إلى توقف قوافل الإغاثة وكسر الحصار عن الوصول إلى غزة وتقديم الأدوية والدعم اللازم لمشافيها".