قائمة الموقع

"إسرائيل" تتلقى رسائل المقاومة بصمت وحذر

2014-03-24T14:09:51+02:00
وزير الحرب (الإسرائيلي) موشيه يعلون
الرسالة نت - فادي الحسني

تزامنا مع اكتشاف الاحتلال لنفق أقامته المقاومة الفلسطينية أسفل الحدود المتاخمة للأراضي المحتلة عام 1948، بعثت كتائب القسام رسالة تهديد قصيرة جدا تلخصت في بث فيديو لوزير الحرب (الإسرائيلي) موشيه يعلون اثناء تفقده للنفق على الحدود مع غزة وكأنها تقول  "لقد كنت في مرمى النار، ولكنك نجوت".

أعقب هذا الفيديو رسائل تهديد نصية ارسلتها الكتائب أيضا عبر الهواتف المحمولة إلى محافل سياسية (إسرائيلية) رفيعة، مهددة اياها بأنها لن تكون في مأمن من الصواريخ.

تلك الرسائل المقننة، لا يمكن لـ(إسرائيل)- التي يتوعد قادتها غزة بإعادة الاحتلال- أن تلقيها ارضا أو تتجاهلها، خصوصا وهي تدرك أن المقاومة الفلسطينية تمتلك (استراتيجية انفاق) متماهية مع تجربتي لبنان وفيتنام، قد تمكنها من الانتقال من مرحلة الدفاع الى الهجوم، ولكن كيف ومتى؟ فهذا سؤال لا احد يملك احد الاجابة عليه سوى المقاومة.

ليس من المعلوم ان كانت المقاومة قد فوتت فرصة قتل "يعلون" أم لا، ولكن الواضح انها تملك من الخيارات الكثير في التعامل مع الاحتلال، خصوصا في ضوء ترنح التهدئة المبرمة منذ انتهاء الحرب الأخيرة على غزة 2012 على حبال الاشتباك المتقطع.

تجاهلت وسائل الاعلام العبرية أمر مراقبة "يعلون" ولم تعره الاهتمام البالغ، بقدر ما منحت اكتشاف النفق ذي الدعائم الهندسية المحترفة، هالة كبيرة للدلالة على قدرتها الاستخباراتية في اكتشافه، علما أن المتحدث باسم كتائب القسام أبو عبيدة، صرح أن العثور النفق جاء نتيجة تأثير الأمطار خلال المنخفض الجوي الأخير.

ويفسر مراقبون أمنيون تجاهل (إسرائيل) عملية التقاط صور لوزير الحرب (الإسرائيلي) على حدود غزة، بأنه عائد الى عدم رغبتها في ابراز فشل الجيش بمستوياته العليا في التمويه الكلاسيكي ميدانيا، وبخاصة أن (إسرائيل) تزعم أن جنودها الأكثر قدرة على التخفي والاندماج في المكان.

فيما اعتبر مختصون في الشأن (الإسرائيلي)، من بينهم حاتم أبو زايدة، أن تجاهل الحادثة ناتج عن شعور (إسرائيل) بالفشل الاستخباري والأمني الواضح، وأن المقاومة رغم قدراتها وامكاناتها المتواضعة قادرة على الوصول الى ما تريد.

وتدرك (إسرائيل) كما قال مسؤول في الجيش لـموقع "المصدر" أن حماس فقط من تمتلك القدرة الهندسية والتقنية بالدرجة التي تم كشفها في النفق، مؤكدا أن نفقًا كهذا قد حُفر لتنفيذ عمليات نوعية، مثل الاختطاف.

ولعل نفقا بهذا الحجم من التحصين والتقنية -الذي يأتي اكتشافه بعد ستة اشهر على اكتشاف نفق (العين الثالثة) جنوب قطاع غزة- خير دليل كما يقول أبو زايدة على أن حركة حماس لم تركن خلال فترة التهدئة، بل عملت على تعزيز قدراتها العسكرية.

وعلى ضوء التهديد (الإسرائيلي) المتكرر لغزة، قد لا تتريث حماس كثيرا وتفاضل بين استمرار التهدئة أو الاندفاع نحو المواجهة، خصوصا أنه من حقها الدفاع عن نفسها ازاء اعتداءات الاحتلال المتكررة.

ووفق تقدير موقف، اصدره المركز العربي للبحوث والدراسات، فإن غزة تشهد في الآونة الأخيرة تصعيدا إسرائيليا متدحرجا من أجل تضييق الخناق على حماس وتثبيت التهدئة. غير أنه ألمح إلى أن الاسباب الكابحة للتصعيد من جهة حماس والمتعلقة بالحالة المعيشية الصعبة لسكان غزة وتغير الخارجة الاقليمية المحيطة بالقطاع وبخاصة العلاقة مع مصر، لا تلغي بالضرورة مناقشة الحركة خيار الحرب الذي له بعض الايجابيات، ومنها: توحيد الفلسطينيين المنقسمين تجاه عدو خارجي، واعادة القضية لتصدر اهتمامات وسائل الاعلام الدولية، واحراج سلطة الانقلاب في مصر واظهارها متواطئة مع عدوان (إسرائيلي) قادم.

في المقابل يرصد المختص في الشأن (الإسرائيلي) صالح النعامي تزايد وتيرة الدعوات التي يطلقها وزراء (إسرائيليون) لإعادة احتلال قطاع غزة وتدمير البنية التحتية للمقاومة الفلسطينية، ردا على عمليات إطلاق الصواريخ.

ولفت إلى انضم يوفال شطاينتس وزير الاستخبارات والعلاقات الدولية إلى زميله وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان في الدعوة لإعادة احتلال القطاع، على اعتبار أن مثل هذه الخطوة فقط تضمن وقف الصواريخ، بينما فاجأ رئيس هيئة أركان الجيش بني غانتز، الأربعاء الماضي، أعلن أن وقف إطلاق الصواريخ يتطلب إعادة احتلال قطاع غزة بالكامل.

ويشير النعامي في قراءته للمشهد (الإسرائيلي)، إلى أن مثل تلك التصريحات تتطلب اتخاذ "قرار استراتيجي"، والهدف منها تحقيق غايتين أساسيتين، وهما: تبرير عجز الجيش عن وقف عمليات إطلاق الصواريخ من القطاع، وفي الوقت ذاته تحميل الحكومة ورئيسها بنيامين نتنياهو تبعات اتخاذ قرار بإعادة احتلال القطاع.

في ضوء ما سبق نجد أن الطرفين المقاومة والاحتلال، لديهما حسابات مختلفة فيما يتعلق بالمرحلة المقبلة، فـ(إسرائيل) كما يبدو أنها ما تزال تدرس جدوى المواجهة في ظل تعاظم قوة حماس، فيما ليس في وارد المقاومة أن تزيد من وتيرة التسخين ولكن رسائلها قد وصلت عبر الحدود مع غزة، وتلقفتها (تل أبيب) بصمت وحذر.

اخبار ذات صلة