سنوات الهدوء والاستقرار الخمس تبددت أمام عمليات العام الأخير الذي مر على الاحتلال ثقيلاً بسبب عودة التهديدات وتصاعد هجمات المقاومة في الضفة الغربية التي بلغت 62 عملية خلال 2013.
وبحسب التقرير السنوي لجيش الاحتلال حول المقاومة في الضفة, فإن غالبية العمليات كانت اطلاق نار، متوقعا ان تحمل السنوات المقبلة تهديدات كبيرة للاحتلال وان تعود روح المقاومة إلى الضفة التي غيب التنسيق الامني رائحة البارود عنها.
ويتهم الاحتلال حركة حماس بأنها القوة الرئيسية الدافعة للعمليات في الضفة، وأنها المسؤولة عن هجمات مسلحة، بما في ذلك الهجمات المحلية والحراك الذي نُفذ تحت مظلة المقاومة الشعبية, الامر الذي عزز مخاوف الاحتلال بان العام الحالي سيشهد ارتفاعا حادا في هذه العمليات خاصة في النصف الثاني منه, حيث من المتوقع أن تصل مفاوضات التسوية الى طريق مسدود, مما يتيح الفرصة الأكبر أمام العمل المقاوم بشقيه المسلح والشعبي.
إعادة بنيتها
اشارات عديدة خرجت من اراضي الضفة المحتلة تؤكد أن الاستقرار النسبي الذي تعيشه من الصعب ان يستمر في ظل كل ما يتعرض له الفلسطينيون هناك من تضييق وهجمات وحملات اعتقال من السلطة والاحتلال على حد سواء, كما ان حماس بدأت تستعيد الكثير من نشاطها هناك.
جهاز "الشاباك" الصهيوني أكد في تقرير نشره الاسبوع الماضي أن حماس هي المحرك الرئيسي للمقاومة في الضفة، و45% من نشاطات المقاومة الشعبية تتم بتوجيه منها.
ويرى "الشاباك" أن ما يجري في العالم العربي سيعكس نفسه على الأوضاع الفلسطينية، وأنه في حال فشلت المفاوضات أو وصلت لطريق مسدود فسيؤدي ذلك لانتفاضة من نوع جديد.
ومن الملاحظ ان أجنحة المقاومة بالضفة استعادت جزءا من نشاطها وتحاول اعادة بنيتها التحتية, خاصة بعد ما كشفه "الشاباك" عن اعتقال خلية لحماس في القدس بدعوى التخطيط لتنفيذ عمليات داخل الكيان.
وبحسب زعم ضباط الشاباك فإن الخلية مكونة من 16 ناشطا من حماس تم اعتقالهم في الأسابيع الاخيرة واغلبهم من سكان عرب الداخل حيث كانت تتلقى الدعم من الخارج بهدف انشاء خليات مسلحة للقيام بعمليات فدائية بالقدس، بالإضافة الى اعادة البنية التحتية العسكرية لحماس.
ادعاءات الاحتلال سبقها ظهور عناصر مسلحة من كتائب القسام خلال تأبين أحد شهداء سرايا القدس في مدينة جنين, إذ تعتبر المرة الأولى التي يظهر فيها عناصر القسام منذ 7 سنوات بسبب الملاحقة الأمنية من السلطة والاحتلال.
انتقال كبير
ووصف مراقبون تحركات المقاومة الاخيرة بأنها صفعة للسلطة ونسف لكل إجراءاتها للقضاء عليها, مؤكدين أن المقاومة هناك تفتقر إلى الحاضنة بسبب ملاحقة السلطة لها.
المحلل السياسي حسن عبد الله أكد أن المقاومة بدأت تتمرد على الحالة التي تمر بها الضفة من اعتداءات لمليشيات المستوطنين وتوسيع المستوطنات والحواجز والحصار.
وبين عبد الله ان تمدد المقاومة وتطور أدائها يعكس مدى اهميتها وانه من الصعب القضاء عليها، لافتاً الى أن اجراءات السلطة والاحتلال من ملاحقة واعتقال لن تنجح في نزع فكر المقاومة.
يذكر أن العمل التنظيمي لحركة حماس في الضفة بكل مكوناته يقع في دائرة استهداف الاحتلال وسلطة رام الله معا, مع بروز توقعات بأن يبلغ التنسيق الامني ذروته في محاولة لمنع تنشيط العمل المسلح.
عبد الله شدد على ان تجربة غزة في العمل المقاوم وقصفها العمق (الإسرائيلي) بات نموذجاً يتغنى به اهل الضفة, مؤكداً أن فكر المقاومة سيشهد تحولاً لحظة فشل المفاوضات ورفع الأجهزة التابعة لسلطة رام الله قبضتها عنها.
وتوقع أن تشهد الفترة المقبلة انتقالا كبيرا في عمل المقاومة, ولاسيما أن السلطة لن تستطيع التصدي بشكل فعال لها.
في المقابل يتنامى الحديث عن سيناريو مغاير تماماً, خاصة إذا ما انتهت عملية التسوية بالفشل وهو ان تغض السلطة الطرف عن المقاومة كنوع من الضغط على الاحتلال بعد ان فرغت كل خيارتها, وهو ما سيعطي مؤشرات هامة ويشكل نقطة تحول كبيرة.
تلويح السلطة بورقة المقاومة بدأ بالفعل وجاء على لسان قيادات عديدة فيها وداخل حركة فتح كان اخرهم القيادي جبريل رجوب الذي قال من طهران ان حركته لم تتخل عن الكفاح المسلح, ومن قبله محمد اشتيه عضو الوفد المفاوض الذي طالب السلطة بالعودة للعمل المقاوم, وهذا يؤكد أن خيار المقاومة قد يكون القشة الاخيرة التي تتعلق بها السلطة.
لكن هذا التلويح لا يعني ان السلطة ستتبنى الفكر المقاوم ولكنها ستحاول اعطاء مؤشرات للاحتلال والمجتمع الدولي بأنها قادرة على اطلاق العنان للمقاومة ورفع يدها عنها في حال استمرار التعنت (الإسرائيلي) اتجاه المفاوضات الامر الذي يهدد أمن الاحتلال بوجود اضطرابات كبيرة قد تستمر لسنوات.