"تقول السلطة إن الإفراج عن رفات الشهداء من مقابر الأرقام الإسرائيلية جاء بعد نضال سياسي وقانوني كبير, فلماذا تعتقل من يشاركون في تشييعهم بالضفة؟!" هذا ما ذكره والد المعتقل السياسي ياسر جود الله الذي اعتقل مع 30 آخرين خلال تشييع رفات مهندس القسام الشهيد محمد الحنبلي قبل نحو أسبوعين.
وكانت أجهزة السلطة منعت خروج جثمان الحنبلي محمولا على الأكتاف من مستشفى رفيديا بنابلس، ووضعته في إحدى مركباتها من مبنى المستشفى وحتى ميدان الشهداء، إلا أن عائلة الشهيد وقادة حماس أصروا على حمل رفاته والسير به في موكب جماهيري.
أبو محمد والد المعتقل ياسر جودالله يقول في حديث لـ"الرسالة نت" إن نجله تعرض لاعتقال تعسفي لدى خروجه لتشييع الشهيد الحنبلي وجرى تأجيل محاكمته لأكثر من مرة.
والشهيد الحنبلي هو مهندس القسام الخامس في الضفة المحتلة, ويحتجز جثمانه في مقابر الأرقام "الاسرائيلية" منذ إثنى عشر عاما.
وأوضح أبو محمد أن تحرير رفات الشهداء فخر للعشب الفلسطيني وفرحة بعودتهم إلى رحم الأرض التي ولدوا وتربوا فيها, فلماذا يعتقل ويهان ويقمع كل من يشارك في هذا العرس الوطني؟!
ويضيف: "تأجلت محكمة ياسر مع 30 آخرين يوم الخميس الماضي بحجة عدم إحضار ملف التحقيق ليدرسه القاضي في المحكمة".
وأشار أبو محمد إلى أنه رفض قرار التأجيل واحتج عليه ملوحا بالإضراب عن الطعام وخطوات أخرى رفضا لممارسات المحكمة والقضاة, إلا أن القاضي لم يستمع إليه ودعاه للإنتظار حتى يوم الأحد القادم حتى يدرس الملف الذي اعتقل عليه نجله.
ويتابع: "ياسر وكل الشباب الذين اعتقلوا يوم التشييع طلبة في الجامعات الفلسطينية وبالمراحل الأخيرة وعليهم امتحانات نهائية للفصل الأخير".
وخرج الآلاف من أنصار حماس وأهالي نابلس في موكب مهيب يعد الأول من نوعه منذ سنوات لتشييع رفات الحنبلي وتواجدت تعزيزات أمنية مكثفة لأجهزة أمن السلطة وحاولت بدورها منع المشاركين من رفع الرايات الخضراء.
وأكد أبو محمد أنه زار نجله ياسر مرة واحدة منذ اعتقاله مؤكدا أنه قلق على فقدان دراسته الجامعية وتأخير تخرجه من الجامعة.
واستنكر ما أسماها سياسة التجهيل التي تتبعها السلطة باعتقال الطلاب في مراحل دراستهم الجامعية, كما أدان قمع الحريات بالضفة.
ولفت أبو محمد إلى أن السلطة تدعي أن المشاركين في التشييع أهانوا العلم الفلسطيني عندما رفعوا رايات وصفتها بالحزبية, مؤكدا أنه لا يمكن لأحد أن ينقص من قدر العلم لأن من يهين علم بلاده يهين نفسه وهو ما لم يفعله ياسر ومن اعتقلوا معه.
وشدد على أن إجراءات أجهزة السلطة ليست من أخلاق الشعب الفلسطيني كما أنها وجدت لحماية الفلسطينيين وليس لقمعه واعتقاله لمواقفه الوطنية والأخلاقية بتكريم الشهداء ورفاتهم.
أم صهيب الخراز والدة المعتقل صهيب أبدت حزنا كبيرا على اعتقال نجلها صهيب الذي ترك الدراسة والإختبارات الجامعية للمشاركة في تكريم جثامين الشهداء الأبطال.
وتقول لـ"الرسالة نت" إنها زارت نجلها مرة واحدة بعد 16 يوما على اعتقاله وقد وجدت معنوياته مرتفعة ويتمنى أن يتحرر قريبا حتى يكمل دراسته الجامعية في كلية الإقتصاد بجامعة النجاح الوطنية.
وتضيف أم صهيب: "صهيب ينتظر الفرج بشغف خاصة بعد تأجيل محاكمته بذرائع وحجج واهية" وتمنت أن يلتفت رئيس السلطة محمود عباس لقضية الطلاب المعتقلين على خلفية المشاركة في تشييع رفات الشهداء.
واستهجنت تمديد إعتقال نجلها حتى يوم الأحد المقبل, بعد أن جرى تأجيل محاكمته مرتين على التوالي في محاولة لمعاقبتهم ومعاقبة عائلاتهم على مشاركتهم في تشييع الشهداء.
وانتشر العشرات من مندوبي أجهزة السلطة في مسيرة التشييع، بينما اعتقلت الأجهزة الأمنية أربعة شبان خلال المسيرة، واعتدت على آخرين.
وأشارت الوالدة إلى أن صهيب (23 عاما) اعتقل تعسفيا, داعية للإفراج عنه وباقي المعتقلين الذين يقبعون في سجون السلطة دون أي مسوغات قانونية.
وتمنت أن ينال نجلها الحرية قريبا حتى لا يضيع مستقبله الدراسي خاصة أنه على أعتاب الإختبارات النهائية في كلية الإقتصاد بجامعة النجاح.
تتناقض السلطة مع نفسها عندما تتحدث عن إنجاز وطني ونضالي وتقمع كل من يخرج للمشاركة فيه بالضفة ما يعكس حقيقة عقليتها الأمنية التي تتساوق مع الاحتلال ومشاريعه في وأد المقاومة الفلسطينية ومن يخرج متضامنا معها ومع رموزها.