قائد الطوفان قائد الطوفان

مقال: "يوميات مواطن في التاكسي"

 ايناس ابو حمادة
ايناس ابو حمادة

بقلم الكاتبة : ايناس ابو حمادة

ما إن تفتح الباب حتى يدخل الدُخان كالمحتل المتغطرس إلى رئتيك، ومن هنا تبدأ مناقشة جميع قضايا الشرق الأوسط حتى تَهم بالخروج من الباب الآخر و يُخيّل إليك بأن شريط الأمة قد مرّ عليك خلال ربع ساعة من الزمن بين بابٍ وباب، وبعدها تمارس حياتك الطبيعية بينما يجول في خاطرك وتفكيرك جميع القضايا التي تم مناقشتها في الصباح الباكر في ذالك المكان المُقفل النوافذ ويعُج بدخان السائق البرِم بسيجارته، وصوت فيروز يصدح بالمكان "أديش في ناس ع المفرق تنطر ناس" تبدأ من قانون المرور وتوفير السولار ومنع التدخين في السيارات حتى تصل إلى أن الحكومة غير جديرة بسلطتها وفجأة يقفز النقاش إلى أخلاق أهل البلد التي تزداد سوءاً فذاك لا يرى كيف تخرج زوجته والآخر مشغول في جمع الأموال وأنا وأنت مجبرين أن نستمع إلى تلك اللعنات الصباحية طوال هذه المدة حتى نصل إلى أشغالنا، هل تلك الغُمّة أصبحت من الروتين الصباحي إن غابت سنفتقدها أم بتنا نفتقد القدرة على التحمل والاستماع إلى بعضنا التي أودت بنا إلى مهاوي الردى؟! أن تعضّ على الشفتين حتى تخنق صمتك تجاه السائق الذي يرسل سخطه من المرآة الأمامية إنْ رأي في عينيك لا مبالاة تجاه خطاباته المفعمة بالحكمة التي تخرجت لتوِها من الصف الابتدائي لكن سرعان ما تخفّ عليك تلك النظرات إذا همّ أحدهم بمشاركته في احتجاجاته أو همّ آخر بالنزول فتقول عسى أن يتم الإفراج عن عقلي قريباً، مهلاً قفْ لا أريد حل مشكلة الشرق الأوسط في هذا المكان فقد وصلت إلى ذلك الموعد البغيض مع المفترق، تهبط والجدير أن يُقال لك حمداً لله على سلامتك فقد نجوت من سياط مقودٍ ومحرك كادت تودي بك في وحل التشاؤم، هذه يوميات مواطن في التاكسي يصل في الموعد المناسب قبل أن يُصاب بداء "حِكمة المِقْود" وإن تأخر يوماً ما عن موعده تذكروا لعنات المرآة الأمامية وشرطيُ المرور. 

 

البث المباشر