اهتماما بسير العملية التعليمية ومخرجاتها، استضافت "الرسالة" وزير التربية والتعليم الدكتور أسامة المزيني بعد عامين ونصف من استلامه حقيبة التعليم.
حديث المزيني اتسم بالوضوح والصراحة، فهو لم ينكر وجود خلل في المناهج الدراسية التي تحتاج إعادة صياغة وتعديل، واصفا إياها بالطويلة وكثيرة المباحث وعالية المستوى.
وكشف عن أن الوزارة تتحرج من اقتحام معترك المناهج الدراسية حتى لا تسبب انقساما تربويا، متأملا أن تتوافق مع "تعليم الضفة" فيما يخص إعادة صياغة المناهج.
وتطرق خلال برنامج "تحت مجهر الرسالة" إلى عدد من الملفات التي تخص التعليم وإنجازات الوزارة والخطة الخمسية.
وذكر أن الوزارة تسعى إلى تعديل المناهج، منوها إلى أنها خاطبت "تعليم الضفة" في هذه المسألة، ومشيرا إلى أن "تعليم غزة" لديها القدرة والرؤية لإعادة صياغة كل المناهج الفلسطينية، فهي شكلت لجانا وأصدرت كتب المهارات والوطنية والعبرية.
ونبه إلى أنه من الممكن حذف 30% من المناهج، "فهي حشو زائد ولن يؤثر ذلك على المهارات التي يكتسبها الطلاب".
وأوضح أن هناك أثرا إيجابيا في تعديل بعض الجزيئات، "فقد خففنا مباحث اللغة الإنجليزية كمّا وكيفا من الصف الأول إلى الثامن، وخلال العام المقبل سيكون المنهاج التكاملي لتخفيف عدد الكتب الدراسية الذي سيصبح أربعة".
ولفت إلى أن الوزارة وضعت مناهج جديدة لطلبة السابع والثامن والتاسع والعاشر كمهارات الحياة وحقوق الإنسان، عازيا ذلك إلى رغبة الوزارة في الخروج من الآلية المقيتة التي تتلخص في حفظ المعلومات ثم تفريغها في ورقة الامتحان للحصول على الشهادة.
ويرى وزير التربية والتعليم أنه عند إكساب الطالب مهارات الحياة وكيفية الاندماج في المجتمع سيكون قادرا على أن يؤسس لنفسه مشروعا وينطلق في الحياة أحصل على وظيفة أم لم يحصل، مبينا أن نسبة البطالة في التعليم بلغت 72 ألف خريج.
في السياق، فإن المزيني أوضح أن الوزارة خاطبت وكالة الغوث و"تعليم الضفة" فيما يتعلق بمنهاج مهارات الحياة والتربية الوطنية لإضافتهما من باب التعاون، "لكن الاتفاقية الموجودة بين السلطة والوكالة تعطي الأخيرة حقا في أن يكون لها نوع من الاستقلالية".
الفتوة ..
الانتقادات الموجهة إلى مشروع الفتوة الذي أطلقته الوزارة في غزة واتهامها بإخراج جيل عدواني وأن المشروع ليس من مهمات التربية والتعليم، علق المزيني: "الوزارة وجهت اهتمامها إلى القيم الوطنية وترسيخ معاني حب الوطن في مباحث التربية الوطنية للثامن والتاسع والعاشر".
وذكر أنه من باب ترسيخ القيم وإعداد الطلبة للتحرير كان مشروع الفتوة، مؤكدا أنه من صميم عمل الوزارة وليس طارئا عليها.
وقال: "في وطن محتل يجب أن يكون جزءٌ من العملية التعليمية مساهما في عملية التحرير"، وتابع: "من مبادئ الخطة الإستراتيجية الخمسية للوزارة من عام 2014-2019 أن تساهم في عملية التحرير فكريا وجسميا".
ونبه إلى أن الفتوة ليست جوانب عسكرية فحسب بل تشمل تعبئة إيمانية نفسية وتوعية للطلبة في أساليب العدو في استهداف المجتمع الفلسطيني والجانب العسكري النظري والعملي.
