الأسير يسري المصري.. تصفية سرطانية

الأسير يسري المصري
الأسير يسري المصري

الرسالة نت- محمد أبو زايدة

أمسكوا بكلتا يديه، ودفعوه متجهين به إلى عيادة سجن "إيشل"، كان عدد من الأسرى مشابهين لحالته ينتظرون الفحوصات الطبية، وضعوه آخر الطابور.

وصل الدور عليه، وجّه إليه الطبيب الخاص بمصلحة السجون "الإسرائيلية" السؤال عن اسمه، فأجابه أنه "الأسير يسري عطية المصري".

أجلسه على كرسي، ثم مدّ يده، وربط الرباط على ذراعه بقوة، وأخرج إبرة مستخدمة، وملقاة على جانب من طاولة المعدات الطبية الخاصة بطبيب السجن، أدخل رأسها بذراع يسري اليسار "ليأخذ عينة دم"، حتى بدأ العرق يتصبب من رأس الأسير وأغمى عليه لأن الإبرة لم تسير بمجرى الوريد بل اصطدمت بالأعصاب.

يقول "ياسر" شقيق الأسير "بعد ساعات استيقظ يسري من غيبوبته ولم يستطع تحريك يده وعانى آلامًا حادة ما بين الكتفين والعظام والأطراف صاحبه صداع وتضخم بالغدد"، فسأله الطبيب هل يدك تؤلمك..؟ " وقبل أن يجيب باشر بقوله " أنت لديك مشكلة بيدك ".

"أعادوه حيث كان يقبع.. في زنزانته، فنظر إلى زملائه الذين يشاركونه تحمّل ظلم السجّان، وأخبرهم أن الطبيب أدخل جسمًا غريبًا داخل جسده، وكانت الابرة المستخدمة ملوثة ولم يدخلها في الوريد بل في العصب", وفق شقيقه.

عاصر الأسير يسري ظلم السجان "الإسرائيلي" على مدار 11 عامًا داخل معتقلاته، منذ أن تم اعتقاله من بيته في العاشر من يونيو لعام 2003، حتى اليوم.

الإهمال الطبي بدأ مع يسري بعدما تعرض للمرض في سنته الأولى من الاعتقال، وواجه أفضل العلاج "المسكنات"، ومع كل زيارة لعيادة السجن يخبره الطبيب بالنتيحة قائلًا " لا يوجد عندك أي مشكلة بجسمك".

بعد عدة أعوام، تبيّن المرض على جسد يسري، فظهرت على رقبته 4 أورام قبل 6 شهور، ذهب مجددًا لعيادة السجن، فأخبره طبيب السجن " لديك التهابات بالغدة الدرقية .. بسيطة وبتروح".

تحليلات الطبيب لم تكن صحيحة إذ بدأت الأورام بالظهور بشكل كبير، فتم تحويله إلى سجن سوروكا في بئر السبع، أخذوا من جسده عينات لفحصها.

بعد شهرين من أخذ العينات، أبلغوا يسري أنه مصاب بسرطان في الغدد الدرقية.

لم يتوقف الأمر على هذا الحد، استشاط الأسرى غضبًا، وشرعوا بمقاطعة إدارة السجون، حتى وعدوهم بمعالجته، فتم تحويله مجددًا إلى مستشفى سوروكا لإجراء عملية جراحية، فوجد الأطباء أن السرطان انتشر للغدد الليمفاوية.

قرر أطباء سجن الرملة عمل فحوصات كاملة ليسري بعد أن جرى نقله إليهم، فأخبروه أنه يعاني من التهابات حادة بالامعاء والمعدة، وأجروا له عمليتين، ليتم إرجاعه إلى سجن نفحة بعد أسبوع من إجراء العملية.

أوصى الأطباء بضرورة الإسراع في إخضاع الأسير يسري لجلسات كيماوي، وتنظيف مكان العملية باليود المشع، إلا أن إدارة السجون لم تسمح بأن يستكمل الأسير علاجه.

ذهبت والدة الأسير لزيارته في سجون الاحتلال، وطمأنته بخبر تقديم نظر لمحكمة الاحتلال بالإفراج عنه مبكرًا، إلا أنه علق عليها بالقول "سأخرج من السجن.. وبدي تكرموني". قاصدًا الموت.

شقيق ياسر يقول لـ"الرسالة نت"، كان محكمة ليسري بـ 28/1 من هذا العام، للنظر بالإفراج المبكر عنه نتيجة مرضه المزمن، وأجلّت المحكمة النظر بالقرار حتى 17/2، وتم تأجيلها مجددًا لشهر 3 بحجة عدم استكمال الملف الطبي ليسري.

وأكد أن الاحتلال "الإسرائيلي" يمارس مع شقيقه ذات الطريقة التي أجراها مع ميسرة أبو حمدية قبل موته، "ويتعرض لتصفية واضحة في سجون الاحتلال"، موضحًا أن الاحتلال لا يزال يؤجل إدخال طبيب فلسطيني من الخارج لإجراء فحوصات على شقيقه للتأكد من وضعه الصحي.

يذكر أن الأسير المصري من سكان المنطقة الوسطى بقطاع غزة ومحكوم 20 عاما، أمضى منها 11 عاما ويعاني من مرض السرطان في الغدد الدرقية واللمفاوية ويتعرض للموت فى سجون الاحتلال.

وفي إحصائيات للأسرى المصابين بمرض السرطان داخل سجون الاحتلال "الإسرائيلي" فإن عددهم بلغ 24 أسيرًا، وأخطرها " معتصم رداد، يسري المصري، عامر بحر، مراد أبو معيلق، حازم مقداد، كايد حسن هارون، علاء الهمص، فواز بعارة، نبيل النتشة، كمال نجيب أبو عمر".

ولقي بعض الأسرى مصرعهم داخل سجون الاحتلال بسبب مرض السرطان، ومنهم " الأسير ميسرة أبو حمدية، وحسن الترابي".

البث المباشر