الرسالة نت – محرر الشئون الدولية
بدأت ليبيا في توزيع دعوات القمة على قادة الدول العربية والجامعة العربية وأعلنت أن كافة التحضيرات استكملت بعد عودة وفدها من هناك الأسبوع الماضي، ولقاءات عربية تسبق القمة لمنع وقوع أية خلافات أو مشادات أثناء القمة، والأجندة ما تزال مفتوحة رغم أن الملف الفلسطيني يحظى بنصيب الأسد فيها، وعمرو موسى يتحدث بلهجة تفاؤلية لهذه القمة بخلاف القمة الماضية التي سيطر عليها التوتر.
المراقبون يرون أن القمة العربية بصورة عامة هي تعبير عن حالة النظام العربي الرسمي، ومواقف العرب من قضاياهم القومية، وتقييم العرب لأولوياتهم في ظل التغيرات والصراعات التي تحيط بهم سواء إقليميا أو دوليا. وبالتالي فان القمة العربية الجديدة هي قمة أزمات وليست قمة قرارات.
تحديات أما القمة
وأول تحد يواجه القمة هو حضور الرؤساء والأمراء العرب للقمة. فحتى ساعة توجيه الدعوات يسود الاعتقاد بان رئيس السلطة المنتهية ولايته محمود عباس لن يحضر القمة في أعقاب الأزمة التي نشبت بينه وبين العقيد القذافي على خلفية محاولته إقناع عباس بقبول مبدأ دعوة حماس للقمة سواء ضمن الوفد الرسمي للسلطة أو بصورة مباشرة دعما للمصالحة بين الأطراف الفلسطينية، لكن عباس رفض المقترحات والمطالب الليبية وأصر على أن يترك ملف المصالحة للقاهرة ويتم التعامل معه وفق الآلية التي حددتها القاهرة، كما رفض مبدأ دعوة حماس أو مشاركتها للقمة، وهو بخلاف ما كان يفعله الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات الذي كان يدعو قادة الفصائل للاجتماعات واللقاءات الرسمية إذا سمحت الظروف له بذلك.
الشكوك في الحضور الفلسطيني تعمقت بعد ان رفض القذافي مقابلة عباس بعد أن وصل ليبيا بدعوة من ليبيا بحسب رواية السلطة الفلسطينية وهو ما أثار حفيظة عباس وحركة فتح واشترطا لحضور عباس القمة اتصال الزعيم القذافي به واعتذاره، وهو ما لم يفعله لقذافي وربما لا يفعله بحسب التقارير التي تتابع تطورات هذه الأزمة ومجريات التحضير للقمة العربية، وهو ما ينذر بغياب فلسطيني عن القمة.
وإذا حصل ذلك سيكون أول غياب فلسطيني في تاريخ القمم العربية، وحتى في حالة إيفاد عباس مندوبا عنه لحضور القمة فسيكون أيضا سابقة غير معهودة في تاريخ المشاركة الفلسطينية في القمم العربية، كما انه سيضر بالمصلحة الفلسطينية ويمثل انتكاسة جديدة في تاريخ القضية الفلسطينية في تاريخ زعامة عباس للقضية الفلسطينية لتضاف إلى انتكاسة الانقسام، وإضعاف الجبهة الفلسطينية الداخلية في مواجهة الاحتلال.
كما أن حضور لبنان للقمة في ليبيا مشكوك فيه حتى لمجرد التمثيل، حيث تصر القوى السياسية ولبنان الرسمي على معرفة مصير الإمام الصدر ورفاقه الذين اختفوا أثناء رحلة لهم من لبنان الى ليبيا، وهو ما ترفض ليبيا الخوض فيه أو تحمل مسئوليته. ولدى سؤال الرئيس اللبناني عن إمكانية مشاركة لبنان في قمة طرابلس، امتنع عن الإجابة.
وبات في حكم المؤكد عدم حضور الرئيس المصري حسني مبارك لأسباب صحية فيما يبدو لكن أيضا بدون وجود هذه الأسباب كانت التقارير تتحدث عن احتمالية تغيب مبارك عن قمة طرابلس، كما لا يعرف بعد ما مدى إمكانية مشاركة الرئيس السوداني عمر البشير الملاحق بموجب مذكرة اعتقال دولية لمحكمة جرائم الحرب حيث امتنع البشير في أوقات سابقة عن المشاركة في بعض اللقاءات الخارجية تجنبا لإحراج الدول المضيفة وعدم إثارة أزمة دبلوماسية لها مع المجتمع الدولي.
