تشتد الحملة القمعية من سلطة رام الله وأجهزتها الأمنية، بحق معارضيها والمناوئين لسياساتها الأمنية مع الاحتلال في الضفة المحتلة؛ لتطال رموز حماس وقادتها الذين أمضوا في سجون الاحتلال عقودًا من الزمن وفي مقدمتهم القيادي نزيه أبو عون.
ورغم المطالب المتكررة للسلطة بالتراجع عن سياساتها الأمنية ضد عناصر حماس بالضفة، ومحاولات التوسط لإطلاق سراح قادتها وما مثله اعتقالهم من إهانة للواقع الفلسطيني، إلّا أنها تجاهلت كل ذلك على رأي المثل" دان من طين ودان من عجين".
تجاهل الاتصالات
وأغلقت السلطة كل الاتصالات القاضية لإنهاء ملف الاعتقال السياسي وإطلاق سراح القائد أبو عون ومن معه من المعتقلين السياسيين، وفق ما يؤكده خليل عساف رئيس تجمع الشخصيات المستقلة وعضو لجنة الحريات بالضفة.
وقال عساف لـ"الرسالة نت": "أجرينا اتصالات مع أعلى المستويات في السلطة لوقف الاعتقالات، ولكن لا جدوى بل وأحالت المعتقلين الى النيابة والمحاكم"، معربًا عن أسفه لتقصير رئاسة لجنة الحريات بالضفة التي لم تدعُ لعقد أي اجتماع يناقش تدهور الأوضاع بالضفة.
بدوره، فإن الشيخ حسن يوسف القيادي البارز في حركة حماس أكدّ لـ"الرسالة نت"، أن قيادتي السلطة وحركة فتح أغلقتا كل الاتصالات مع الحركة إلى درجة رفضت الرد على مكالمات الهواتف!
وبالعودة إلى عساف الذي أشار إلى أن السلطة شرعنت اعتقالاتها السياسية بنصوص قانونية مخالفة لما تم الاجماع عليه في التوافق الوطني، مؤكدًا أن استمرارها يفاقم من توتير الأجواء، ويعد إهانة للقيادات الوطنية بالضفة المحتلة.
خشية على بقائها
وأرجع عساف استمرار الاعتقالات في صفوف حماس، إلى خوف السلطة وأجهزة الأمن من حالة الغموض في سياسة حماس وتوجهاتها المستقبلية في الضفة المحتلة، وخشيتها من توجه الحركة إلى تفجير الأوضاع بالضفة التي تشهد عدوانًا متصاعدًا من الاحتلال.
وتشير لجنة أهالي المعتقلين السياسيين بالضفة المحتلة، إلى تصاعد الاعتقالات السياسية بحق عناصر وكوادر حركة حماس خلال الأشهر الثلاثة الماضية.
وعزا عساف السبب أيضًا، إلى حالة الإرباك التي تعيشه السلطة في ضوء حالة الحنق السائدة في الضفة المحتلة، بفعل سياسات السلطة الأمنية، خاصة في مخيم جنين الذي شهد اغتيال حمزة أبو الهيجا وقد كان ملاحقًا من أجهزة أمنها.
البرفسور عبد الستار قاسم أستاذ العلوم السياسية بجامعة النجاح، أكد أيضًا أن السلطة تخشى أن تخلط حماس الأوراق من جديد عبر تصعيد المقاومة بالضفة، وما سيسببه من إرباك للسلطة التي تسعى دائمًا لأن تثبت لحلفائها أنها الخادمة الأمنية الوفية لهم، وفق تعبيره.
وعادت مقاومة الضفة المحتلة إلى الواجهة من جديد عبر اندلاع جملة من الأحداث الميدانية، عقب إقدام الاحتلال على اغتيال عدد من الشبان الفلسطينيين وكان آخرهم الشهيد حمزة أبو الهيجا في مخيم جنين.
ويرى كلًا من قاسم وعساف أن السبب الرئيسي في بقاء حالتي الانقسام والتشرذم في الساحة الفلسطينية هو إصرار السلطة على سياسة التنسيق الأمني التي تقوم عليه، ودورها الملقى على عاتقها في حماية أمن (إسرائيل).
بينما يؤكد الشيخ يوسف، أن حالة الغضب السائدة نتيجة طبيعية لاستمرار السلطة في سياسة التنسيق الأمني، ويعتبر مبرر بقائها من جانب الامريكيين و(الإسرائيليين)، وعدها أيضًا بمنزلة استجابة للإملاءات التي تفرضها (إسرائيل) عليها.
ونبه يوسف إلى خطورة ما تشكله هذه الاعتقالات على الواقع الفلسطيني بالضفة، وما يمثله من خدمة مجانية تقدمه السلطة للاحتلال دونما أدنى مقابل، بل وما يرشح عنه من ضرر فادح على القضية برمتها.
ورأى في سياسة السلطة، محاولة لحرف بوصلة الشعب الفلسطيني عن الاخطار الحقيقة المحدقة به، إلى أتون نزاع داخلي خدمة للاحتلال.
ويؤكد يوسف أن حركته لن تحرف مواقفها من مواجهة الاحتلال، مهما اشتدت شراسة السلطة وتمادت في سياساتها العدوانية ضد حماس، بينما يؤكد عساف ضرورة الاتفاق على خطة استراتيجية بين حركتي حماس وفتح، لإدارة الموقف الفلسطيني وضمان انهاء حالة الشك القائمة في الواقع الفلسطيني.