قائمة الموقع

الشهيد المغربي .. قارئ القرآن في ثغور الرباط

2014-08-26T23:17:27+03:00
والدة الشهيد
الرسالة نت_ ميرفت عوف

جلست الحاجة "أم جمال المغربي" في ساحة البيت التي نالت منها آلة الحرب الإسرائيلية ، تستظل بأشجار تزقق عليها عصافير اعتنى به ابنها كثيرا ، تنظر بعيون حائرة لمن يخرج ويدخل إلى بيتها أو بيوت أبنائها المحيطة بها ، كان الجميع يطل عليها وهو يؤدي مهامه المحدودة في الوقت الضيق لتلك " الهدنة" .

اثنين من أبناءها الثمانية  تتخيل أنهما سيدخلان من جوارها كعادتهما فيسلمان ويداعبان ، تردد هامسة : طولت علي يا حمادة ؟ لكن دون إجابة.

ما زلت الحاجة أم جمال من منطقة الزنة بخانيونس لا تصدق أن الشيخ عبد الحميد المغربي -30 عامًا - ( تحب أمه أن تناديه حمادة) ، – وشقيقه عبد الرحمن – 23 عامًا- استشهدا في الثلاث والعشرين من رمضان دون أن تتمكن حتى من وداعهما فتسلم عيناها أنهما قد رحلا .

القائد الميداني في كتائب عز الدين القسام الشيخ عبد الحميد أب لثلاث صبيان وفتاة  ، لا تنسي أمه كيف كان هذا الشيخ البار يُصبح عليها ثم يسألها : في حد بيخرب عليك يا حجة ؟ فترد مازحة : ما في غيرك يا حمادة.

ولا تنسي أيضا كيف فرح يوم رد الله عليه مالًا ساعدها به كي تعتمر ، فعاد يقول :رزقني الله بثلاث أضعاف ما أعطيتك يا أمي .

ثمان سنوات ونصف هي عمر زواج أم عبيدة من الشيخ عبد الحميد ، كان خلالها نعم الزوج الذي دفعها نحو العلم حتى باتت محفظة لكتاب الله كما أراد .

 تقول أم عبيدة أن زوجها كان دائما يتمنى الشهادة ، حتى أنه قبل أن يخرج من البيت بيومين قال لها مبتسمًا : هل ضروري أن استشهد في عامي الستين كما تريدين ، يكفي ثلاثين عامًا من العمر وأنال الشهادة".

 وتضيف :" كان يتعجب منى عندما أعرب له عن خوفي من الموت فيقول :" أنت حافظة للقرآن وتخافين الله ، لماذا تخافي من الموت؟"

رمضان قبل الأخير اختارته وزارة الأوقاف بغزة للإمامة في مساجد ماليزيا فهو ذو صوت شجي يحرص على تلاوة القرآن الكريم في الكثير من المناسبات.

الشيخ الذي درس الشريعة تسابق مع زوجته  في تلاوة القرآن الكريم قبل استشهاده ، ووعدها بهدية قيمة على عيد الفطر إذا تمكنت من ختم القرآن خمس مرات .

وعلى ثغور الوطن ارتقى شهيدا وهو ينهي الختمة السابعة للقرآن ، تقول زوجته :" استشهد والمصحف على صدره كما أخبرنا رفاقه  ، كان يقرأ جزء عم "، وتضيف :" كان لا يترك القرآن الكريم ، فأثناء الاستعداد للمعركة انشغل عن التلاوة قليلا ، فوجدته حزين يدعو الله أن يغفر له تقصيره ذاك ".

علي بعد بضعة أمتار من بيت أهله بني الشيخ بيتًا كما يقال "طوبة طوبة" ، تفاجئت أمه عندما طلبت منه أن يحصنه بالذكر خوفا من أن يطاله القصف العشوائي للمنطقة بقوله : " لا تقلقي يا أمي،ـ حصنته منذ سنوات ، قرأت القرآن على ماء الباطون  وأنا أبنيه "

تقول أم الشهيدان :" أصاب المنطقة خراب ليس هين ، ومرت الدبابة على بعد 50 سم من حائط  بيت الشيخ  ، وكان في كراجه سيارة ولم تؤذى ".

ترك الشيخ عبد الحميد خلفه ذرية تعشق الجهاد في سبيل الله ، فأبنه محمد يأبى الخروج من منزله بعد انتهاء الهدنة فكما قال لأمه :" بديش اطلع علشان يقصفوا البيت وأروح عند بابا في الجنة".

نظرات الحسرة ألقتها أم جمال على شقة أبنها الشهيد عبد الرحمن والتي باتت أثرا بعد عين بفعل نيران الاحتلال، تسترجع لحظات السعادة التي كانت تغمر أبنها كلما أنجز شيئا من البناء استعدادا للزواج .

تفاصيل المكان كفيلة بأن تقلب أوجاع الأم فلا زالت الأصوات التي تصدرها عصافيره حزنا على فراقه تملأ المكان .

اخبار ذات صلة
فِي حُبِّ الشَّهِيدْ
2018-04-21T06:25:08+03:00