على ذمة الراوي: امرأة مسكينة اشتهت الحَبَل لدرجة أنها لم تترك طبيبا إلا طرقت بابه، ولم تترك وصفة شعبية إلا جربتها، حتى نوادر "الخراريف" وهلوسات العجائز القديمة مارستها.
ذهبت إلى شاطئ البحر في ذكرى أربعة أيوب، غطست تحت كل موجة، وقرأت ما تيسر لها، مكررة ذلك سبع مرات، وفي كل مرة تدعو النبي أيوب أن "يتوسط في حبلها".
لكن أيوب لم "يحبّلها"، ومع تصاعد تهديدات زوجها بطلاقها أو مشاركتها لضرة، اضطرت لأن ترخي آذانها لرفيقة سوء، أشارت عليها أن تتوجه الى الشيخة "أم قويق" المبروكة، صاحب السر الباتع، والحاصلة على درجة متقدمة في "أيزو" الشعوذة والسحرة.
ذهبت المسكينة وحدها خشية أن ينكشف أمرها، بعدما قدمت رفيقتها سيرتها الذاتية لـ"أم قويق"، وحصلت لها على موعد.
جلست أمامها حائرة، عيونها غائرة من القلق والسهر والخوف من المجهول، بينما راحت "المبروكة" تشعل البخور، وتتمتم، تقشر البيض, وتضرب الحجارة، أخيرا مدت لها شرابا, قالت أنه وصية الجان، واشترطت أن تشربه كي تتحضر لفريق منهم متخصص في الحبل، شعرت "المعترة" بدوار في رأسها, وزاغت عيناها، وبالكاد ترى الخيالات أمامها، طمأنتها "الشيخة": هذه علامات نجاح عملية الاقتران بالجان، طلبت منها أن تدخل غرفة مغلقة، حيث اللقاء بهم، ووسط العتمة وبينما تمددت على الأرض، قفز أمامها جني يرتدي اللون الأحمر وآخر يرتدي اللون الأبيض، وعرفا بنفسيهما:
الأبيض: زاكي.
الأحمر: ماكي.
وسويا رددا: زاكي وماكي، ملك الحبل أجاكي، وانقضا عليها. والبقية عندكم.
سوق هؤلاء المشعوذين والسحرة لا يزال قائما، تحت مسميات، الشيخ، والمبروك، والولي، وغيرها، لهم عناوين، ومساعدون، وزبائنهم لا يقتصرون على أصحاب الحاجة من الجهلة، أو البسطاء، حتى المتعلمين جلسوا أمامهم، لأن الغرقان يتعلق بقشة.
من يتصدى لهم يجب أن يلاعبهم بالبيضة والحجر، ولكن ليس من خلال السحر والشعوذة، بل بالدين والعقل والعلم والقانون والقوة، حرب لا تتوقف عند حملة أمنية، محدودة الأهداف والزمان. وإلا سيعود: "العي عي والصي صي"، وعندها ستخرج لنا "أم قويق" و"أبو قويق" ويعود مساعدوهم زاكي و ماكي يفسدون في الأرض، ينهبون الجيوب، ويخربون البيوت.