حدّق الدكتور رياض الأسطل بالحضور، ثم أطرق بأنامله على المايكروفون، وقال " الجاني واحد وجرمه بحجمه، ولا تزر وازرة وزرَ أخرى".
ألقى الأسطل كلماته خلال حشد من كبار الإعلاميين الفلسطينيين، حضروا بدعوة من الباحث وسام عفيفة لحضور مناقشة رسالة الماجستير بجامعة الأزهر في غزة.
رسالة عفيفة كانت تتحدث عن "الخطاب السياسي الأردني اتجاه القضية الفلسطينية في ضوء اتفاق وادي عربة عام 1994". وكان أحد المناقشين الدكتور ناجي شراب، الذي أثار غريزة الحديث عند الأسطل، ليستغل الأخير الحضور وتعلن كلماته مصالحة مجتمعية في دقيقتين.
وكان قد أقدم أحد أفراد عائلة شراب على جريمة قتل بحق الصرّاف الحاج فضل الأسطل، الذي عُثر على جثته مقتولًا جنوب القطاع، بعد اختفاء آثاره ظهر الأربعاء 23 أبريل/ نيسان.
أدار الدكتور الأسطل ظهره للحياة القبلية الجاهلية، التي تتخذ من القول " إذا جنى أحدهم جنى الجميع، وإذا ولي أحدهم اشرأبت عائلتهم كلها عنقًا" شعارًا لها، ثم أردف بحديثه " الجاني واحد، ونحن لسنا من الطائفة التي يمكن أن تتأثر بحياة قبلية مضى عليها قرون (..) مجتمعنا ما زال واعيًا وفيه متسع للجميع وقلوب تستوعب الجميع".
وأكد الأسطل على اعتزاز عائلته بعائلة شراب، مادحًا أصل العائلة الأخيرة، قائلًا "هي من أنبل العائلات الفلسطينية، وعلى الرأس وفي العين (..) ولا نأخذ أحدًا منهم بجريمة مجرم، فجريمته بحجمه وعلى قدره، وحين صغر صغر بنفسه ولم يصغّر غيره على الإطلاق".
مع كلماته الموزونة التي أدهشت الجميع، أصرّ إلا أن يقبّل زميله الدكتور ناجي شراب، فوقف على قدميه وقال بنبرة حاسمة "أنا الآن أمامكم سأقبل الدكتور ناجي"، حتى إنهال الجميع بالتصفيق بحرارة للمشهد الحميمي الذي جمع الاثنين على منصّة علمية.
الحضور مندهشون.. ومعظمهم وقفوا للمشهد بعفوية، وبعد القبل الحميمية نظر الدكتور الأسطل للحاضرين والذي كان من بينهم المستشار السابق لرئيس الوزراء الفلسطيني بغزة إسماعيل هنية، الدكتور أحمد يوسف، ثم قال "أتمنى مع وجود الدكتور يوسف أن تكون القبل السياسية على نفس القبل الإجتماعية التي رأيتم، ومجتمعنا الفلسطيني واحد، ونحن نحب بعضنا، وأتمنى ممن يحكمونا أن يحبوا بعضهم كما نحن".
أنهى الأسطل حديثه بالقول " لا يؤثر علينا السلب بقدر ما يؤثر علينا الإيجاب، علينا جميعًا النظر إلى نصف الكوب الممتلئ، وليس إلى نصفه الفارغ (..) هذه النظرة التي تربطنا مع بعضنا اجتماعيًا يجب أن تربط فصائلنا الفلسطينية، ويسعوا للجمع والبناء والنظرة إلى المستقبل، وليس للخلف".
الدكتور شراب بدوره، أثنى على ما تحدث به الأسطل، مؤكدا أن ما حدث هو شيء عرضي لا يمكن أن يؤثر على علاقات الصداقة والأخوة بين الجميع.
وأدانت عائلة شراب في الوطن والشتات، جريمة قتل الصرّاف الأسطل، مؤكدةً في بيان سابق لها متانة علاقتها مع عائلة الأسطل والتي فيها حق المصاهرة والصداقة والأخوة والجيرة، ومعلنةً تبرأها الكامل من الفعل الإجرامي ومن الأشخاص الذين نفذوا جريمة القتل.
وطالبت عائلة شراب من الجهات المختصة التي تمكنت من إلقاء القبض على القتلة، بالتعجيل في القصاص وتنفيذ شرع الله في القاتل درءًا للفتنة.
عدسة / خالد طعيمه