قائد الطوفان قائد الطوفان

مقال: ماذا بعد دعوة ليبرمان لانتخابات مبكرة في اسرائيل؟

فرحان موسى علقم
فرحان موسى علقم

فرحان موسى علقم

برزت الدعوة التي وجهها وزير الخارجية الإسرائيلي المثير للجدل عادة، إلى واجهة الأحداث في اسرائيل، إذ تلقفتها أحزاب المعارضة، على عطش، حيث سارع زعيم المعارضة في الكنيست الإسرائيلي رئيس حزب العمل يتسحاق هيرتسوغ إلى الرد على هذه الدعوة بنوع من السخرية أثناء جلسة الكنيست الاسرائيلي التي عقدت صباح الاثنين الماضي لبحث تداعيات توقف المفاوضات فقال: "لا أعتقد أن هذا امر فظيع. إنه حل حقيقي لدولة إسرائيل للخروج من المأزق الذي تسببت به هذه الحكومة عند كل منعطف، إذا أراد ليبرمان اللجوء إلى الانتخابات. سوف نلجأ إلى الانتخابات".

دعوة ليبرمان جاءت كخيار مفضل ومقبول على حزبه ضمن ثلاثة احتمالات قائمة كما يراها ليبرمان، وهي إما العودة إلى صفقة يتم بموجبها إطلاق سراح فلسطينيين، وإما الذهاب إلى تشكيل ائتلاف جديد بدون انتخابات، وإما الذهاب إلى انتخابات مبكرة، وهو الاحتمال الذي يفضله ليبرمان على غيره، لأنه يرى في الانتخابات المبكرة فرصة له ليقود الائتلاف، إذ أن فرص نتنياهو في انتخابات جديدة أضعف من فرصه في تشكيل ائتلاف جديد، لأن الانتخابات في اسرائيل كما جرت العادة تشهد أفول نجم أحزاب وميلاد أحزاب جديدة، ومن المحتمل أن حزب الليكود سيشهد انشقاقات جديدة بشر بها الوزير السابق عن حزب الليكود موشيه كحلون، كما أن اليمين الاسرائيلي يشهد حراكا نشطا، يهدد فرص نتنياهو في انتخابات جديدة، خاصة إذا أخذنا موقف أرييه درعي رئيس حزب شاس من نتنياهو الذي أقر أنه أخطأ بدعمه لتكليف نتنياهو بتشكيل الحكومة، وأعرب عن دعم 18 عشر عضو كنيست من الحريديم لرئيس حزب العمل هيرتسوغ في تشكيل الحكومة القادمة. لكن فرص نتنياهو تظل هي الأقوى في حال تشكيل ائتلاف جديد دون إجراء انتخابات جديدة ولذلك ينأى ليبرمان عن هذا الاحتمال.

إن هذه الدعوة التي وجهها ليبرمان وتلقفتها المعارضة وتبنتها من خلال أقوال زعيم المعارضة وأعضاء آخرين مثل العضو العربي د. أحمد الطيبي، وغيرهم يمكن وضعها ضمن ثلاثة سياقات أو مسارات على النحو التالي:-

1-      المسار العام:- وضمن هذا المسار تحقق إسرائيل جملة من المصالح من أهمها:-

-        تحصل إسرائيل من خلال تبني هذه الدعوة على وقت إضافي مجاني دون أي التزامات من جانبها، حيث ستتعلق الأنظار بهذه الدعوة وما ستتمخض عنها الانتخابات الجديدة، وسينتظر الجميع ومعهم الفلسطينيون نتائج هذه الجولة، وهذا يعطي إسرائيل الفرصى الكاملة للعودة إلى ما قبل بدء جولة المفاوضات الجديدة، وتفلت بذلك من أي لوم من أي طرف في العالم، وينسى العالم فترة التسعة اشهر وما خلفته من آثار. وهو ما تسعى إسرائيل الآن للوصول إليه.

-        التهرب من مسؤوليتها في انهيار المفاوضات، خاصة أمام الإدارة الأمريكية التي استثمر وزير خارجيتها الكثير من جهوده فيها مبشرا ومستبشرا بأن يحقق من الاختراق ما لم يحققه زملاؤه في الخارجية الأمريكية على مدار سنوات طوال خلت.

-        الحد من تأثير الدعوات المتزايدة لمقاطعة إسرائيل والحد كذلك من دعوات أطلقت لفرض عقوبات على إسرائيل في حال فشلت المفاوضات، حيث تعمل هذه الدعوة على تأجيل مثل هذه الدعوات انتظار لما ستؤول إليه نتائج الانتخابات.

2-      المسار الثاني:- على صعيد الخارطة الحزبية، حيث تشهد الحلبة السياسية في اسرائيل حراكا حزبيا نشطا، يمكن له أن يؤدي إلى تغيرات جذرية في الخارطة الحزبية إذا أجريت انتخابات مبكرة في هذه الأجواء، وهذا ما أشار إليه البروفسور داني غوطفاين المحاضر في قسم تاريخ إسرائيل في جامعة حيفا، وهو أيضا نشاط سياسي في صفوف حزب العمل من أن ثمة تغيرات تحدث داخل اليمين الإسرائيلي، يجدر الالتفات إليها، حيث يتعرض نتنياهو إلى انتقادات من الجناح اليميني المتطرف داخل حزب الليكود، لذلك هناك تغير في المواقف في إطار المفاوضات الأمر الذي يثير قلقا داخل حزب الليكود. كذلك فإن تصريح نتنياهو بأنه "لن يترك القبيلة" نابع من وجود هذه التخوفات داخل الليكود من احتمال تكرار ما قام به شارون ومعه أولمرت وليفني من الانشقاق على حزب الليكود وتأسيس حزب كاديما. حيث يبقى هذا التخوف قائما داخل حزب الليكود ويزيد منه صعوبة معرفة مواقف نتنياهو الحقيقية.

3-      المسار الثالث: ويتمثل في الأهداف الشخصية، حيث يتطلع عدة أشخاص إلى تجاوز نتنياهو الوثوب إلى مقعد رئيس الوزراء في حال أجريت انتخابات جديدة، إذ يعول هؤلاء على غياب نتنياهو، وعدم تمتعه بذات القوة التي تمتع بها في الانتخابات السابقة، ومن هؤلاء على سبيل المثال وزير الخارجية ليبرمان الذي يتطلع لقيادة اليمين والوصول إلى رئاسة الوزراء وهذا ما يفسر النغمة التصالحية مع الادارة الأمريكية التي حاول الظهور بها في الآونة الأخيرة. ومن داخل حزب الليكود يبرز أشخاص مثل موشيه يعالون، ودان دنون، ومن المعارضة، يتحفز زعيم حزب العمل هيرتسوغ لهذه الجولة على أمل أن يحظى بالدعم من أحزاب المعارضة ومن أحزاب داخل الائتلاف مثل حزب يش عتيد وحزب الحركة، حيث وجه لهم الدعوة للانساحب من الائتلاف والانضمام للمعارضة، كذلك التصريحات التي أدلى بها زعيم حزب شاس من اعترافه بأن دعمهم لنتنياهو كان خطأ وأنهم مستعدون لدعم هيرتسوغ لرئاسة الوزراء. وكذلك فإن عودة الوزير السابق موشيه كحلون تنبئ بإضعاف موقف نتنياهو وبروز كحلون كشخصية قادرة على تجميع الأنصار بشكل بارز.

 

البث المباشر