في السياق فإن الوزارة طالبت مؤسسات التعليم العالي بإقرار كتاب القدس، ووفق المزيني فإن الوزارة ستخاطب وزراء التربية والتعليم في الدول العربية والإسلامية لإقرار هذا الكتاب "متطلبَ جامعة" حتى تكون القدس حاضرة في قلوبهم.
وحول الخطة الإستراتيجية للوزارة أوضح أنه أعلن عنها في ديسمبر 2013، مشيرا إلى أن الخطة الخمسية تبدأ عام 2014 وتنتهي 2019، وهي بعنوان: "نحو تعليم عالمي وسمو أخلاقي".
إنجازات ومشاريع
"الرسالة" تطرقت خلال برنامجها الدوري إلى سؤال الوزير عن إنجازات الوزارة ومشاريعها بعد تسلمه حقيبتها في ظل الحديث عن خطة خمسية للتربية والتعليم.
وقال المزيني: "كل وزير يسعى إلى أن يضيف إلى وزارته ومجال عمله كل ما يستطيع من إنجازات وتحسينات، لكن من سبقنا حالت الظروف الصعبة كحرب الفرقان وتوقف 3 آلاف معلم عن العمل دون أن تكون إنجازاتهم كبيرة".
وأشار إلى أنه بعد تسلمه الحقيبة جرى تجاوز الظروف ومعالجة الاستنكاف، ما أدى إلى تحقيق إنجازات نوعية وغير مسبوقة خلال ألف يوم.
على صعيد التشريعات خلال عامين ونصف، فإن الوزارة تمكنت من إقرار قانون التعليم الفلسطيني لأول مرة وفق المزيني الذي أشار إلى أن ما يقود العملية التعليمية في الضفة قانون المعارف المصري لعام 1933، وقانون التربية والتعليم الأردني لعام 1964.
وأشار إلى أن قرار مجلس الوزراء بشأن الكادر المنظم للمعلمين أنصفهم، "وجعل المعلم بطبيعة عمل 45% بعد أن كانت 30%، والمعلم الأول بطبيعة عمل 55%، والمعلم الخبير بطبيعة عمل 65%"، مؤكدا انعكاس ذلك كله على قدوم الكوادر المميزة، "لأن الراتب نقطة جذب للطاقات والمواهب".
أما على صعيد البنيان فتحدث المزيني: "تم بناء 47 مدرسة جديدة وإضافة 180 غرفة صفية وترميم عدد من الصفوف"، مشيرا إلى وضع حجر الأساس لـ26 مدرسة جديدة هذا العام "سيكون لها دور في خفض مدارس الفترتين من 79% إلى 60%".
وبشأن اهتمام الوزارة في غزة بالقيم الإسلامية فإنه لفت إلى بناء المصليات في المدارس، موضحا أن بعض مديريات التعليم وصلت نسبة المصلَيات في مدارسها إلى 55%، وبعضها وصلت النسبة فيها إلى 85%.
وطال حديث المزيني عن إنجازات الوزارة التي كان إقرار الفرع الشرعي أحدها، مشيرا إلى التحاق 7 آلاف طالب وطالبة بهذا الفرع في الصف الحادي عشر والثاني عشر.
وأكد أن الوزارة استحدثت عددا من الهيئات التي لها آثار إيجابية كهيئة الاعتماد والجودة من أجل ترخيص جميع برامج التعليم العالي وضبط مؤسساتها حتى لا تطغى العملية الاستثمارية.
واهتمامًا بالبحث العلمي، أسست وزارة التربية والتعليم مجلس البحث، كما جرى استحداث مجمع اللغة العربية الفلسطيني للاهتمام بها بعد تراجعها أمام الأجنبية، وبين المزيني أنه انبثق عن الأخير مجمع اللغة المدرسي.
فوضى الرياض والمراكز!
في ظل ما يعانيه القطاع من فوضى في رياض الأطفال ومناهجها وكوادرها، ذكر المزيني وجود 550 مركزا لرياض الأطفال في القطاع.
وقال: "للأسف الشديد، كل روضة لها الحرية في اختيار المنهاج الذي تريده لغياب المنهاج الفلسطيني"، مشيرا إلى أن الوزارة خاطبت الرياض العام الماضي حتى يكون هناك خطوط عريضة للكتب المعتمدة.
