غزة _ رائد أبو جراد
لم يرفض طلباً للصحفيين وكان يعاملهم بكل لطف واحترام، وكان صاحب نظرة كبيرة في أهمية الدور الإعلامي الذي كان يأتي في بعض الأحيان على حساب صحته، وكان الصحفيون يسعدون بلقائه.
وأجمع عدد من الصحفيين في قطاع غزة على أن الإمام أحمد ياسين كان يعاملهم بشكل ودي، وأنه كان متعاوناً معهم بشكل كبير، مستذكرين في أحاديث منفصلة مع "الرسالة" مواقفهم عبر المقابلات التي أجروها مع شيخ الانتفاضتين.
يلطف الأجواء
الصحفي عماد الإفرنجي رئيس منتدى الإعلاميين أكد أن الشيخ الياسين لم يكن يرفض طلباً لأي صحفي وأنه كان يعاملهم بلطف ورقة واحترام شديد، موضحاً أنه كان صاحب نظرة ثاقبة في أهمية ودور الإعلاميين وأن ذلك كان يحدث أحياناً على حساب صحته.
ويوافقه الرأي الكاتب الصحفي مصطفي الصواف قائلاً أن الشيخ أحمد ياسين كان أكثر قيادات حركة حماس تعاملاً بشكل يدفع للحب للصحفيين وكان يلطف الأجواء وحريصاً على أن يعطي ما لديه من معلومات، مبيناً أنه كان يظهر احتراماً كبيراً لكافة الصحفيين بمن فيهم الأجانب.
أما الصحفي زكريا التلمس فأشار إلى أن تعامل الشيخ ياسين مع الصحفيين كان تعاملاً وديا، وكان بيته مفتوحا باستمرار أمام كل الصحفيين والذين خسروا خسارة عظيمة باستشهاده.
ويؤكد الصحفي محمد ياسين الذي كان يعمل في مكتب الجيل للصحافة أن الشيخ ياسين كان متعاوناً مع الصحفيين وأنه كان يستقبلهم دائماً رغم مرضه وإعاقته.
وتابع الصحفي الإفرنجي لـ"الرسالة" :" كان عادة يمازح الصحفيين خلال عملهم، نتحدث هنا عن رجل لا يستطيع القيام بوظائفه الطبيعية ويعاني من عدة أمراض ورغم ذلك حرك أمة في الواقع الفلسطيني والعربي والإسلامي، وتمكن من تأسيس حركة لا يستطيع تجاوزها أحد".
وأوضح أنه كان ينتقي كلماته بذكاء كبير، ويروي أحد المواقف خلال إحدى المقابلات معه، وقال: وجدته مستلقياً على سرير المرض وكان يقضي وقته في قراءة الكتب رغم مرضه وتعبه وكان مرافقه يساعده في تقليب الصفحات.
ويؤكد الصحفي الصواف أن تعامل الشيخ ياسين بود ومحبة وتعاون مع كافة الصحفيين يدل على الفهم العميق لديه بأهمية الإعلام والدور الكبير الذي يلعبه.
ويضيف:" في بعض الأحيان كان المرض يشتد عليه ورغم شدة المرض كان عليه يلتزم بموعده ويجري المقابلة لأنه أعطى وعداً بها(..) طالما كان يعطي موعداً كان يلتزم به التزاماً دقيقاً وهذه كانت صفة واضحة ومعروفة في الشيخ رحمه الله".
وضوح وصراحة
ويشير الصحفي ياسين إلى أن الشيخ الياسين كان كثيراً ما يمازح الصحفيين ويخفف عنهم بروح الفكاهة والدعابة وأنه كان يجيب عن الأسئلة بكل وضوح وصراحة، مبيناً أنه كان يحرص كثيراً على العلاقات الشخصية مع الصحفيين ويسأل عن أحوالهم وأمور حياتهم.