جدول الأعمال
وفي جدول أعمال القمة الذي بدا التحضير له مبكرا كان التركيز على تسوية الخلافات والمواقف العربية المتعارضة خارج القمة سواء كان ذلك على صعيد العلاقات الثنائية بين الأقطار العربية أو الموضوعات محل الخلاف.
فقد شهدنا في الأسابيع القليلة التي سبقت انعقاد القمة لقاءات لبنانية سورية على مستوى القمة أذابت كثير من الاحتقان في علاقات البلدين وفتحت الطريق أمام عهد جديد في تاريخ علاقاتهما، كما شهدنا قمم سورية سعودية ولبنانية سعودية، ومشاورات مصرية سعودية تناولت العلاقات المصرية السورية وسبل تنشيطها، كما شهدنا تضامنا عربيا لدعم اليمن في حربه ونجاح للدبلوماسية القطرية في تسوية الصراع في دار فور بدعم عربي كبير، وشهدنا مشاورات عربية غير مسبوقة بشان الوضع الفلسطيني ومصير عملية التسوية، واهتماما بالوضع في القدس والأماكن المقدسة في فلسطين والتي جعلت بندا رئيسا على جدول أعمل القمة في الثامن والعشرين من مارس. ويريد الفلسطينيون من القمة أن تناقش الحصار وإعادة اعمار غزة، وسبل حماية القدس وهي من القضايا المثيرة للجدل والخلاف مع السلطة والقاهرة.
ووفقا للتصريحات التي أدلى بها الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى وعدد من القادة العرب فإن القمة ستناقش ملفا كبيرة للعمل المشترك أهمها ملف تشكيل قوة السلام العربية ومهامها والتي طرحها أمين عام الجامعة حيث يجري حاليا اجتمع على مستوى وزراء الخارجية بالدوحة من اجل مناقشة تفاصيل هذا المشروع تمهيدا لعرضه على القمة.
كما أعلن ان القمة ستشهد الإعلان عن سلسلة من المشاريع الاقتصادية المشتركة التي اقترحتها الجامعة لتشجيع وتنفيذ خطط التعاون الاقتصادي بين الدول العربية والتي أقرت سياساتها وخططها في قمة الكويت.
الحفاظ على مظهر المصالحة
ومن المقرر أن تناقش القمة ملفات الصراعات والأزمات العربية من السودان إلى اليمن إلى الصومال إلى لبنان والوضع في الخليج والعلاقات مع إيران عملية السلام استنادا إلى تقارير لجنة المتابعة العربية وما توصلت له من نتائج.
لكن هذه الملفات لا تتمتع بتوافق عربي حولها، حيث تتباين وجهات النظر بصورة كبيرة تبعا للتباينات والمحاور والتجاذبات العربية والإقليمية والدولية.
ورغم أن قادة الدول العربية حاولوا أن يبادروا إلى خطوات دبلوماسية قبل القمة تمنع أية اصطدام أثناء القمة إلا أن التناقضات العربية ظلت قائمة. فقد اعتبرت القاهرة أية علاقات لدولة عربية مع إيران إنما تمس الأمن القومي المصري، كما اعتبرت مصر والسلطة أي محاولة لإيصال حماس للقمة العربية لن يسمح بها، واعتبر اليمن أن التدخل الإيراني سببا رئيسيا في تشجيع الحوثيين على الحرب، وتتسع هوة الخلاف بين الأقطار العربية إزاء الوضع في الخليج، وفي الكويت شن برلمانها في الأيام الأخيرة هجوما على مصر بسبب موقفها من حصار غزة وبناء الجدار الفولاذي.
لكن مراقبون ومتابعون للقمة يميلون إلى القول بان القمة لن تحل الخلافات العربية لكنها لن تتيح لهذه الخلافات تفجير القمة، ويعمل القادة العرب والأمين العام على تسوية أو تجميد الخلافات خارج القمة للحفاظ على صورة التصالحات والتوافقات العربية التي بدأت في قمة الكويت على أن تترك الخلافات الثنائية للعلاقات الثنائية والوساطات خارج جدول أعمال القمة.