مع اندلاع أي تصعيد بين المقاومة والاحتلال الصهيوني يتوقف حسن حمدان وعمال فلسطينيون عن تفريغ شاحنات عملاقة محملة ببضائع قادمة من (إسرائيل) تمهيداً لشحنها من جديد إلى غزة. وحصل حمدان على إجازة إجبارية لعدة أيام بعد إغلاق الاحتلال للمعبر جراء التصعيد الذي تفجر عقب استشهاد ثلاثة من عناصر الجهاد الإسلامي جنوب القطاع.
يقول الرجل وهو مسترخ في فناء منزله بمخيم رفح "هي اجازة اجبارية نعيشها مع دخول أي عدوان على القطاع..". واستأنف حمدان عمله مع 50 عاملاً من أقرانه في المعبر بعدما أعاد الاحتلال (الإسرائيلي) تشغيله بشكل كامل بعد إغلاق دام أسبوعا جرى خلاله فتحه بشكل جزئي لإدخال المحروقات إلى غزة.
ويتركز عمل حمدان وأقرانه في ساحة تقدر مساحتها بنحو أربعين دنم ومقسمة إلى عدة ساحات، ومثبت حولها كاميرات حديثه ويعملون دون كلل في تفريغ البضائع القادمة من الأراضي المحتلة عام 1948.
وعندما ينتهي هذا العمل وتغلق البوابة المؤدية للأراضي المحتلة عام 1948، يستقبل حمدان الشاحنات من الجانب الفلسطيني لنقل تلك البضائع. وهؤلاء العمال يخضعون لفحص أمني دوري وقد بدأوا العمل في المعبر عام 2005. وتلك العملية تحتاج إلى كثير من الوقت والجهد وفق ما يقول الرجل الذي يتوقف عن العمل لأيام وربما أسابيع في العام الواحد جراء إغلاق المعبر بـزعم وجود أخطار أمنية.
وفي الطريق من معبر رفح إلى كرم أبو سالم يرفض الاحتلال الصهيوني تواجد أجهزة الأمن الفلسطينية في غزة. وخصص الاحتلال (الإسرائيلي) كرم أبو سالم خلال السنوات السبع الماضية لتزويد غزة بالبضائع في قرار أحادي الجانب وأغلقت أربع معابر رئيسة كانت تلبي احتياجات سكان القطاع الساحلي.
ويمد المعبر قطاع غزة بحوالي 300 إلى 350 شاحنة يوميا تغطي 70 بالمئة من احتياجات غزة. في حين كان يصل للقطاع حوالي 2000 شاحنة يومياً قبل أن تفرض (إسرائيل) حصاراً مشدداً عليه في صيف العام 2007. ويعمل المعبر بموجب تنسيق أمني وفني كامل بين السلطة الفلسطينية في رام الله والاحتلال (الإسرائيلي).
ويوضح حمدان أن "المعبر في الأشهر الأخيرة حظي بتسهيلات واسعة وبدأت تدخل من خلاله أغلب السلع التي يطلبها التجار المحليون". ويشير الرجل وهو في أواخر العقد الرابع من العمر إلى أن المعبر شهد الكثير من التوسعة والتطوير في العام الماضي خصوصاً فيما يتعلق بإمدادات المحروقات والغاز.
وجاء هذا التطوير مع تصاعد الحملة الأمنية الواسعة التي شنها الجيش المصري لإغلاق الأنفاق الأرضية مع قطاع غزة وبدأت إبان الانقلاب العسكري على الرئيس محمد مرسي في الثالث من يوليو الماضي. ويعتبر المحلل الاقتصادي ماهر الطباع لـ"الرسالة نت"، أن "كرم أبو سالم بات يشكل سيفا على رقبة غزة في هذه المرحلة خصوصا بعد تدمير الانفاق".
ويشير الطباع، إلى أن اغلاق المعبر لأيام ظهرت نتائجها في الأسواق مباشرة، لافتاً إلى أن الاحتلال اضطر إلى فتح المعبر جزئياً لإدخال المحروقات مطلع هذا الاسبوع.
ولا يشمل ما يتم توريده بعض المواد الخام للصناعات المحلية، ومواد البناء التي أوقف الاحتلال (الإسرائيلي) دخولها منذ منتصف أكتوبر الماضي إثر اكتشاف نفق أرضي حفره مقاومون فلسطينيون على الحدود بين غزة والأراضي المحتلة عام 1948. كما يتم توريد المساعدات الدولية بمختلف أنواعها عبر معبر كرم أبو سالم لصالح الأونروا التي تقدم مساعدات لحوالي مليون فلسطيني في غزة.
واعتبر الخبير الاقتصادي معين رجب أن الاحتلال يدير كرم أبو سالم من خلال نظرية أمنية قائمة على سلوك الفصائل الفلسطينية في غزة. ويوضح رجب لـ"الرسالة"، أن سلطات الاحتلال عندما أغلقت المعابر الرئيسة مع غزة حولت المعبر إلى تجاري -كما كان مخططا- بدلا من معبر للأفراد. ويشير إلى أن الآلية التي يدار من خلالها المعبر تزيد تكلفة البضائع والسلع بشكل كبير على المستهلك الفلسطيني خصوصاً في ظل الضرائب المفروضة من الاحتلال وسلطة رام الله وارتفاع تكاليف النقل.
من جانبه، طالب رئيس اللجنة الشعبية لمواجهة الحصار النائب جمال الخضري، بضرورة إخراج الاحتلال (الإسرائيلي) معابر قطاع غزة من المعادلة السياسية والأمنية والميدانية، مؤكداً أن إغلاقها يتناقض مع الاتفاقيات الدولية واتفاقية جنيف الرابعة التي تؤكد على حرية الحركة للأفراد والبضائع.
وقال الخضري في تصريح صحفي إن الاحتلال مُلزم بتطبيق الاتفاقيات الدولية وعلى العالم الضغط عليه لفتح المعابر. ولفت إلى أن الاحتلال يغلق معابر غزة التجارية كافة، ولم يبقِ سوى على معبري أبو سالم وبيت حانون ويتم فتحهما بشكل جزئي لا يلبي حاجات السكان، ويمنع دخول مواد البناء والمواد الخام وبعض السلع الغذائية، كما يمنع التصدير.
وطالب الخضري بضرورة فتح كافة معابر غزة التجارية، وتكثيف الضغط الدولي تجاه الاحتلال لتفادي الوضع الكارثي الذي يزيده الاحتلال تعقيداً بإغلاق المعبر.
ومنذ احتلال (إسرائيل) لقطاع غزة في يونيو/حزيران 1967، يعتمد سكانه على المعابر مع الاحتلال (الإسرائيلي) في التزود بالبضائع.