ويضيف : في إحدى المقابلات سألني في بداية حديثي معه مازحاً: هل أنت شقيقي وذلك بسبب تطابق اسمي مع اسمه.
وأوضح الصحفي الإفرنجي أن الشيخ أحمد ياسين كان بحراً ومعجماً لغوياً فلسطينياً متحركاً في التاريخ والثقافة، مشيراً إلى أنه كان يوصل ما يريد بأقل الكلمات والأوقات وأن الصحفيين كانوا يستمدون منه العزيمة والقوة والاعتماد على الذات والنفس.
وأضاف:" الشيخ ياسين استطاع أن يحيى أمة ويقيم حركة عظيمة ويعجز هذا الرجل المشلول كياناً إسرائيلياً يعتبر نفسه الأقوى (..) كنا نستمد منه عزيمةً وصبراً ونقرأ فيه تاريخ فلسطين".
وتابع الصواف: "عندما كان كل صحفي يشاهد الشيخ الياسين سواء في مستواه القيادي ووضعه الصحي وهو يتعاطى بهذه الروح من الدعابة يتعلم منه أشياء كثيرة كالصبر وحب الناس، وكان الشيخ رحمه الله مدرسة في الأخلاق والعلم والثقافة".
وشدد على أن الإمام ياسين كان أحد رموز الشعب الفلسطيني وأن محبته في نفوس الناس زادت نتيجة للإصرار وقوة الشخصية الذي يتمتع بها، مبيناً أن علاقته كان طيبة مع كافة أفراد المجتمع.
وأكد الصحفي ياسين أن علاقة الصحفيين مع الشيخ الياسين لم تقتصر على العمل الإعلامي فحسب بل حصلوا على علاقة أكبر وكان الشيخ يبادلهم نفس العلاقة ويشاركهم ويبادلهم التهاني في المناسبات.
وأضاف للرسالة: كنا نقدره وما زلنا رغم ما كان يعانيه، كان صبوراً جلداً مؤمناً لأبعد الحدود بفكرته يسعى لنشر فكرته بكل ما يستطيع وكنا نلمس منه ذلك، ورغم مرضه وتعبه كان يتنقل عبر الأماكن ويلتقي بالصحفيين وكان حريص على إعلاء الصوت الإعلامي لحركة حماس في كل المهرجانات".
يسعدون كثيراً
وأوضح الإفرنجي أنهم كصحفيين كانوا يسعدون كثيراً بلقاء الشيخ الياسين، مستطرداً:" كنا نوده ونقدره خلال المقابلات ومن خلال الأحاديث الجانبية وكان يضع الصحفي في صورة ما يريد ولم تكن الابتسامات تفارق وجهه خلال حديثنا ولقائنا معه".
وعن لحظات استشهاد شيخ فلسطين قال:" نحن كصحفيين أكثر من بكينا الشيخ أحمد ياسين وكانت لحظات استشهاده صدمة صعبة علينا".
ويضيف الصواف:"الإعلام دائماً في تطور مستمر ووفاة الشيخ ليست بعيدة عن هذا التطور وهو ماض بمراحل مستمرة ومتواصلة، وكان الشيخ من أكثر قيادات حماس فهماً لمتطلبات العمل الإعلامي".
وفي معرض حديثه عن كيفية تلقيه نبأ استشهاد شيخ الانتفاضتين قال ياسين:"لم يكن مكان سكني بعيداً عن مكان استهداف الشيخ ياسين وحين سمعت نبأ استشهاده هرعت إلى الشارع للتأكد من ذلك وكان الخبر بالفعل صادقاً وبدأت مسيرتي الصعبة في ذلك اليوم بتغطية الفعاليات الصحفية المتعددة التي واكبت اغتيال الياسين".
واستطرد قائلاً:" لم تمر علي فترة من الضغط في العمل الصحفي والعدد الهائل من الأخبار والأحداث والفعاليات العالمية والعربية والتقارير والتحقيقات كما مرت على فترة استشهاد الشيخ أحمد ياسين".