قمة الكويت تُبقي على حصار غزة

الزعماء العرب خلال قمة الكويت
الزعماء العرب خلال قمة الكويت

الرسالة نت - أحمد الكومي

عَبَرَت خطابات القادة في القمة العربية بدورتها الخامسة والعشرين في الكويت، الأذن اليُمنى للمواطن العربي وخرجت من اليُسرى دون أدنى اهتمام، إلا تصريحات الرئيس المصري المؤقت عدلي منصور التي توقفت عندها عقول الفلسطينيين، لفك رموزها!

منصور طالب خلال كلمته في القمة مؤسسات حقوق الإنسان برفع الحصار عن قطاع غزة وإنهاء معاناته، متناسيا أن الدولة التي تشترك مع غزة في معبر رفح البري هي مصر التي أغلقت سلطاتها المعبر 49 يوما وأعلنت الثلاثاء عزمها فتحه لثلاثة أيام، بُعيد كلمة الرئيس المؤقت في القمة.

إغلاق المعبر كل هذه المدة أفضى إلى تكدُّس آلاف المسافرين، من بينهم عشرة آلاف حالة إنسانية، منها 1200 مريضًا بحاجة إلى عمليات عاجلة، ما يعني أن فتحه ثلاثة أيام غير كاف ولا يلبي احتياجات الفلسطينيين الإنسانية.

القمة العربية غاب عنها ثمانية قادة، وعقدت وسط أجواء متوترة بسبب الخلاف الخليجي المصري مع دولة قطر الذي تحاول الكويت الوساطة فيه، فضلا عن بقاء مقعد سوريا شاغرا. واستعرضت القمة أهم الملفات العربية البارزة، وكان الملف الفلسطيني حاضرا من خلال كلمة رئيس سلطة رام الله محمود عباس الذي شكر الدول العربية على ما تقدمه من دعم للشعب الفلسطيني.

وفي الوقت الذي طالب فيه منصور بإنهاء حصار غزة، فإنه أدان أيضا العدوان (الإسرائيلي) عليها، بما يناقض مضامين التقدير الاستراتيجي حول أوضاع (إسرائيل) خلال عام 2014، الذي عرضه روبن بن يشاي المعلق العسكري في "يديعوت"، وجاء فيه أن قادة أجهزة الاحتلال الاستخباراتية امتدحوا التحول الذي طرأ على سياسة الجيش المصري فيما يتعلق بتشديد الحصار على المقاومة، وأنه لن يعارض عملية عسكرية ضد غزة!

"

الصواف: إذا أرادت الدول رفع الحصار فهي بحاجة إلى إرادة

"

وذكر التقرير -وفق بن يشاي المقرب جدا من المنظومة الأمنية في الدولة العبرية- أن السياسة التي يتبعها الجيش بعد عزل الرئيس مرسي ضد المقاومة في القطاع قلّصت قدرتها على فتح مواجهة مع (إسرائيل).

الحصار الأطول في التاريخ

الدكتور مجدي حسين الكاتب والسياسي المصري سخر من القمة العربية، واعتبر في حديث مع "الرسالة نت" من القاهرة أن القمة انعكاس لحالة البؤس العربي الرسمي.

وعلّق حسين على تصريحات منصور بشأن الحصار قائلا: "لا أدرى من يخدع هذا الرجل، يحاصر غزة ثم يطالب بإنهائه"، مستدركا: "هذا شيء مخز صراحة"!

وأضاف رئيس حزب العمل المصري: "منصور قال في كلامه أن قطاع غزة يتبع لإسرائيل باعتباره محتلًا، وهذه هي خطة الانقلاب، إعادة احتلال القطاع بدلا من تأكيد تحريره"، مشيرا إلى أن سلطات الإنقلاب تريد أن تضع غزة في أحضان (إسرائيل)، لإجبارها على التعامل معها. وهو ذات الأمر الذي دفع منظمة أصدقاء الإنسان الدولية إلى إدانة مشاركة مصر (إسرائيل) في حصار غزة، ومطالبتها بفتح معبر رفح.

وقالت المنظمة في بيان لها "إن الغزيين يتعرضون منذ سبعة وتسعين شهرا لحصار ظالم قلَّ نظيره في التاريخ الإنساني ولا يستطيعون ممارسة حياتهم بصورة طبيعية".

وعبّرت المجموعة الحقوقية في مذكرة أرسلتها إلى المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية والسلطات المصرية الحالية، عن ثقتها في إرادة الشعب المصري، ورغبته القوية في فك الحصار اللاإنساني عن غزة؛ الذي ساهم به النظام المصري.

ويتفق الكاتب والمحلل السياسي مصطفى الصواف مع سابقيه في أن رفع الحصار يتطلب قرارا عربيا ومصريا.  وقال لـ"الرسالة نت": "إذا أرادت الدول العربية رفع الحصار فهي بحاجة لإرادة يمكن من خلالها الضغط على مصر لرفعه"، مستدركا: "لكن القاهرة لا ترغب في ذلك".

وبشأن تصريحات منصور، اعتبرها الصواف "إعلامية استهلاكية". وأكد أن الحصار سيظل مشددا. وهو ما حذر منه فيليبو جراندي المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) الذي اعتبر حصار قطاع غزة "الأطول في التاريخ من حصار سراييفو وبرلين وليننغراد"!

واعتبر حسين فتح المعبر ثلاثة أيام بُعيد كلمة منصور هي "ذر للرماد في العيون". وقال: "نحن لا نقبل هذا الأسلوب، أصبح الإغلاق هو الأساس"، أما الصوّاف فاعتبره بدوره "أمرا إعلاميا سياسيا تم بفعل القمة"، لكنه اعتقد إمكانية إغلاقه مرة أخرى وانتظار شهر كامل لفتحه، مستدركا: "أتمنى أن يخيب ظنّي هذا".

"

حسين: لا مهمة لمصر في الوطن العربي الآن إلا حصار غزة

"

وعاد حسين ليستنكر دور بلاده في الحصار وقال: "لا مهمة لمصر في الوطن العربي الآن إلا حصار غزة". مضيفا: "لا بد من تصحيح الأوضاع ولا يكون ذلك إلا بإسقاط الانقلاب".

واستغرب مواقف القادة العرب في قمة الكويت بشأن الحصار، متسائلا: "الحصار لم يكن غائبا عن القادة منذ 2007، أين كانوا طوال تلك المدة؟"، لكنه أشاد بموقف أمير قطر في قمة الكويت، وأضاف: "الموقف القطري كان الأفضل (..) الدوحة أصبحت زعيمة الأمة العربية ومصر تقزمت في عهد الانقلاب"!

يشار إلى أن قطر كانت قد تكفلت بإعادة إعمار قطاع غزة على مراحل، وفق ما أعلن الأمير القطري السابق حمد بن خليفة آل ثاني خلال زيارته لغزة قبل عامين، علاوة على أن الأمير الابن الشيخ تميم بن حمد أكد أن "دعم غزة مبدأ لا حياد عنه".

ولم يحمل البيان الختامي لمؤتمر القمة -برأي الصواف- أي جديد بشأن القضية الفلسطينية، مشيرا إلى أن الخلافات بين الدول العربية أحدثت تأثيرا على البيان. وأضاف: "لم يتخذ قرارات حاسمة باتجاه فلسطين، وبقي فقط الشجب والاستنكار".

ولا يأمل الفلسطينيون أن تكون قمة الكويت أفضل حالا من قمم عربية سابقة "ولن يكون عقلانيا توقع معجزة واحدة من قمة الكويت"، برأي كاتب صحفي.

البث المباشر