تراقب الأوساط السياسيّة والأمنية الصهيونية تطورات الموقف الداخلي في تركيا عن كثب، زاعمةً أن فضيحة الفساد تقترب شيئاً فشيئاً من رئيس الوزراء "رجب طيب أردوغان"، ولا تهدد فقط حكمه، بل كشفت انقساماً يتفاقم بينه وبين حليف سابق ويمزق الحكومة، وهو الداعية "فتح الله غولن" المقيم في ولاية بنسلفانيا الأمريكية وينتمي للإسلام الصوفي، وأتباعه يشغلون مناصب هامة في الحكومة التركيّة، بما في ذلك الشرطة والقضاء والتعليم ووسائل الإعلام والتجارة. وأشارت الأوساط إلى أنّ كبير المدعين في إسطنبول بدأ تحقيقاً طال العديد من رجال الأعمال المقربين من "أردوغان"، بينهم رجل أعمال كبير في مجال البناء وأبناء وزراء وغيرهم من موظفي الحكومة المشتركين في مشاريع بناء عامة وتخطيط عمراني، لافتةً إلى أنّ "أردوغان" يتبغ نفس الإستراتيجية التي استخدمها في معركته مع آلاف من المحتجين بسبب مشروعات تطوير في إحدى حدائق إسطنبول، وقال إنه يحارب "عصابة إجرامية" لها صلات بالخارج في إشارة إلى "غولن".
وزعمت الأوساط أنّ هناك تقارير أفادت بمعارضة "غولن" لسياسة الحكومة الخارجية النشطة في الشرق الأوسط خاصة دعمها لثوار سوريا، والتعامل مع التوترات التي أثيرت في أزمة السفينة "مرمرة عام 2010 مع (إسرائيل)، مشيرةً إلى أن الأزمة السياسية المتصاعدة تؤكّد تنامي نفوذه داخل الدولة، مما يهدد بتقسيم ما يحظى به "أردوغان" من دعم بين أوساط المحافظين قبيل سلسلة من الإنتخابات على مدار الأشهر القادمة.
واعتبر سفير صهيوني سابق في أنقرة أن فضيحة الفساد الحالية في تركيا تهز "أردوغان"، وتؤثر عليه بشكل مباشر، خاصة مع الإتهامات الخاصة بتورط عدد من الشخصيات وكبار المسؤولين ورجال الأعمال المقربين منه في هذه القضية الكبيرة، وأنّ 4 وزراء هم الداخلية والإقتصاد والتخطيط والشؤون الأوروبية، يشتبه بتورطهم في فضيحة الفساد واسعة النطاق في القطاع العقاري، والمعاملات المالية غير المشروعة مع إيران.
وأوضح السفير أنّ "أردوغان" قد يستفيد من التعديل الوزاري المتوقع نهاية العام للتخلص من هؤلاء الوزراء، لكنه يرد على هذه الاتهامات بـ"الهجوم"، بما في ذلك قيامه بعمليات تطهير في الشرطة، شملت إقالة 70 ضابطاً، بينهم قائد الشرطة بإسطنبول، لأنهم لم يبلغوا قادتهم بالتحقيقات بشأن الفساد، بالإضافة إلى أنّ حزبه "العدالة والتنمية" يستعد للإنتخابات البلديّة المقررة في مارس القادم، ويدين ما أطلق عليه "تحالفات الظلام" ضد تركيا، ويهدد بطرد السفير الأمريكي.
وزعم أنّه منذ عمليات الشرطة التركيّة ضد عشرات الآلاف من المتظاهرين الذين خرجوا للشوارع في يونيو الماضي لتحدي توجهاته، فإن "أردوغان" فقد شرعيته على الساحة الدوليّة، ومن جانب الكثير من الأتراك، وإن كان لا يزال يحتفظ بشعبيته بين الطبقات المحافظة، وهي حالة تهزه، وتهدد بتقويض وحدة حزبه الذي يحكم منذ عام 2002. وأضاف أنّ هذا الوضع يمكن أن يستفيد منه "عبدالله غول"، رئيس الجمهورية، ورفيق الطريق لـ"أردوغان"، حيث يحرص على النأي بنفسه، وتنشيط طموحاته ليصبح رئيساً للوزراء.
من جهتها، ذكرت مراسلة صهيونية مقيمة في تركيا أنها تشهد صراعاً متزايداً على السلطة، حيث تشتد حدة التوتر في البلاد عشية الإنتخابات البرلمانيّة والرئاسية التي ستجرى عام 2014، مشيرةً إلى أنّ فضيحة الفساد الكبيرة المتعلقة بأقرب مؤيدي "أردوغان"، دفعته لتهديد عدد من السفراء الأجانب، دون ذكر أسماء بلدانهم، بطردهم من تركيا بسبب تورطهم في أعمال استفزازية. ولفتت المراسلة إلى أنّ السفارة الأمريكيّة في أنقرة سارعت إلى نفي أي صلة لها بهذه الفضيحة، وأنها تعمل على تعزيز علاقات الصداقة والتعاون بين البلدين.
معهد أبحاث الأمن القومي