قمصانٌ لونها أصفر عكست حالة الطوارئ التي عاشتها اللجنة الحكومية للطوارئ أثناء منخفض "أليكسا" لإنقاذ المتضررين وفتح مراكز الإيواء وتنظيف الشوارع وترميم ما دمره المنخفض.
رئيس اللجنة المهندس ياسر الشنطي أكد أن عملهم لم يكن أثناء المنخفض فحسب, فمنذ أوائل شهر نوفمبر أخذت الحكومة الفلسطينية الخبر الذي أوردته وكالات الأنباء ويفيد بأن بلاد الشام ستتعرض إلى منخفضات قطبية, بمحمل الجد.
بناء عليه قررت تشكيل لجنة لمواجهة الكوارث الطبيعية في وجه الشتاء، وذلك برئاسة وزارة الأشغال العامة والإسكان وعضوية وزارة الحكم المحلي والشؤون الاجتماعية والدفاع المدني وسلطة الطاقة ولاحقا أضيفت "الصحة".
ونوه الشنطي خلال حواره مع "الرسالة نت" إلى أن اللجنة عقدت عدة اجتماعات قبل المنخفض الجوي، مشيرا إلى أن كل جهة جهزت خطة رفعت مباشرة إلى الحكومة الفلسطينية.
ثلاث مراحل
ولفت الشنطي إلى أن الخطة اعتمدت على ثلاث مراحل مرحلة "ما قبل المنخفض وأثناء وما بعده"، منوها إلى أنه تم تجهيز آليات ومعدات "الأشغال" لمواجهة أي انجرافات وتجمعات المياه، "في حين جهز الدفاع المدني معداته وعقد دورات تدريبية في كيفية مواجهة الكوارث وإنقاذ المواطنين كما جهز خطة للإيواء".
وشملت المرحلة الأولى وفق الشنطي تجهيز البلديات مضخاتها وتوظيف البالوعات ومصارف المياه، مبينا أن سلطة الطاقة وشركة الكهرباء فحصتا الخطوط المعرضة للانقطاع من أجل صيانتها، ومنبها إلى أن ذلك ساهم في تخفيف الأزمة.
"خطة الطوارئ اعتمدت على ثلاث مراحل: ما قبل المنخفض، وأثناءه وما بعده
"
وقال: "لولا المرحلة الأولى من عمل اللجنة لكانت الكارثة وتوابعها أكبر بكثير"، وأضاف: "كمية الأمطار التي هطلت كانت غزيرة وفوق المتوقع إذ قدرت بـ328 ملم وهي تعادل 90% من معدلها السنوي".
وبين الشنطي أن المنخفض وما تخلله من أمطار وثلوج وعواصف كان فوق طاقة شبكات البنى التحتية والصرف الصحي أو المضخات "ما أدى إلى غرق مناطق متفرقة في القطاع".
فيما يخص عمل اللجنة أثناء المنخفض، أكد أنها ركزت على إنقاذ المتضررين وفتح مراكز الإيواء وتنظيف الشوارع وترميم ما دمر أثناء المنخفض.
الطواقم الفنية العاملة في لجنة الطوارئ الرئيسية أو الفرعية عملت على مدار الساعة حتى بعد انتهاء المنخفض، وهنا أثنى الشنطي على الجهود المبذولة في تخفيف الأزمة.
خلال المنخفض أجليت 3300 عائلة من منازلها، كما وصل 1115 إلى مراكز الإيواء والبقية لجأوا إلى أقربائهم.
وحول وضع مراكز الإيواء بعد انتهاء "أليكسا"، قال رئيس اللجنة الحكومية للطوارئ: "جرى إيواء العائلات في 19 مركزا موزعة على القطاع ثم قدمت (الشؤون الاجتماعية) كل ما يلزم من مساعدات غذائية وأغطية بمشاركة بعض الجمعيات الخيرية والدولية كالصليب الأحمر ومنظمة الغذاء العالمي".
وتابع: "بعد انتهاء المنخفض بيومين أخلينا كل مراكز الإيواء وعادت العائلات إلى منازلها بعد شفط المياه منها عدا منطقة النفق".
أضرار جسيمة
أما عن حجم الأضرار والخسائر التي لحقت بالقطاع بعد المنخفض الجوي، فبين الشنطي أن اللجنة ليست مسؤولة عن الأضرار، موضحا أنها خاصة لمواجهة الكوارث، "ثم كل وزارة تحصي بدورها الأضرار ذات العلاقة بها".
وذكر أن التقديرات الأولية للخسائر هي 64 مليون على مستوى القطاع، قائلا: "الأضرار جسيمة خاصة بعد غرق 500 منزل في شارع النفق والزرقا وقد نضطر إلى تأجّر مساكن في حال أثبتت لجان التقييم أنها لا تصلح للسكن".
