قائمة الموقع

"قوس قزح" .. مجزرة تأبى النسيان

2014-05-18T14:37:07+03:00
(صورة من الأرشيف)
الرسالة نت- لمندونا

لا يزال شادي قفة تتمالكه الأحزان والآلام عندما يعود بالذاكرة إلى ما جرى قبل عقد من الزمن إذ كان أحد المسعفين المسؤولين عن استقبال الشهداء والجرحى في مستشفى رفح جنوب قطاع غزة.

كان "قُفّة"  يعمل في المشفى رغم أن منزله عائلته محاصر في حي تلك السلطان غرب المدينة وظل صامدًا يؤدي عمله وكل أمله أن ينقذ حياة عشرات الجرحى اللذين يصلون المشفى.

واختفت آثار الدمار والخراب في حي تل السلطان غرب رفح التي خلفتها آلة الحرب "الإسرائيلية" في الحي المكتظ بالسكان،  لكن عمليات القتل والتدمير لا تزال عالقة في أذهان الكثيرين وبينهم قفة.

وفي مثل هذا اليوم من العام 2004، كان حي تل السلطان على موعد مع واحدة من أبشع المجازر التي ارتكبها جيش الاحتلال خلال انتفاضة الأقصى والمعروفة باسم "قوس قزح"، وسقط خلالها 63 شهيدًا معظمهم من الأطفال وكبار السن.

ولعل الذكريات المؤلمة ولحظات الرعب والموت التي عاشها الأهالي لا تفارقهم، خصوصا وهم يستقبلون الذكرى العاشرة لهذه المجزرة التي تضاف لسلسة المجازر الصهيونية التي نفذت في المدينة المطلة على الحدود المصرية.

ويستذكر قفة لحظة استقبال شقيقه هاني المقاتل في كتائب القسام بقوله: "في ذلك اليوم استقبلت عشرة شهداء وأكثر من مئة جريح .. كان يومًا قاسيًا في حياتي إذ استلمت جثة مقاتل ولم أتخيل أنه أخي".

ويضيف موضحًا "بحمد الله لم تكن جراح هاني قد شوهت وجهه أو جسده عرفته منذ اللحظة الأولى حاولت تمالك نفسي .. كانت لحظات موجعة بكل معنى الكلمة".

ويعمل شادي كمسعف في مستشفى أبو يوسف النجار شرق رفح منذ العام 2000.

ويشير إلى أن أيام العدوان على الحي مرت عليه كسنوات طويله خصوصًا في ظل إغلاق الحي بالكامل وقتل من يحاول الدخول أو الخروج منه. 

ومع تباشير صباح الثامن عشر من أيار (مايو) 2004، كان الجيش "الإسرائيلي" قد فرض حصارًا محكمًا على حي تل السلطان، الذي كان يحده من الغرب مستوطنة "رفيح يام"، ومن الشمال مستوطنة "عتصمونا"، ومن الجنوب مستوطنة "اسلاو" وموقع تل زعرب.

وآنذاك، فرض الجيش حظر التجوال على أهالي الحي والأحياء المجاورة له، وطلب الجنود من المواطنين من سن 15 – 50 عامًا مغادرة منازلهم والتوجه إلى إحدى المدارس بالحي.

ويقول وائل بديع من حي تل السلطان عن بداية المجزرة: "كنت أقف مع والدتي وأختي وزوجتي على شرفة شقتي التي تطل على مسجد بلال الذي تعرض للقصف من طائرات الاحتلال قبل رفع آذان الفجر بساعة واحدة".

ويضيف بديع: لقد خرج معظم سكان الحي من منازلهم يهرولون اتجاه المسجد، الذي احتضن جاثمين أول أربعة شهداء سقطوا في هذه المجزرة البشعة".

ويتابع: "بعد قصف المسجد، شاهدت طائرة عمودية تطلق صاروخا وسمعت صوت انفجار شديد لم أستطع تحديد مكانه، بعد ذلك تزايدت حركة الطائرات في سماء المدينة، واقتحمت الدبابات والآليات الإسرائيلية شوارع الحي، وكانت تطلق النار بشكل عشوائي وفي كل مكان.

ويقول أحمد نمر من نفس الحي: "إنه بعدما سمع النداء أيقن أن هناك مجزرة جديدة، مثل التي رواها له جدة في بلدته (بربرة) خلال نكبة فلسطين عام 48"، مستذكراً وحشية الجنود عندما اقتحموا منزله خلال الاجتياح بحجة التفتيش والبحث عن مطلوبين.

ويوضح "كانت صورة مصغرة للمجازر التي سمعت عنها من عصابات الهاجاناه الصهيونية بحق الآلاف من الفلسطينيين عام 1948".

وقالت والدة أحمد "الكل كان مستهدف خلال هذا الاجتياح.. الأطفال، الكبار، النساء، الشباب"، لدرجة أن جنود الاحتلال أقدموا على تكبيل أحمد تحت تهديد السلاح واقتادوه إلى معسكرات الاعتقال التي كانت تضم العديد من أبناء الحي".

وأخلت "إسرائيل" مستوطنات قطاع غزة منتصف أيلول/ سبتمبر 2005، لكنها أبقت على سيطرتها على حدود القطاع الساحلي الذي يقطنه 1.8 مليون إنسان، فارضة عليهم حصارًا مشددا منذ ثمانية أعوام تقريبا. 

وكان جيش الاحتلال قد استمر في حصار حي تل السلطان لأكثر من ستة أيام، وأقدم على هدم عشرات المنازل، ودمرت معظم الطرق الرئيسة فيه، وحولت الأراضي الزراعية المحيطة به إلى مواقع عسكرية.

وآنذاك، تعرضت معظم منازل سكان الحي إلى عمليات دهم وتفتيش، وتم اعتقال المئات من المواطنين واقتيادهم إلى معسكرات أقيمت في موقع زعرب العسكري على الحدود الفلسطينية المصرية.

ومع تزايد الحصار لهذا الحي الذي يبعد عن الشريط الحدودي الفاصل بين الأراضي الفلسطينية المصرية بنحو 1500 متر، نظّم أهالي المدينة الحدودية مسيرة سلمية انطلقت من ميدان العودة وسط مدينة رفح، باتجاه الحي المذكور.

وعندما وصلت المسيرة التي شارك فيها مئات المواطنين العزل إلى دوار زعرب، قصفت طائرات ودبابات الاحتلال تلك المسيرة، ما أدى إلى استشهاد 8 مواطنين بينهم خمسة أطفال.

وبعد انسحاب قوات الاحتلال شيع مئات الآلاف في المدينة الحدودية جاثمين حوالي 40 شهيدًا دفعة واحدة إلى مقبرة الشهداء شرق المدينة.

 

اخبار ذات صلة