ما زالت التحديات تعتري المشهد الفلسطيني بعد ستة وستين عامًا على النكبة، وما زالت المؤامرات تطارده عربيًا قبل أن يكون غربيا.
المفكر العربي محمد سيف الدولة -مستشار الرئيس المصري المختطف محمد مرسي-، شنَّ انتقادًا لاذعًا على الموقف العربي الرسمي إزاء القضية الفلسطينية التي تعرضت لأكبر تهديد بفعل سياسات النظام العربي القائمة على الاعتراف بإسرائيل وحماية مصالحها بالمنطقة, مؤكدا أن العرب لن يقدّموا أي دعم سياسي للمصالحة إلّا إن كانت قائمة على اتفاق أوسلو.
موقف متآمر
وقال سيف الدولة في حديث خاص بـ"الرسالة"، إن القضية الفلسطينية ذُبحت على مسلخ النظام العربي الرسمي الذي أقر بأراضي الدولة العربية للاحتلال.
وأضاف أن هذا الاعتراف أعطى مشروعية للاحتلال إزاء حقه في فلسطين والهيكل المزعوم،
وشكل غطاءً على اعتداءات المحتل على الأراضي الفلسطينية تاريخيًا والمستمر لهذه اللحظة.
ونوّه سيف الدولة إلى خطورة استمرار السلطة الفلسطينية في نهجها التفاوضي مع (إسرائيل)، داعيًا إياها إلى التطهر من اتفاق أوسلو الذي أقر بحق (إسرائيل) في الوجود ونبذ المقاومة ضد الاحتلال.
وحذر السلطة ورئيسها محمود عباس إن استمروا بهذا الطريق، فإن هذا من شأنه أن يُفقد القضية الفلسطينية مناصريها على مستوى الشعوب والحركات الشعبية العربية.
وأكدّ أن أكبر جريمة ارُتكبت بحق القضية الفلسطينية عندما أعلنت الجامعة العربية أن منظمة التحرير هي الممثل الوحيد للفلسطينيين؛ "لأنه منذ ذلك الوقت تُرك الفلسطينيون وحدهم يصارعون المحتل وتخلى العرب استراتيجيًا عن مشروعهم".
وتابع سيف الدولة أن النُّظم العربية التي وصفها بـ"المستبدة"، لن تشكل أي غطاء لعملية المقاومة؛ لأنها لا ترغب لفلسطين أن تتحرر، معتقدًا أن خوف هذه الأنظمة كان السبب الحقيقي لتثبيت الاحتلال على الأرض الفلسطينية.
ورأى أن النظام المصري المقبل سوف يلتزم باستحقاقات عملية التسوية الموقعة معه، لن يختلف حاله عن واقع النظام العربي الرسمي.
ونُقل عن أكاديميين وسياسيين أجانب قولهم، إنهم باتوا مقتنعين بالرواية "(الإسرائيلية) بشأن الصراع في المنطقة على اعتبار" أنه لا يوجد شعب تخلّى عن حقوقه في التاريخ أو قَبِلت قيادته أن تفعل ذلك!".
وفي سياق متصل، فإن سيف الدولة أكدّ أن العزلة التي تعرضت لها حركة حماس هي نتيجة تمسكها بالمقاومة؛ معتبرًا أن ثمن خروجها من هذه العزلة هو التخلي عن مبادئها، على غرار موقفي منظمة التحرير والسادات.
واستطرد، رصيد حماس والمقاومة الفلسطينية يكمن في مقاومتها، وأي تخلٍ عن هذا البرنامج سيفقدها التعاطف العربي والإسلامي.
العرب والمصالحة
وفي غضون ذلك، أكدّ سيف الدولة أن العرب لن يُقدّموا أي دعم سياسي للمصالحة إلّا إذا كانت قائمة على اتفاق أوسلو.
ورأى أن النظام العربي سيدعم المصالحة عبر وسائل الإعلام ولكنه خلف الكواليس سوف يسعى إلى إفشالها.
وقد نجحت حركتا حماس وفتح بالتوصل إلى اتفاق يقضي بإنهاء حالة الانقسام بينهما؛ وسط ترحيب عربي خجول إزاء هذا الاتفاق برأي مراقبين.
وحذر سيف الدولة من أن تكون المصالحة نتيجة لحالة الضغط الراهنة، داعيًا الفصائل إلى ضرورة تحويل "الخطوة التكتيكة" إلى حالة دائمة.
ونادى بضرورة العمل على ما وصفه "إعادة" تأسيس الثوابت الفلسطينية وتشكيل حركة وطنية سياسية فلسطينية قائمة على الاحتفاظ بالثوابت الفلسطينية.
واقترح ضم القوى التي رفضت اتفاق أوسلو ضمن مظلة وطنية موحدة، والمُضي قدمًا في طريق إعادة الاعتبار للقضية الفلسطينية.
وطالب سيف الدولة الفلسطينيين بضرورة الاستمرار في مخاطبة الشعوب وتوضيح الحقائق التاريخية لمعركتهم مع الاحتلال.