ما بين الإخفاق والتفاؤل كانت حكاية المصالحة بمحطاتها التي فاقت أيام الشهر وسجل التاريخ أولها بعد اشتداد الانقسام بين الفرقاء مطلع صيف 2007 باشتباكات بين القوة التنفيذية والأجهزة الأمنية. وفي منتصف العام أطلق الأسرى وثيقتهم من داخل السجون أملًا بأن ينتهي الانقسام بعذاباته الا أن حدته ازدادت ولم تتوقف الاشتباكات بين الطرفين .
وقبل نهاية 2007 وصلت قيادات فتح وحماس إلى الأراضي الحجازية بعد أن أطلق الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز مبادرة لإرجاع التوافق بين فتح وحماس ووقعت الفصائل اتفاق مكة وشكلت حكومة وحدة وطنية , وسط ابتهاج شعبي في شطري الوطن.
نقاء لباس الاحرام بلونه الأبيض وتلك الصور التي التقطت لرئيس السلطة محمود عباس ورئيس المكتب السياسي لحماس خالد مشعل في أطهر بقعة لم ينعكس على أرض الواقع , فبعد أسابيع معدودة عادت "ريما لعادتها القديمة" , فأقال عباس حكومة حماس وكلف سلام فياض بتشكيل حكومة جديدة , واشتد الحصار على حماس حتى الآن .
صفحة جديدة!
"صفحة جديدة" تلك التي يتم فتحها ما بين حين وآخر بين الطرفين خلال ثماني سنوات من الانقسام حتى بات في حوزتنا مجلدات خاصة بالمصالحة دون تطبيقها, فقد شهد آخر يوم في 2007على دعوة عباس لفتح "صفحة جديدة" إذا سلمت حركة حماس السلطة في غزة، وذلك بعد سقوط قتلى في مواجهات مسلحة بين الطرفين.
من خيبة أمل الى أخرى تلك التي عاشها الشعب الفلسطيني مترقبًا للوحدة الوطنية بعد وثيقة صنعاء في آذار 2008.
لم يتخيل الفلسطيني يومًا أن الرئيس السنغالي عبد الله واد سيكون وسيطًا بين الاخوة فتح وحماس في يونيو من ذات العام الا أنه لم يحصل أي تقدم في المبادرة.
في حين تخللت ربيع عام 2009 سلسلة من الاجتماعات بين الطرفين في القاهرة بوساطة مصرية لمناقشة تشكيل حكومة وحدة وطنية وإصلاح الأجهزة الأمنية وإعادة بناء منظمة التحرير والتحضير للانتخابات.
الرعاية المصرية كانت بمثابة طوق نجاة للمصالحة في محطاتها المختلفة , ولعبت دمشق دورًا هي الأخرى في أيلول 2010 حيث التقى مشعل بعزام الأحمد في دمشق، وأعلنا نيتهما اللقاء مرة أخرى قريبا قبل توقيع أي اتفاق تلتها اجتماعات جديدة في 2011 بين موسى أبو مرزوق عضو المكتب السياسي لحماس والأحمد الا أن الاخفاق كان نتيجة تلك اللقاءات.
وجاءت دعوة رئيس الحكومة إسماعيل هنية عام 2011 عباس إلى حوار وطني شامل للمصالحة، انفراجة في ملف الانقسام حيث وقعت الفصائل الفلسطينية اتفاق المصالحة في القاهرة في مايو من نفس العام .
ترقب وابتسامات!
حالة ترقب عاشها المواطن الفلسطيني وتلك الابتسامات والأحضان ما فتئت وسائل الاعلام تتناقلها وبالأخص أثناء قمة جمعت بين عباس ومشعل واعلانهما بدء "شراكة" فلسطينية جديدة نهاية 2011 .
وتوالت اخفاقات اللقاءات وازدادت حدة الانقسام بين شطري الوطن الى أن وقع عباس ومشعل اتفاقا في العاصمة القطرية الدوحة عام 2012 برعاية أمير قطر الشيخ آنذاك حمد بن خليفة آل ثاني، يقضي بتولي عباس رئاسة حكومة انتقالية تكون مهمتها تسهيل الانتخابات الرئاسية والتشريعية والبدء في إعمار غزة.
وشهد عام 2012 انتعاشًا ملحوظًا في محطات المصالحة حيث تم عقد اتفاق جديد في القاهرة بين فتح وحماس بوساطة مصرية، ينص على بدء المشاورات لتشكيل الحكومة، تزامنا مع عمل لجنة الانتخابات المركزية في قطاع غزة بعد أن سمحت حماس لها بتحديث لوائح الناخبين وفتح مكاتبها في القطاع.
وبعد جولات جديدة من لقاءات المصالحة كشفت النقاب عن خلافات بين الجانبين في ملفات المصالحة فقد الشارع الفلسطيني أمله بتحقيق المصالحة يومًا ما خاصة بعد أن أوقفت حماس عمل لجنة الانتخابات المركزية في القطاع بسبب العراقيل التي وضعتها السلطة وانتهاكات بحق أنصارها في الضفة.
تموز 2012 كان من أكثر المحطات تأثيرًا على سير المصالحة حيث تعطلت عجلتها بعد اعلان السلطة قرارها إجراء انتخابات بلدية محلية وتنديد حماس بذلك لاعتباره تعطيلًا للمصالحة.
في عام 2013 عانت المصالحة عدم انتظام ضربات القلب فالملف الأمني هو عقدتها , وملف الاعتقالات السياسية ما زال يشكل حجر عثرة يعترض تطبيق الاتفاق، وتزداد حالتها الصحية سوءاً لدى سماعها بأن هناك أطرافاً خارجية تعرقلها، حيث قال هنية:" بدأنا نرى تسللاً خارجياً جديداً لتوقيف تحقيق المصالحة، ونحن نرفض هكذا تدخلات من أي جهة أو قوة" وذلك بعد لقاء القاهرة في بداية العام .
مصالحة ضمنية في أحضان غزة بداية عام 2014 بعد تصريحات لقيادات الحركتين بأن خطة تنفيذ المصالحة جاهزة على أرض الواقع , في حين أن الواقع في الضفة تكبله أصفاد التنسيق الأمني وأنين المعتقلين.