أفرغت الخزانات تمامًا من المياه الصالحة للشرب في مركز الإيواء، فأخذ أبو محمد أبو جراد بيد ابنه الذي جفّت عروقه عطشًا وذهبا يبحثا عن شربة ماء علهما لا يظمآن بعدها.
في المكان المجاور لمنطقة نزوحه استطاع أبو محمد الظفر بزجاجة ماء بارد والأهم أنها صالحة للشرب، فلا شيء صالح للحياة هنا.
يقول أبو محمد لـ "الرسالة نت" إن مياه الشرب نفدت تمامًا بعد تعذر وصول سيارات المياه المفلترة إلى داخل مركز الإيواء الذي لجأ إليه وعائلته، خشية التعرض لقصف (إسرائيلي).
ويضيف: "أول ما طلعنا من بيوتنا أتينا إلى مدرسة شهداء الشيخ رضوان، وكانت سيارات المياه تملأ الخزانات كل يوم بالمياه المفلترة في الجالون".
ويعيش أبوجراد بصحبة زوجه وأبنائه الخمسة داخل صف داخل مدرسة الشيخ رضوان، ولا يستطيع شراء المياه يوميا. ويقول: "أحتاج إلى أكثر من 10 لترات مياه يوميا للشرب والطهي".
ويشير إلى أنه حاول الاتصال بموزعي المياه المفلترة لعلهم يتمكنوا من الوصول إلى المدرسة، لكن دون جدوى.
ومع قلة الامكانات ونقص المياه، يلجأ أبوجراد إلى غلي المياه غير الصالحة للشرب المجمعة داخل خزانات المدرسة، وتبريدها قبل شربها أو استخدمها للطهي.
وتجد بلدية غزة صعوبة في توصيل المياه الصالحة للشرب إلى معظم سكان قطاع غزة، بسبب تعطل مضخات المياه وتعذر الوصول إليها، إضافة إلى نفاد كميات الوقود.
ويأتي ذلك تزامنًا مع قطع الكهرباء جراء قصف الطائرات (الإسرائيلية) محطة التوليد الوحيدة في القطاع، إذ باتت غزة دون ماء أو كهرباء، وسط غياب دور المؤسسات الإغاثية والحقوقية.
ويتزود نحو 1.8 مليون نسمة بالمياه عبر 200 بئر للمياه توقف معظمها عن العمل، نتيجة انقطاع الكهرباء، وعدم وجود وقود يمكنه تشغيل المولدات الخاصة.
محمد عباس أحد موزعي المياه العذبة في حي الشيخ رضوان، يقول إن مناشدات الناس زادت خلال الفترة الأخيرة بسبب حاجتهم إلى المياه المفلترة في ظل الانقطاع الدائم للماء.
وأوضح عباس أنه لا يتمكن من الاستجابة لجميع الاتصالات، بسبب الخطر الذي يحدق به جراء من طائرات الاحتلال أثناء تلبية طلبات الناس.
ويضيف: "لقد قصوا إحدى سيارات تعبئة المياه. أخاف أن يستهدفوني في المرات القادمة، لذلك أقلل من حركتي خاصة مع حلول المساء، لأن ذلك يشكل خطرًا".
ووفرت لجنة زكاة الشيخ رضوان عبوات مياه عذبة لكل عائلة، تم تقديمها من فاعلي خير يتم تزويد النازحين في مراكز الإيواء بها.
ويقول أشرق قزاعر مدير التوزيع داخل اللجنة لـ"الرسالة نت": "اللجنة كانت تعبئ خزانات المياه المفلترة داخل مدارس الإيواء بالحي، إلا أنها لم تستطع الاستمرار بذلك بسبب نقص المياه".
بدورها أقدمت جمعية "ياردم" التركية الخيرية على توزيع جالونات مياه مفلترة بحجم (500 لتر) لأصحاب البيوت المدمرة والنازحين من حي الشجاعية وبيت حانون، على أن يتم تعبئتها لاحقا عن طريق الجمعية بالتعاون مع أهل الخير، إلا أن أزمة المياه حالت دون ذلك.
ويعتمد سكان القطاع حاليا على محطات تحلية المياه، لاستخدامها للشرب والطهي نظرا لارتفاع نسبة الأملاح وتلوث المياه التي تصل إلى منازلهم من الآبار التابعة للبلدية.