"جرى إيواء العائلات في 19 مركزا موزعة على القطاع ثم قدم لهم كل ما يلزم
"
ورغم الحديث عن جسامة الخسائر المادية فإن رئيس لجنة الطوارئ طمأن بقوله إنه لم تسجل خسائر في الأرواح، عازيا ذلك إلى الاستجابة الفورية من طواقم الدفاع المدني، "فلم يغرق أحد"، مثمنا دور لجان الأحياء ووجودها في الميدان ومساندة الدفاع المدني, "في حين سجلت 109 إصابات أربعة منها في حالة حرجة".
أما عن أكثر المناطق التي تضررت بعد المنخفض, فبين الشنطي أن منطقة النفق كانت الأكثر ضررا، مشيرا إلى المناطق المنخفضة والمحيطة ببركة أبو راشد في مخيم جباليا، وحي المنارة والزرقا، وجميزة السبيل والجنينة في رفح، والمغراقة، ووادي غزة بسبب فتح الاحتلال السدود.
عند الحديث عن الخسائر لا بد أن نسأل عن التعويضات، وهنا أوضح الشنطي أنه بعد الانتهاء من المنخفض شكلت وزارة الأشغال 25 فرقة حصر موزعة على قطاع غزة تشمل "الشؤون الاجتماعية" و"الأشغال" والبلديات وأعضاء لجان الأحياء.
وفيما يخص قيمة التعويضات، بين أن الأضرار فُرزت إلى بند يخص المبنى وآخر يخص الأثاث، منوها إلى أن اللجان قيمت البندين، "ومن المواطنين من عوض في الاثنين".
وقال: "لا نستطيع دفع مبالغ التعويضات مرة واحدة"، عازيا ذلك إلى أن وزارة الأشغال لم تنته من التقديرات.
وأكد أن حوالي ألف عائلة أخذت جزءا من التعويضات منها ما كان كليا، منبها إلى أن كل بيت متضرر يعوض وفق أضراره وما يمتلكه من أثاث، "فالأضرار تختلف بين بيت وآخر".
مليون ونصف المليون دولار حجم التعويضات التي قدمتها الحكومة جزئيا إلى أن تنتهي من التعويض وفق الشنطي، وقال: "أنهينا ما يقارب 80% من حصر الأضرار ومنطقة النفق هي المتبقية، مضيفا: "مع نهاية الأسبوع الحالي ستسجل أضرار النفق".
لم ننس إيصال صرخات أهالي النفق إلى رئيس لجنة الطوارئ وفيها أنه لم تصلهم فرق تسجيل الأضرار، فرد الشنطي بكلمات فيها من الاطمئنان الكثير: "ارتأينا أن نساعد المواطنين قبل بدء التعويض، فتعاونا مع لجان الحي التي زودتنا بكشوف للمواطنين الذين غرقت منازلهم ثم أعطينا 1000 دولار لكل عائلة تحت الحساب قبل سحب المياه، لأنها منطقة لا تزال المياه في جزء منها".
وأضاف: "أي مواطن من الذين غرقت منازلهم في شارع النفق إن لم يصلهم تسجيل الأضرار حتى نهاية الأسبوع الحالي بإمكانه التوجه إلى لجنة الحي أو وزارة الأشغال للتبليغ".
اتهام وتقصير
لا يمكن لأحد أن ينكر الجهود التي بذلتها الحكومة ولجنة طوارئها، ولكن بعض المواطنين وجه أصابع الاتهام إلى البلديات في تقصيرها طوال السنوات السابقة ثم تحركها بعد الكارثة التي لحقت بهم مع غرق منازلهم بمياه المجاري من بركة الشيخ رضوان، فرد الشنطي: "كلام غير صحيح، بركة الشيخ رضوان منذ 14 عاما لم تتعرض للفيضان", وتابع: "هي المجمع الرئيسي للمياه في غزة ولكن وصلتها كميات كبيرة من المياه من المناطق المرتفعة".
"لا خسائر في الأرواح والسبب في ذلك إلى الاستجابة الفورية من طواقم الدفاع المدني
"
أوصلنا شكوى بعض المتواجدين في مراكز الإيواء حين قالوا إنه لم يصلهم شيء من المساعدات، فرد نافيا: "هناك عائلات لم تغرق بيوتها ولجأت إلى مراكز الإيواء لتأخذ حصة من المعونات وجرى اكتشافها", مؤكدا وصولهم مساعدات فاضت عن حاجتهم.
في آخر استفسار وجهناه إلى رئيس اللجنة عن الجهات المقصرة في التصدي للكارثة ومساعدة المنكوبين، فإنه بين أن دور وكالة الغوث كان سلبيا خلال المنخفض، متأملا منها أن تعدل مساراها.