غزة - لميس الهمص-الرسالة نت
لا تمتلك أم باسل، أربعون عاما، إلا أن تدير بنفسها شؤون ولديها المعاقين جراء ضمور وراثي في الأطراف، فأخذت على عاتقها أن تتحمل تربية أطفالها الذين حرموا من الحياة السوية فعاشوا معاقين، وتقول: حرمت نفسي من الخروج من المنزل فأنا لا استطيع التنقل بأبنائي المعاقين كما أنني افتقد لدور المؤسسات في مساعدتي على المعاناة التي أتكبدها يوميا.
هذه الأم وطنت نفسها أن تكون بين أبنائها تلبسهم وتعلمهم وتداويهم بكل حب وحنان وعطف
وتقع على عاتق الأم بشكل أساس مسئولية كبيرة في رعاية ابنها المعاق والاعتناء بكافة تفاصيل حياته الاجتماعية والنفسية والتأهيلية، كمهمة يومية تضيف على حياتها أعباء جديدة.
الأعلى في العالم
ويبلغ عدد الأشخاص ذوي الإعاقة في قطاع غزة 35866 ، وهو ما يمثل نسبة 2.5% من إجمالي سكان قطاع غزة، وتشير الإحصائيات أن العدد الأكبر من المعوقين يقطنون في مدينة غزة بنسبة 28.2% ، وتليها خانيونس بنسبة 24.6%.
من جانبها اشتكت صفية أحمد 48 عاما والدة أحد المعاقين وأم لستة أبناء من ضعف الخدمات المقدمة لشريحة المعاقين خصوصا على صعيد الخدمات التعليمية ، لافتة إلى عدم وجود فرص جيدة للتعليم بما يكافئ ما يقدم لجيلهم من الأصحاء فهناك قصور في المدارس والكوادر التدريسية علاوة على أدوات التقييم لهم.
وبينت أن عبء ولدها الذي يعاني من ضمور في الأطراف الأكبر يقع عليها نتيجة لغياب دور الجهات الرسمية، موضحة أن عدد المعاقين في قطاع غزة هو الأكثر في العالم لذلك يتطلب من القائمين من مؤسسات أهلية وحكومية بالاعتناء بهذه الشريحة.
أما أم سليم ثلاثين عاما والتي لديها أبن يعاني من تخلف عقلي ذكرت أن هناك قصور كبير في توعية وتثقيف أهالي المعاقين بكيفية التعامل مع أبنائهم ذوي الاحتياجات الخاصة خصوصا وأن غالبيتهم من العائلات الميسورة ، مشيرة إلى أنها جامعية لذلك تلجأ لتثقيف نفسها لكن العديد من الأمهات ليس لديهن أدنى معرفة بذلك فيكونون فريسة للضياع والإهمال في الأزقة والشوارع.
وطالبت بمؤسسات تقوم بتمكين أمهات (ذوي الاحتياجات الخاصة) من أداء دورهم في خدمة أبنائهم كل حسب إعاقته وقدراته.
معاقو الانتفاضة هم المنسيون، كما يطلقون دائمًا على أنفسهم، فما ينالونه من رعاية ليس كافيًا، خاصة بعد أن وصلت أعدادهم إلى 60 ألفًا؛ 75% منهم أطفال دون الثامنة عشرة، و55% منهم تحت سن الثانية عشرة، و60% من بين الأطفال يعانون من مشكلة بتر أحد الأطراف أو الشلل.
انتهاكات واضحة
وأوضحت دراسة فلسطينية وجود مؤشرات قوية لانتهاكات واضحة بحقوق الطفل المعاق في كافة المجالات التعليمية والصحية والاجتماعية، وكذلك وجود ارتباط بين الفقر والإعاقة.
وبينت الدراسة أن التعليم يأتي في المقام الأول سواء كان في المراحل الابتدائية أو الإعدادية أو الثانوية ويشكل العامل الأكثر حدة و شمولاً و تأثيراً بحقوق الأطفال.
وبين مركز شؤون المرأة والأسرة نتائج الدراسة أن الغالبية من أهالي المعاقين من الطبقة العاملة ذوي الدخل المحدود والتي تنفق نسبة مرتفعة من هذا الدخل في خدمة وتأهيل الطفل المعاق.
وأضافت: "رغم أن 70 % من العينة تلقوا خدمات مختلفة، لكن مازال هناك نقص واضح في الخدمات في المجالات الاجتماعية والمهنية"، مشيرة إلى أن 20 % من المجتمع على دراية بقانون المعاق الفلسطيني.
وأوصت الدراسة بضرورة التركيز على النظام التعليمي وإنشاء مراكز تعليمية مختصة ومؤهلة لخدمات الأطفال المعاقين وإنشاء مراكز تأهيل تتعلق بالنواحي الاجتماعية والمهنية والترفيهية خصوصا في القرى والأماكن البعيدة عن مراكز المدينة.