ويضيف: "ضمن الخطة الخمسية إعداد منهاج لرياض الأطفال عصري ومناسب، وأن نلزم رياض الأطفال هذا المنهاج لنوقف الفوضى والخلل الموجود فيها"، متابعا: "سنوحد منهاج رياض الأطفال خلال عامين والآن يجري إعداده واختباره ثم تدريسه عام 2015".
لم يقتصر الأمر على منهاج الرياض بل أكد المزيني وجود دليل لمربية رياض الأطفال حتى يكون هناك معرفة في كيفية التعامل مع هذه السن وتأهيل مديري الرياض، لافتا إلى وجود شروط للمربية.
وكشف عن أن بعض الرياض تتعامل بشيء من الاستهتار فيما يخص المربية وتأهيلها وخبرتها.
على ما يبدو، فإن الفوضى لم تقتصر على الرياض بل وصلت المراكز التعليمية في القطاع، وهنا أوضح المزيني أن الوزارة تشرف على ترخيص 370 مركزا تعليميا، منوها إلى أن معظمها لم يكن مرخصا "لكن الوزارة تحاول ضبط الأمور على مراحل".
وذكر أن المرحلة الأولى إلزام المراكز الترخيص بعد إرسال تهديد إلى المراكز غير المرخصة، منوها إلى أن شروط الوزارة ضابطة وتنص على أنه لا يسمح بعقد دورات في غير المجال الذي أخذ الترخيص بشأنه، "كما تحدد الوزارة عدد الطلبة ولا تصادق شهادة أي طالب لم يرسل اسمه إلى الوزارة قبل بدء الدورة".
ومن أهم شروط إعطاء التراخيص للمراكز التعليمية وفق الوزير أن على كل من يريد ممارسة العملية التدريبية تقديم السيرة الذاتية والمؤهلات العلمية.
وقال: "بذلنا جهدا من العام الماضي واستطعنا أن نحقق نسبة نجاح عالية، فقد وصلت نسبة المراكز التعليمية المرخصة إلى 80% بعد أن كانت 50%".
وردا على سؤال بشأن المنح المخصصة لطلبة سوريا، بين المزيني أن رئيس الوزراء إسماعيل هنية تحدث عن منح للطلبة السوريين "لكنهم لم يسلكوا الطريق السليم"، موضحا أن الأصل أن يتوجه الطالب السوري إلى الوزارة للمطالبة بالمنحة، ومشيرا إلى وجود صعوبات في طريق الوزارة في البحث عنهم لإحصاء الطلبة داخل الجامعات الحكومية والأهلية، ولافتا إلى أن الوزارة أرهقت خلال البحث عنهم في 29 مؤسسة للتعليم العالي.
فيما يخص اعتماد البرامج في الجامعات وشكاوى الطلبة بشأنها، قال: "قبل عامين كان من الممكن أن تعلن إحدى الجامعات عن برامج غير معتمدة لكننا لأول مرة نتعامل بصرامة مع هذه الفوضى".
وأكد أن الوزارة نفذت عددا من العقوبات على بعض المؤسسات، منوها إلى إرغام مؤسسة على دفع غرامة بقيمة 70 ألف دينار، "كما لم نصادق على شهادات لمؤسسات أخرى".
وأكد المزيني أنه بمجرد أن تلمح هيئة الاعتماد والجودة أي موقع لبرنامج غير معتمد تجري مخاطبة المؤسسة ومطالبتها بسحب البرنامج.
فيما يخص الشهادات الجامعية المحتجزة للطلبة الخريجين، أوضح أنها تحتاج إلى مبلغ كبير من المال يقدر بـ12 مليون شيكل لـ8 آلاف طالب جامعي أغلبهم من جامعة الأقصى، منبها إلى أن الوزارة خاطبت بعض الجهات الخيرية للدفع عن الطلبة.
في سياق أزمات الجامعات المادية، فإنه قال: "من الأصل أن تؤدي الحكومة واجباتها اتجاه الجامعات التي تعاني أزمة مالية لكن الحكومة أيضا تمر بأزمة ولا تكاد تستطيع مساعدة موظفيها".