قائمة الموقع

"المبادرة المصرية" محاولة لإجهاض مقاومة غزة

2014-07-15T13:19:47+03:00
عرض القسام في غزة (أرشيف)
غزة- شيماء مرزوق

مؤامرة وليست مبادرة تلك التي خطتها أنامل الشقيقة مصر لوقف اطلاق النار في غزة، بالتعاون والتشاور مع الاحتلال الإسرائيلي والولايات المتحدة الامريكية الى جانب السلطة الفلسطينية، التي لا يقل دورها خطورة عن دور الاحتلال، في كل ما يجري على أرض قطاع غزة بدءا من الحصار وحتى العدوان الحالي.

المبادرة التي صيغت وشكّلت وخرجت إلى الإعلام مع تحديد ساعة التنفيذ، دون التشاور بشأنها مع الطرف المعني بالدرجة الاولى وهي المقاومة، جاءت كمحاولة أخيرة لإنقاذ الاحتلال من المأزق الذي يعيشه، ولإجهاض فرحة المقاومة بما حققته، كي تخرج من الحرب بلا انجازات تذكر.

"نكتة" هو الوصف المناسب الذي وجدته المقاومة، على رأسها حركة حماس، للتعليق على المبادرة التي تطالبها بإلقاء السلاح, فموقف حماس والجهاد كان واضحا من المبادرة، وهو انها ماضية في مشروعها المقاوم ودفاعها عن ابناء شعبها أمام عدوان الاحتلال، وأن هدف من صاغها، مساعدة (إسرائيل) وحشر الفلسطينيين في الزاوية.

بقلم الفريق المهزوم

اللافت في الامر ان من صاغ المبادرة، هم فريق التسوية والمفاوضات العربي، الذي اعتاد الهزيمة والاذلال امام الاحتلال الإسرائيلي، وبقي لعقود يهول من قدراته ويصوره امام الشعوب العربية كغول كبير لا يمكن لاحد هزيمته؛ من أجل تبرير سياسة الاستسلام التي يتبعها.

أما وقد هزم هذا الغول امام المقاومة الفلسطينية بما تملكه من امكانيات بسيطة وصمود اسطوري، فجاءت مساعي هذا الفريق لإخراج المقاومة من هذه الحرب بلا انجازات، بل وتحميلها مسؤولية الدماء التي سالت، على اعتبار انها خاضت مغامرة غير محسوبة، وحربا عبثية لم تخرج غزة منها بأي فائدة.

المؤامرة تتعدى ما سبق، فهي تبحث ايجاد صيغة أشمل وأوسع للوضع في قطاع غزة، وجعله منطقة منزوعة السلاح مقابل رفع الحصار, وربط التسهيلات على معبر رفح بالوضع الامني على الارض، في مطلب واضح انه عربي اكثر ما هو إسرائيلي, في ظل من يحكم مصر حاليا.

المحلل السياسي عزمي بشارة وصف المبادرة بالطعنة في ظهر المقاومة وأهل غزة، قائلا: "هذا الإعلان المسمى مبادرة جاء لمنع المقاومة من تحقيق أي إنجاز سياسي، وسيكون نتيجته تحميل المسؤوليّة للمقاومة، لعدم موافقتها على وقف إطلاق النار, إنها السلطات المصرية نفسها التي تغلق المعابر في وجه الجرحى في زمن الحرب، وهو ما لا يقوم به حتى الأعداء".

وأكد بشارة في مقال له أنه بعد أن أصبح واضحًا أنّ تنفيذ شروط المقاومة ممكنٌ، وأنّه يمكن أن يُفرض على إسرائيل قبول واقع حكومة الوفاق الوطني الفلسطيني، بما في ذلك تحويل الرواتب لموظفي القطاع وفتح المعابر لتسهيل مرور الأشخاص والبضائع، جاء إعلان مصريّ فوقيّ، سمعت عنه المقاومة من الإعلام، وطالب "الطرفين" بوقفٍ لإطلاق النار، وحدّدت ساعة وقفه بصيغة الأمر.

واعتبر أن ما يجري، تخطيط وتشاور بين أنظمةٍ عربيّةٍ تعادي طموحات وآمال شعوبها، لخنق آخر بقعة مقاومة لـ(إسرائيل) في المنطقة.

ورغم تأكيد بشارة خطورة الأمر وضرورة عدم التساهل معه، شدد على أن درجة سفوره وافتضاحه أمام الشعوب العربية والشعب الفلسطيني، تجعل الجميع على يقين أن مثل هذه المآرب لن تمر، بل ستساهم في فضح الأنظمة المتواطئة مع الاحتلال، التي باتت لا تجد حرجا في المجاهرة بذلك.

موافقة متلهفة

موافقة (إسرائيل) المتلهفة على هذه المبادرة سرعان ما انعكست على الارض في غزة، حيث اوقف الاحتلال جلّ الهجمات الجوية والقصف الذي كان يدوي في اجواء القطاع طوال الايام الثمانية الماضية, وهذه الموافقة السريعة جاءت من طرف واحد، أولا لان الاحتلال المأزوم يريد ان ينهي هذه الجولة من التصعيد بأسرع وقت بعد أنت كسرت المقاومة شوكته وهيبته.

وثانياً لأنها تتماشى مع المؤامرة الدولية التي يشارك فيها اطراف عربية وفلسطينية لحشر المقاومة في الزاوية، واظهار انها وحدها المصممة على استمرار الحرب، وبالتالي اطلاق يد الاحتلال لارتكاب المزيد من الجرائم والمجازر ضد سكان غزة بضوء اخضر دولي وعربي.

وقد لوح نتانياهو بذلك صباح اليوم حينما قال "حال رفضت حماس وقف النار فسنرد بعنف وستكون الشرعية الدولية معنا".

تلك التهديدات استوعبتها المقاومة جيدا ولم تلتفت اليها بل كثفت صباح اليوم من قصفها لمدن الاحتلال كرد اولي على المبادرة, مفادها ان من اتفق على المبادرة ووافق عليها فليلتزم بها، وأول المقصودين هنا رئيس السلطة محمود عباس الذي شبهت حماس موافقته بوعد بلفور، فهو اعطاء من لا يملك لمن لا يستحق.

التهديدات الإسرائيلية تأتي بعد ثمانية ايام من التلويح بعملية برية واسعة لم يجرؤ الاحتلال على تنفيذها، بعدما وجد من المقاومة ما لم يتوقع، خاصة في محاولات قواته التسلل عبر البحر، التي تصدت لها المقاومة بقوة لم يتوقعها جعلته يفكر الف مرة قبل الزج بدباباته وجنوده الى ارض غزة التي قالت المقاومة انها تنتظرها بشغف.

الوعي والاتزان اللذان أبدتهما المقاومة خلال الايام الماضية سواء على المستوى السياسي او الاعلامي أو العسكري، يؤكد أنها تدير الان معركة دبلوماسية وسياسية شرسة، وقد تكون اكثر ضراوة من المعركة العسكرية بحكم كثرة الجبهات السياسية المفتوحة والاطراف المتآمرة.

لكن صمود المقاومة ومن خلفها كل سكان غزة يؤكد ان المعركة التي حسمت منذ اليوم الاول لصالح المقاومة لن تنتهي الا بشروطها وبتحقيقها انجازات نوعية, خاصة وأن الاحتلال الذي قد يواجه ضغوطا من اطراف عربية وفلسطينية لرفض شروط المقاومة، سيضطر ان يخضع في النهاية لان ما يعنيه بالدرجة الاولى هو امن مواطنيه وليس تصفية حسابات تلك الاطراف مع غزة.

اخبار ذات صلة