قائمة الموقع

مقال: تفجيرات.. وتحريض.. وخيار وحيد!

2014-01-27T06:36:00+02:00
مؤمن بسيسو
مؤمن بسيسو

التفجيرات التي هزت الداخل المصري مؤخرا، وتحريض بعض العلماء المصريين على قصف غزة بالطيران، وقصر الأخ عزام الأحمد الخيارات الفلسطينية على خيار التفاوض الدائم، ثلاثية الطرح والنقاش بين يدي هذا المقال.  

(1)

التفجيرات الأخيرة التي هزت مصر، والسلوك الدموي الاستئصالي لسلطات الانقلاب، يهوي بمصر نحو حافة الهاوية.

لا مجال أمام العقل لاستيعاب أعمال التفجير الأخيرة التي ضربت بعض مناطق مصر ضمن إطار الأعمال الإرهابية المحضة، إذ أن نوعية التفجيرات، وتتابعها، ومتطلبات تنفيذها، والحيثيات والملابسات المصاحبة لها، تشي، بما لا يدع مجالا للشك، بأنها محض اختلاق واصطناع سلطات الانقلاب، أو تتم بوساطة تنظيم مخترق ومدفوع وموجّه من الأجهزة الأمنية التابعة للانقلاب.

إن أي عمل تفجيري نوعي يحتاج إلى وفرة في المعلومات الأمنية والميدانية، ودقة في مستوى الأداء، وقدرة عالية على التنفيذ، وهو ما لا يمكن تصور توفره والإتيان به بعيدا عن اليد الطولى للأجهزة الأمنية المصرية المعروفة بسمعتها الرفيعة وخبرتها العميقة.

ما يجري في مصر اليوم يستهدف بث الرعب في قلوب الناس، وامتلاك مبرر شيطاني من أجل وأد الحراك السلمي المعارض للانقلاب، فلا يمكن لسلطات الانقلاب شطب المعارضة الميدانية ذات الطابع السلمي الجماهيري إلا عبر خلط الأوراق في الداخل المصري، وسكب الدم في الطرقات، كي تتولى الرد عليه بالقوة القاهرة والوسائل المميتة الجالبة للمحو والإبادة والاستئصال.

في مصر اليوم: يروج البعض لحرية زائفة ويتغنى بديمقراطية ميتة، وما دَرَوْا أن الحرية لا تتجزأ، وأن الديمقراطية ليست انتقائية، وأن منح الحرية لطرف على حساب آخر، وتصفية الساحة من الخصوم السياسيين، لا يمكن أن يبني نموذجا مقنعا أو يقود البلاد إلى الانطلاق الواثق والاستقرار المنشود.

مَنْ يعاند ويحارب الدين والقيم مآله الهلاك القريب والخسران المبين.

 (2)

هالنا ما التقطته أسماعنا مؤخرا من تصريحات للبعض على الساحة المصرية تطالب سلطات الانقلاب بتشكيل حكومة حرب، وقصف قطاع غزة والمقاومة الفلسطينية بالطيران.

أحد هؤلاء وزير الأوقاف المصري الذي يفترض أن يكون حاميا للقيم الدينية والمبادئ الإسلامية، فالرجل يحرّض على قصف المقاومة وغزة وكأنه يحرّض على كفار قريش أو يهود بني قينقاع، فيما لا يحظى يهود اليوم المغتصبين لقلب الأمة بأي تحريض أو حتى بأي نقد واحتجاج.

ندرك أن التغذية السياسية والإعلامية المصرية الرسمية مهولة للغاية بما يكفي لمسخ العقول وإعادة برمجة الأفهام في اتجاهات ضارة ومسارات سلبية، إلا أن هذا لا يبيح ولا يعفي أصحاب المواقع المسؤولة، وخصوصا العلماء منهم، من مهمة التحري والتثبت واستيضاح خيط الحقيقة الأبيض من خيوط الفتنة السوداء.

لا عذر لأحد عند الله، فقد أمرنا تعالى بالتبيّن الدقيق حين تغزونا موجات الكذب والفسق والفجور، "يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا"، كي لا نتسبب في إراقة الدماء البريئة أو إزهاق أرواح المسلمين بغير حق.

مَنْ يُزيّن الانقلاب المصري ويحرّض على الفتنة ضد غزة اليوم، وعلى الأخص العلماء والمسؤولين، على خطر عظيم.

(3)

تصريحات الأخ عزام الأحمد في عمان مؤخرا حول عدم القدرة على ممارسة الكفاح المسلح في هذه المرحلة، وانتهاج العمل التفاوضي المفتوح، تحتاج إلى إعادة مراجعة وتقييم.

ابتداء، ينبغي التفريق بين الحق في المقاومة، وبين ممارسة هذا الحق على أرض الواقع، فالحق في المقاومة يبقى حقا مشروعا غير قابل للمساس في ظل وجود الاحتلال واستمرار عدوانه الوحشي ومخططاته العنصرية على أرضنا المباركة، فيما تخضع ممارسة هذا الحق لاعتبارات المصلحة الوطنية العليا وظروف الميدان.

أما قصر الخيارات الوطنية على خيار التفاوض فهو يُضيّق واسعا، ويغري الاحتلال بمزيد من القمع والعدوان والاستهتار في الاعتراف بحقوقنا وثوابتنا الوطنية المشروعة.

لا يثمر العمل السياسي إلا إذا كان متكئا ومستندا ومستثمرا لمقاومة فاعلة قادرة على العمل والإنجاز، ولا يبلغ العمل المقاوم منتهى أهدافه إذا توغل بعيدا عن الاستثمار السياسي.

الفصائل الفلسطينية قادرة على المزاوجة بين العملين: السياسي المقاوم، وما تحتاجه اليوم لا يتعدى وقفة جادة ومسؤولة يتم في ضوئها مراجعة الحال والمسار الوطني، والعمل على بلورة رؤية وطنية جامعة لتسيير الشأن الداخلي وإدارة الصراع مع الاحتلال على أرضية الحقوق والثوابت الوطنية.

اخبار ذات صلة