ودعت الدراسة إلى دعم وتطوير برامج التأهيل العاملة في المحافظة والتركيز على برامج التوعية والمتعلقة بقانون الطفل المعاق في المؤسسات الحكومية ومؤسسات المجتمع الأهلي وضرورة العمل مع المؤسسات الحكومية وغير الحكومية من أجل الدفع باتجاه تطبيق قانون المعاق الفلسطيني.
من جانبه أكد مدير وحدة البحث الميداني في مركز الميزان لحقوق الإنسان، سمير زقوت، أن الحصار الإسرائيلي يمنع دخول الأدوات الطبية والتأهيلية اللازمة للمعاقين، وكذلك يعرقل سفرهم للعلاج في الخارج.
وقال: "استمرار الحصار المشدد يعد عاملا مثبطا لقدرة الفلسطينيين على إنجاز قانون المعاقين الخاص رقم 4 لعام 1999، والذي يحمي حقوق المعاقين، ويضمن إشراكهم في العمل بنسبة 5% في كافة المجالات، بالإضافة إلى حقهم في الانتفاع من كافة الخدمات، ويلزم السلطات بمواءمة المباني الحكومية بما يتناسب مع ذوي الإعاقة.
وأوضح زقوت أن الفقر والبطالة يسهمان في إحداث إعاقات جديدة، وأضاف "أرباب الأسر العاطلون عن العمل لا يستطيعون توفير تغذية صحية ومتنوعة لأطفالهم، ما يعني إصابة الأطفال بفقر الدم والذي يسبب بطبيعة الحال في إعاقتهم"، مشيرًا إلى أن الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة أضافت أكثر من 700 معاق لتلك الشريحة.
وفق الإمكانات
من جانبه ذكر وزير الشؤون الاجتماعية م. أحمد الكرد لـ "الرسالة نت" أن وزارت تعمل مع المعاقين باتجاهين الأول من خلال إدارة المعاقين بالوزارة والأخر بالتواصل والتنسيق مع المؤسسات المعنية لضمان تقديم خدمات أفضل.
وبين أن الوزارة تقدم كفالة لجميع المعاقين بمقدار ألف شيكل لكل ثلاثة شهور فغالبيتهم يتلاقى هذه المساعدة المنتظمة، لافتا إلى تنسيق مع المؤسسات الأهلية التي توجد بكثرة في القطاع والتي تعادل بحسب الكرد جمعيات الأصحاء.
وأشار إلى وجود مؤسسات خاصة بفاقدي السمع وأخرى لفاقدي البصر وجميعها تقدم خدماتها بحسب الإمكانات المتاحة ، مشددا على أن الخدمات المقدمة هي غير كافة ولكنها مقبولة في ظل الوضع الصعب والحصار الذي يعاني منه القطاع .
وبحسب الكرد فإن جمعيات التأهيل توفر جميع الأدوات المساعدة للمعاقين كالكراسي المتحركة والسماعات والتي تساهم في التخفيف عنهم .
وبين أن عمليات أجريت مؤخرا لعدد من فاقدي السمع وأعادت إليهم سمعهم وتم إجراء جلسات تأهيلية لهم لمساعدهم على التعامل مع المجتمع بوضعهم الجديد.
ودعا ديوان الموظفين العام, المواطنين الفلسطينيين من ذوي الاحتياجات الخاصة والذين سبق لهم التقدم لإعلانات الوظائف التي أعلن عنها الديوان سابقاً بحسب الإعلانين الخارجيين رقم 13-16/2009, إلى ضرورة موافاته بالأوراق الثبوتية التي تؤكد صحة ونسبة الإعاقة لديه, وذلك في مدة أقصاها الخميس المقبل.
وأوضح الديوان أنه بصدد تنفيذ المادة رقم (34) التابعة للوائح قانون الخدمة المدنية المعدل للعام 2005, والتي تنص على مراعاة الدوائر الحكومية عند كل تعيين جديد, ضرورة استكمال نسبة الـ 5 % المحددة لتوظيف المعاقين.
وأكد الديوان أنه بصدد حجز نسبة 5% من أعداد ومسميات الوظائف المعلن عنها, بهدف تعيين المعاقين ومنحهم حقوقهم التي ينص عليها القانون.
وقال د. محمد إبراهيم المدهون رئيس ديوان الموظفين العام أن الديوان يحرص على الوقوف بجانب ذوي الاحتياجات الخاصة, ودعمهم وفقاً لما تنص عليه مواد قانون الخدمة المدنية المختلفة.
وطالب المدهون الجمعيات الفلسطينية التي تعنى بشؤون المعاقين, ضرورة منح المنتسبين إليها فرصة تقديم أوراقهم الثبوتية, كي يتسنى لهم الحصول على فرصة العمل في مختلف الوزارات والمؤسسات الحكومية.