قائد الطوفان قائد الطوفان

مقال: الشهيد سعيد صيام وواقع وزارة الداخلية

ابراهيم المدهون
ابراهيم المدهون

بقلم: إبراهيم المدهون

تعتبر وزارة الداخلية أهم إنجاز من إنجازات الحكومة الفلسطينية، وما ظهرت عليه من قوة وتنظيم وتناغم وانسجام في استعراض قدرات الأجهزة الأمنية، لهو دليل واضح أننا أمام نواة أمنية صلبة تستطيع مواجهة التحديات ويمكن الاعتماد عليها في الشدائد كما اعتمدنا عليها قبل ذلك. أسست وزارة الداخلية بقرار شجاع من الوزير الشهيد سعيد صيام رحمه الله، وقد استلم هيكلية متمردة نبتت من رحم أوسلو واتفاقياتها الأمنية المتماشية مع مصلحة الاحتلال (الإسرائيلي)، فكان أن رفض كل ما سبق وبدأ بعملية إصلاحات جذرية، انبتت واقعا مختلفا كليا عما سبقه، لهذا تتعرض الوزارة لحرب متواصلة من الاحتلال ومحاولة لاستئصالها وإنهاكها. فمع بداية حرب الفرقان شنت أكثر من 80 طائرة حربية (إسرائيلية) هجوما مباغتا وفي وقت واحد ولحظة واحدة على جميع مواقع ومراكز وزارة الداخلية، مما أدى لإصابة واستشهاد اكثر من الف من أفرادها وعناصرها وضباطها وقادتها، وكان على راس الشهداء قائد الشرطة توفيق جبر رحمه الله. ما ميز الوزير صيام في عمله أنه ركز على بناء قوة أمنية بعقيدة وطنية فلسطينية سليمة، مستبدلا عقيدة أوسلو المشوهة، فكان جل عناصر أمن الداخلية الجدد من فصائل المقاومة المختلفة، وكان قرار تأسيس القوة التنفيذية بعدما استنكفت وزارة الرئيس عباس عن العمل، ورفضت تنفيذ أوامره واستهتروا بقيادته، فكان أن أصدر قرارا جريئا يعتبر من أهم القرارات المصيرية في العقد الاخير، حيث شكل القوة التنفيذية التي رسمت صورة جديدة لمرحلة امنية مختلفة في قطاع غزة، وتحملت عبء مواجهة الفلتان المنظم، كما تحملت مسؤولية تطهير القطاع من براثن البؤر الموبوءة وأوكار المخدرات. تميز الوزير سعيد صيام رحمه الله ببساطته وحكمته ورؤيته السديدة النافذة، فكان يستمع أكثر مما يتكلم، رافضا للظلم متحري العدل، فإن وصله انتهاك أو وشاية يذهب بنفسه ويتقصى الحقائق ويتأكد، لا يكتفي بالجلوس في مكتبه والاطلاع على التقارير الادارية التقليدية، بل يتنقل بين المواقع بشكل مفاجئ. فيذكر لي أبناء الشرطة الأوائل أن الوزير الشهيد تفقد جميع مراكز الشرطة في قطاع غزة أكثر من مرة واطلع على سير عملها. أحسنت وزارة الداخلية صنعا أن اختارت عرضها الاخير في ذكرى استشهاده، حيث خرجت بشكل مهيب ومنظم لترسل رسالة وفاء للشهيدين صيام وجبر وجميع شهدائها، ولتطمئن الفلسطينيين أن هذه الوزارة لم تتأثر باستهدافها المتكرر من الاحتلال واغتيال قادتها، ولم تتغير وإنما سارت على نفس المنهج. وزارة الداخلية اليوم جزء لا يتجزأ من المقاومة الفلسطينية، فما تشهده كتائب القسام وسرايا القدس من تطور نوعي وكمي انما يأتي بفضل هذه الوزارة التي حددت استراتيجيتها الرئيسية بحماية ودعم المقاومة وفصائل العمل المسلح.

البث المباشر