محكمة.. يقف الحضور في القاعة, يتلو القاضي نص القرار بعد المرافعة:
حكمت المحكمة ببراءة المتهم نشأت فهمي الكاشف من التهم المنسوبة إليه, وذلك إعمالا للمادة 304 فقرة أولى من قانون(...).. عندها يقاطع أحد الحضور القاضي: "قانون ساكسونيا".
هذا المشهد هو من الفلم المصري "الغول", الذي قام ببطولته عادل إمام وفريد شوقي, وعرضته السينما المصرية قبل نحو 30 عاما, يكشف عن مدى تجيير القانون والقضاء المصري لصالح الكبار سواء في السياسة أو المال, في نهاية الفيلم حصل الغول على البراءة وخسرت الضحية وسجن من دافع عن حقها.
خلال الأسبوع وضعت نفس المحكمة حركة حماس في قفص الاتهام, وحوكمت وفق قانون "ساكسونيا" .. قررت حظر نشاطها "غير الموجود أصلا" وإغلاق مقراتها, غير القائمة, بينما يترك نفس القانون الغول (الإسرائيلي) يسرح ويمرح من سيناء وطابا حتى القاهرة, يلعب في كل الساحات الاقتصادية والسياسية والأمنية.
وبين الغول "نشأت الكاشف" في الفلم, والغول (الإسرائيلي) على أرض الواقع يستحق الأمر معرفة خلفية قانون ساكسونيا.
"ساكسونيا" هي ولاية ألمانية ازدهرت تجارياً، بفضل الطبقة الكادحة من عامّة الشعب الفقراء الذين كانوا يعملون تحت إمرة طبقة النبلاء الأغنياء المالكين لكل شيء في الولاية في القرن الخامس عشر قام مُشرّعون من طبقة النُبلاء الأغنياء بوضع قانون خاص يحكم مجتمع ولاية "ساكسونيا" وكان القانون يُعاقِب اللصوص والمجرمين من كِلا الطبقتين، عامة الشعب الفقراء والنبلاء الأغنياء دون تمييز بينهم، ولكن "مع اختلاف طريقة تنفيذ العقوبة" بحيث تكون على النحو التالي:
** بالنسبة لعامة الشعب الفقراء
- القاتل تُقطع رأسه وتُفصل عن جسده .
- السارق يُجلد على جسده بعدد الجلدات التي حُكمَ عليه بها .
- من صدر بحقه حُكم بالسجن يُسجن .
** بالنسبة لطبقة النُبلاء الأغنياء
- إذا ارتكب أحد النُبلاء جريمة قتل، يؤتى به ليقف في الشمس وتُقطع رقبة "ظله".
- إذا سرق أحد النُبلاء، يؤتى به ليقف في الشمس ويُجلد "ظله".
- إذا حُكمَ على أحد النُبلاء بالسجن، يُسجن أمام الناس ويخرج من البوابة الخلفية.
وكان النُبلاء يقفون في ساحة تنفيذ الحكم الوهمي، وكلهم شموخ وكبرياء وأحياناً يبتسمون استهزاءً، بجموع الرعاع الذين يصفقون فرحاً بتنفيذ تلكَ العدالة المُثيرة للسخرية .
اليوم يقف (الإسرائيليون) بشماته وكبرياء, وهم يشاهدون رعاع الإعلام المصري ومن لف لفيفهم من المحرضين الفلسطينيين, يصفقون للحكم الصادر ضد "حماس", بينما علم (إسرائيل) يرفرف عاليا وسط القاهرة.