قائمة الموقع

عائلات "الإداريين": غُصة الإضراب وأملٌ بالإفراج

2014-04-29T17:03:39+03:00
خلال تضامن مع الأسرى في سجون الإحتلال (صورة من الأرشيف)
نابلس – الرسالة نت

تضع "أم مصطفى" طعام الغداء على المائدة، ويلتف حولها أبناؤها، محاولين التماسك قدر الإمكان أمام والدتهم، فيما تبادلهم هي ذات المحاولة، لكن دموعها وغصة قلبها المحترق على زوجها المضرب عن الطعام تُفشل محاولة إظهار الجلَد أكثر من ذلك.

وبصوت تخنقه غصة تنتقل لمن يسمعها مع نبرات صوتها المترنحة أمام عظم الموقف، تقول أم مصطفى، زوجة النائب عن حركة حماس برام الله عبد الجابر فقهاء لـ"الرسالة نت": "زرت زوجي في سجنه يوم الأربعاء الماضي، قبل يوم واحد من شروعه بالإضراب مع باقي الأسرى الإداريين، حينها أوصاني بأن أكون متماسكة قدر الإمكان وألا أحزن أو أتأثر لأي خبر قد يصلني عنه خلال الإضراب".

تضيف "هو يدرك شدة تأثري بألمه وجوعه وفراقه، لذلك قال لي: "إذا شاهدتيني بالمستشفى فلا تقلقي".

تصمت بضع دقائق لتستجمع بعض قواها لمواصلة الحديث، وتضيف: "الحمدلله، هذا قدرنا وراضون به، أستمد صبري من زوجي، فهمه وإراداته لا يحدها شيء، من حقنا أن نعيش كزوجين وكأسرة، لكن مرارة الأسر التي ازدادت مع الإضراب أفقدتنا كثيرا من معاني الحياة".

وأعلن الأسرى الإداريون في سجون الإحتلال بِدْأهم إضرابًا مفتوحًا عن الطعام في الرابع والعشرين من نيسان الجاري، للمطالبة بإنهاء سياسة الاعتقال الإداري تحت شعار "ثورة حرية وإرادة حياة".

ومع انسدال الليل، يكون لأم مصطفى حكاية أخرى من الألم، تقول: "لا أعرف النوم منذ أن بدأ الأسرى بالإضراب، وعند صلاة الفجر، أتخيل زوجي وهو لا يقوى على القيام من فراشه للصلاة، أخشى أن يخرج إلي شهيدا إذا طال إضرابهم..".

تتابع: "لقد زوجت اثنين من أبنائي ووالدهم بالأسر، كانت تجربة صعبة للغاية، لكن ما نمر به الآن عقب الإضراب تعد أصعب فترة أعيشها بحياتي".

وأمضى النائب فقهاء أكثر من 58 شهرا في الاعتقال الإداري بسجون الاحتلال، كان آخرها اعتقاله بتاريخ 4/6/2013.

ووجهت زوجة فقهاء رسالة للسلطة قالت فيها :"أتمنى أن تكون المصالحة هذه المرة أمرًا حقيقيًا ويطبق على أرض الواقع، وأن تكف السلطة عن ملاحقة أبنائنا ورفع التقارير ضدهم للاحتلال الإسرائيلي لاعتقالهم".

ولزوجها تقول :"أنا كزوجة أسير، أدعم الأسرى بإضرابهم، وبكل خطوة يتخذونها، ورغم قسوة ومرارة الإضراب، إلا أنه السبيل الوحيد لمواجهة الاحتلال وسياساته ضدهم".

قلق وحيرة..

ومع انقطاع سبل الاتصال والتواصل مع الأسرى الإداريين في سجون الاحتلال، تعيش عائلات الكثيرين منهم أجواء قلق وترقب، في ظل عدم معرفتها بخوض أبنائهم الإضراب أم لا.

عائلة عميد الأسرى الإداريين، سامر البرق (40 عاما)، تجهل وضعه الصحي وما إن كان من بين المضربين عن الطعام، في ظل انقطاع الاتصال به منذ نحو شهرين.

ويقول والد سامر لـ"الرسالة نت": "لا نعلم إن كان سامر مضربا أم لا، نعيش حالة قلق دائم على وضعه وصحته، ولم نتمكن من زيارته أو الاتصال به منذ شهرين".

ولفت البرق إلى أن سلطات الاحتلال قدمت لائحة اتهام جديدة بحق ابنهم منذ نحو شهر، في محاولة منها للتنصل من كونه أقدم الأسرى الإداريين ووجهت له تهما جديدا لإصدار حكم بحقه.

ويقضي البرق في الاعتقال الإداري منذ تاريخ 11/7/2010، بعد أن كان معتقلا في باكستان ومن ثم في الأردن بتهمة انتمائه للقاعدة والتيار السلفي، وبعدها تم تسليمه لسلطات الاحتلال (الإسرائيلي) في ذلك التاريخ.

أما عائلة الأسير عدنان الحصري (51 عاما) من طولكرم، والذي أمضى خمس سنوات متفرقة بالاعتقال الإداري، فلم تكن أفضل حالا، فهي الأخرى تجهل مصير ابنها مع مرور عدة أيام على إضراب الأسرى الإداريين.

تقول زوجة الحصري لـ"الرسالة نت": "لا نعلم أي شيء عن زوجي، فأخباره منقطعة عنا تماما، ونحن قلقون عليه، لا سيما أنه يعاني من آلام في ظهره بسبب الديسك".

أوضاع نفسية سيئة..

لا يكاد قلب أم الأسير الصحفي محمد منى يتوقف لحظة عن الدعاء له، وهي تعلم أن ابنها الآن يتضور جوعا في قسم الخيام في سجن النقب منذ أربعة أيام، عدا عن إصابته بمرض ضغط الدم.

وبحال لا يختلف عن باقي أمهات الأسرى تصف أم محمد حال عائلته في غيابه: "أصعب موقف أعايشه كل يوم هو عندما يأتي ابن محمد يشير لصورة والده ويقول بلغته الطفولية "بابا حبيبي.. اجا بابا"، تلك اللحظة لا أتمالك بها نفسي، تنهمر دموعي، ويعتصر قلبي ألما عليه".

واعتقل منى ما يقرب من خمس سنوات في سجون الاحتلال، معظمها بالاعتقال الإداري، كان الأخير بتاريخ 7/8/2013، فيما اعتقل خمس مرات في سجون السلطة، التي أصدرت عليه حكما غيابيا مؤخرا وهو لا يزال في سجون الاحتلال.

وتشير والدة منى إلى أن ضابطا (إسرائيليا) كان قد هدد محمد بأن ينغص عليه كل مناسبة سعيدة يمر بها، فاعتقل بعد زفافه بنحو شهر، وبعد أن رزق بطفله اعتقل لمدة أسبوعين، كما اعتقل في ليلة العيد.

وناشدت عائلات الأسرى عبر "الرسالة نت" أبناء الشعب الفلسطيني ووسائل الإعلام الفلسطينية والعربية، وكل المسئولين وقيادات الفصائل بالعمل الجاد والقوي والتحرك لنصرة الأسرى الإداريين، لتقصير عمر إضرابهم، وإنهاء معاناتهم.

اخبار ذات صلة