يتكئ الحاج أبو محمد على الكثبان الصفراء, يوزع شرائح البطيخ على أحفاده الصغار الذين التفوا حوله, ليرووا عطشهم بعد جولة لهوٍ بجوار جدهم, تصبب العرق خلالها على جباههم الناعمة.
أبو محمد السطري جاء من وسط مدينة رفح جنوب قطاع غزة, ليجلس على هذه الكثبان الرملية "السوافي" غرب المحافظة, ويتنسم الهواء المنعش, بعيدًا عن صخب المدينة وجوها الحار.
وبعد أن انفض الأحفاد من المكان تحدث الرجل الستيني لـ"الرسالة نت" قائلًا:" رأيت أن أجلس في هذا المكان الهادئ والجميل, بما أن شاطئ البحر مليء بالمواطنين".
ويضيف: "أغلب من يتواجد في هذا المكان عائلات كاملة وليس أفرادًا, الأمر الذي يتيح للجميع أخذ راحته في التمتع بلحظات جميلة برفقة عائلته ".
منطقة آمنة
وتقع هذه المنطقة المعروفة بـ"السوافي" بالقرب من الحي السعودي المقام غرب محافظة رفح جنوب قطاع غزة, وتكونت بفعل تجميع الرمال خلال عملية بناء الحي السعودي, الذي تحوًل بسبب تردد المواطنين بشكل مستمر أشبه ما يكون بـ "متنزه عفوًي".
أما الحاجة أم فؤاد حسن والتي استظلت بإحدى الأشجار الحرجية المنتشرة في محيط المكان, تقول لـ"الرسالة نت": "أنا برتاح بالمكان هاد أكثر من البحر, لأنه مكان هادئ كتير".
وتضيف الحاجة السبعينية وهي تتابع لعب أحفادها حولها: "في هالمكان ما في خوف على الأطفال مثل البحر, يعني ما في خوف من الغرق أو الفقدان بسبب الزحمة".
ألعابٌ للأطفال
عشرات الأطفال تجمعوا حول الشاب لؤي يونس (22 عامًا) الذي وجد في هذا المكان مصدرًا للرزق, جاء بـ "مرجيحة" صغيرة تدور بالأطفال لدقائق معدودة مقابل شيكل واحد فقط.
يقول يونس لـ"الرسالة نت": "لاحظت انه في أعداد كبيرة من الأطفال بتحضر للمكان برفقة أهلها, فقررت أني أجهز مرجيحة في المكان، حتى أترزق", موضحًا أنه حاصل على درجة الدبلوم في إحدى التخصصات المهنية .
ويضيف يونس: "خلال الفترة الماضية زادت الألعاب هنا, نظرًا للإقبال الكبير من الناس في ظل إنقطاع التيار الكهربائي وارتفاع درجات الحرارة".
بسطات للمأكولات
بجوار " مرجيحة" لؤي, جلس أبو خالد يقلًب أكواز الذرة المشويًة على أعواد الحطب التي أوقدها, ليطمئن على جودة بضاعته المرغوبة لدى جمهور المكان صغارًا وكبارًا .
ويقول أبو خالد: "أنا بشتغل في شوي الذرة منذ سنوات على شاطئ بحر رفح, وهذا العام انتقلت للعمل في هذا المكان, لعدم وجود منافسين كما هو موجود على البحر".
ويضيف أبو خالد -الذي يعيل أسرة مكونة من 8 أفراد، "هذا مصدر رزقي الوحيد, فأعمل جاهدًا على التفاني فيه, من أجل بيع أكبر قدر منه لأستطيع الصرف على أبنائي".
المصطافين هنا لا يتغلبون في تناول المسليّات خلال فترة جلوسهم, حيث يتواجد عدد من البائعين الذين تنوعوا في بضائعهم التي يقدمونها للمواطنين .
مطالب المصطافين
عشرات المواطنين يأتون من شتى مناطق محافظة رفح, هربًا من الانقطاع المتكرر للتيار الكهربائي, وفي ظل إرتفاع درجات الحرارة خاصةً في فصل الصيف, ومع حلول الإجازة الصيفية للطلاب .
فيما تعددت مطالب المواطنين الذين التقى بهم مراسل "الرسالة نت" خلال جولته في المكان, تمثلت في إيجاد دورات مياه, نظرًا لوجود أطفال بحاجة لدخولها في أوقات متقاربة, فيما طالب البعض في توسيع المكان ليتسع لأكبر عدد ممكن من المواطنين .
ويبلغ سكان محافظة رفح ما يقرب من 231.000 مواطن وفق إحصائية وزارة الداخلية بغزة, فيما تفتقر المدينة للمتنزهات, عدا عن بعض الأماكن الترفيهية التي لا تتوفر بها عناصر الرفاهية والجذب للمواطنين .