يقول العارفون بأحوال القلوب أن أصعب أنواع الحب حينما يكون من طرف واحد, وأنه من الصعب أن تحب شخصا لا يحبك, الأصعب أن تستمر في حبه رغم عدم إحساسه بك.
خطوات رئيس الوزراء إسماعيل هنية التصالحية, سواء تلك التي أعلن عنها, أو التي نفذتها حكومته, تبدو محاولة لتطبيق المثل الشعبي: "ما محبة إلا بعد عداوة", لكنها حتى اللحظة تندرج في وصفها: "حب من طرف واحد".
البعض من الوسطاء والناصحين رغبة في توفيق الحركتين, يرى أنه لا بأس في ذلك, أن يكون حب من طرف واحد أفضل من أن يستمر الفراق لأن كل طرف ينتظر إشارة رجوع من الآخر.
حتى اللحظة هناك صدود من الطرف الآخر أو تمنّع على الأقل, فاذا كانت "فتح" تتمنّع وهي راغبة, فلا يزال هناك أمل, على اعتبار أن بدايات الحب صعبة, وكما يقول الشاعر محمود درويش: "لا أُحبُّ مِنَ الحب سوى البدايات".
في المقابل هناك رأي آخر يرى أن الحب من طرف واحد "قلة قيمة"، وأنها تجربة "بايخة"،
ويحذر هؤلاء من الآثار السلبية التي قد تؤدي الى انتكاسة تصيب المصالحة, وعليه يجب أن نمرن الناس على تقبل الخيار الآخر, وأن نسبة التفاؤل أقل من معدلها العام في مثل هذه الأجواء السياسية, وأنه على رأي نزار قبّاني علينا أن نتمرن يومياً على فاجعة فِراق أقرب الناس إلينا، كي نُحافظ على لياقتنا العشقيّة.
أما الفريق الثالث، الأقرب للواقعية، فيصر على أن الحب حتى يتواجد أصلا لابد أن يكون هناك تفاعل وتواصل ومواقف وتشجيع بين الطرفين حتى نستطيع أن نقول إن هذه العلاقة نهايتها الارتباط, وليست مجرد حب مراهقين.
فإذا بقيت بوادر المصالحة في اتجاه واحد من حماس لفتح, ومن غزة للضفة, ومن ابو العبد لأبو مازن فقط, فان ذلك يمس كرامة المصالحة والعلاقات الوطنية, وسيترجم من الطرف الآخر على أنه ضعف واستجداء.
حينها نخشى أن يكون المبادرون والمتفائلون كمن وقعوا في براثن حب مُسيَّج بالغيرة، وأسلاك الشكوك الشائكة، ومُفخّخ بالسجون والاعتقالات، غير مدركين أن الحب، رغم أنه امتهان للعبودية، هو تمرين يومي على الحرية أي على قدرتنا على الاستغناء عن الآخر، حتى لو اقتضى الأمر بقاءنا أحياناً متعطلين عن الحب.